الجمعة، 19 يوليو 2013

اليم - كلمة هيروغليفية - في قصة سيدنا موسي ( زمن المصريين القدماء ) الفراعنة.........................

الإعجاز الأثرى والتاريخى للقرآن الكريم فى استخدام الكلمة الهيروغليفية "اليم" فى قصة موسي عليه السلام

‏5 سبتمبر، 2012‏، الساعة ‏10:34 مساءً‏
الإعجاز الأثرى والتاريخى للقرآن الكريم فى استخدام الكلمة الهيروغليفية "اليم" فى قصة موسي عليه السلام:

لا يقتصر الإعجاز العلمى للقرآن الكريم حول حقائق العلوم البحتة، بل يمتد ليشمل إشارات تاريخية وأثرية كثيرة تقدم – بما لا يدع مجالاً للشك – أدلة قوية بأن هذا القرآن هو كلام الله عز وجل ووحى منه لمحمد صلى الله عليه وسلم.

من تلك النماذج سالفة الذكر هى ما تعرضت له الآية الكريمة فى سياق قصة موسي عليه السلام:
قال تعالى:

" وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ *  وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " (سورة القصص 7-9)

يقول ابن كثير فى تفسير هذه الآية: " وذلك أنه كانت دارها على حافة النيل ، فاتخذت تابوتا ، ومهدت فيه مهدا ، وجعلت ترضع ولدها ، فإذا دخل عليها أحد ممن تخاف جعلته في ذلك التابوت ، وسيرته في البحر ، وربطته بحبل عندها . فلما كان ذات يوم دخل عليها من تخافه ، فذهبت فوضعته في ذلك التابوت ، وأرسلته في البحر وذهلت عن أن تربطه ، فذهب مع الماء واحتمله ، حتى مر به على دار فرعون ، فالتقطه الجواري فاحتملنه ، فذهبن به إلى امرأة فرعون ، ولا يدرين ما فيه ، وخشين أن يفتتن عليها في فتحه دونها . فلما كشفت عنه إذا هو غلام من أحسن الخلق وأجمله وأحلاه وأبهاه ، فأوقع الله محبته في قلبها حين نظرت إليه ".

ولعل ما يثير الدهشة والحيرة فى الآية الكريمة السابقة هو استخدامها لكلمة "اليم"، وهى كلمة ليست من الكلمات العربية، ولم يرد ذكرها فى التراث اللغوى للعرب فى العصور الجاهلية قبل الإسلام. فى حقيقة الأمر كلمة "اليم" هى كلمة هيروغليفية استخدمها المصريون القدماء للتعبير عن معنى البحر (أنظر الكلمة فى الشكل المبين أدناه).

وكأحد الباحثين فى مجال علم الآثار والمصريات على معرفة بالأشكال التصويرية والمخصصات اللغوية والحروف الأبجدية للكتابة الهيروغليفية فى مصر القديمة، فلطالما استوقفتني هذه الآية الكريمة نظراً لاستخدامها لكلمة "اليم" الهيروغليفية فى هذا الموضع تحديداً من قصة موسي عليه السلام فى سورة القصص. وقد ظلت هذه الحيرة تشغل بالى حتى توصلت مؤخراً إلى أن استخدام هذه كلمة "اليم" التى تعنى "بحر" إنما هى  إعجازاً أثرياً آخر يؤكد ما ورد بالقرآن الكريم، لأنها تشير إلى فرع النيل القديم الذى كان يمر بهذه المدينة التى جرت فيها تلك الأحداث المذكورة بالقصة. فقد أثبتت الكشوف الأثرية أن فرعاً قديماً للنيل لم يعد موجوداً الآن كان يمر من مدينة "أواريس" (Avaris) – موقع تل الضبعة ثمانية كيلومترات إلى الشمال من مركز فاقوس بالشرقية (الإحداثيات: 30° 47’ N, 31° 50’ E) التى كانت عاصمة لملوك الهكسوس فى عصر الإنتقال الأول، كما كانت عاصمة لملوك الرعامسة فى عصر الدولة الحديثة إبان الوقت الذى ظهر فيه موسي عليه السلام بمصر من سلالة الأسباط الإثنى عشر (يوسف وإخوته) الذين استقروا فى شرق الدلتا فى عصر الهكسوس. وقد عثر بالمدينة على أربعة قصور ملكية تقع على حافظة فرع النيل القديم ترجع لعصور مختلفة، كما عثر أيضاً على ميناء بحرى كان يضم الأسطول البحرى لملوك الرعامسة.

ولكن يبقى التسائل الملح حول سبب استخدام القرآن الكريم للكلمة الهيروغليفية التى تعنى "بحر" بدلاً من استخدام كلمة "النهر" وهى كلمة هيروغليفية تختلف فى طريقة كتابتها ونطقها عن كلمة "اليم". والواقع أن فى هذا إعجاز آخر، فإنه من المألوف والدارج لغوياً لدى المزارعين فى أرياف مصر أن يطلقوا كلمة بحر على أفرع وقنوات النيل التى تمر بمدنهم، وهى ثقافة إجتماعية ولغوية لا تزال شائعة بين المصريين منذ عصر الفراعنة إلى يومنا هذا، فنرى – على سبيل المثال وليس الحصر – أهل الزقازيق يطلقون كلمة "بحر مويس" على فرع النيل الذى يمر بالمدينة، إلى جانب غيرها من الأمثلة التى لا تعد ولا تحصى فى صعيد مصر ودلتاه.

أوجه وحقيقة الإعجاز فى الآية الكريمة:
---------------------
من المعروف أن أقدم الكتابات والرموز الهيروغليفية التى عثر عليها يرجع تاريخها إلى الألف الرابع قبل الميلاد فيما يصطلح عليه بعصر ما قبل الأسرات، حيث عثر على حروف وكلمات هيروغليفية على بعض آنية الفخار التى نتجت عنها الحفريات بجبانة "جرزة" التى ترجع إلى حضارة نقادة الأولى والثانية التى تقع على حافة النهر إلى الشرق من الفيوم الحالية. واستمر استخدام اللغة الهيروغليفية بشكل متطور منذ  عصر الأسرات الأولى والثانية مروراً بكافة عصور الأسرات وحتى نهاية العصور الفرعونية باحتلال الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد. وكان من شأن تلك التغيرات السياسية أن انعكست على الكتابة الهيروغليفية سلباً حتى اضمحلت وصارت لغة ميتة، فبحلول القرن الرابع الميلادى لم يعد هناك من يتمكن من قراءة أو كتابة الهيروغليفية، خاصة بعد ان أصدر الإمبراطور الرومانى تيودور الأول قراراً عام 391 ميلادية بغلق كافة المعابد المصرية – بعد تبنى الإمبراطورية الرومانية المسيحية كدين رسمي للدولة، ومن ثم كان آخر أثراً تاريخياً يحمل نقوشاً بالكتابة الهيروغليفية هو نقش أثرى من مدينة فيلة التى تقع إلى الجنوب من أسوان، والذى يؤرخه الأثريون إلى عام 394 ميلادية.

ومن المعروف أن أول محاولات لفك طلاسم الكتابة الهيروغليفية ترجع إلى القرن التاسع والعاشر الميلادى حين نجح بعض العلماء العرب من أمثال ذو النون المصرى ، وابن وحشية العراقى فى فك طلاسم تلك اللغة الصعبة بل ونجحوا فى تحديد القيمة الصوتية لهذه للأبجدية الهيروغليفية، كما توصلوا إلي تعريف الأشكال ذات المقاطع الصوتية الثنائية والثلاثية التي توضع بعد نهاية الكلمات وأطلق عليها اسم "المخصصات" وهو المصطلح الذى يستخدمه الأثريون للتعبير عن الكتابة الفرعونية حتي وقتنا الحالي.

ولعل السؤال الذى يطرح نفسه هاهنا هو: كيف تمكن رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام الذى عاش فى الفترة من 570 إلى 632 ميلادية من التعرف على كلمة "اليم" الهيروغليفية التى لم تكن تنتمى إلى اللغة العربية فى هذا الوقت، بعد مرور أكثر من مئتى عاماً على اندثار الهيروغليفية، إلا إن كان ما ورد على لسانه فى تلك الآيات الكريمة هو وحى من الله عالم الغيب والشهادة؟

بحث مقدم من / أكرم عزمي عبد العزيز توفيق
خريج شعبة الآثار المصرية – كلية الآداب – جامعة الإسكندرية


المصادر:
- Aston D. A.,Tell el-Dabca XII. A Corpus of Late Middle Kingdom and Second Intermediate Period Pottery, in collaboration with M. Bietak and with the assistance of B. Bader, I. Forstner-Müller and R. Schiestl, UZK 23, Österreichische Akademie der Wissenschaften, Denkschriften der Gesamtakademie 28, Wien, 2004

- Tronchère H. et al, Geoarchaeology of Avaris: First Results, Ägypten und Levante 18, 327-339, 2008

- W. Bulmer & Company, Ancient Alphabets & Hieroglyphic Characters Explained: With an Account of the Egyptian Priests, Their Classes, Initiation, & Sacrifices, in the Arabic Language, 1806.

- Antonio Loprieno (1995). Ancient Egyptian: a linguistic introduction. Cambridge University Press. pp. 12–. ISBN 978-0-521-44849-9. Retrieved 31 October 2011.

- Richard Mattessich (2002). "The oldest writings, and inventory tags of Egypt". Accounting Historians Journal 29 (1): 195–208. JSTOR 40698264

منقول للفائدة

عالم الفلك و الفراعنة المصريين القدامي


معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها

اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الاصلي
معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها

منذ 2000 عام قبل الميلاد  كما نعلم كلنابنيت الأهرام التي تعد  بلا منازع احد أعظم الصروح التاريخيه لحضاره وادي النيل و التي يعتد بها الآن في أحد عجائب الدنيا السبع لما تحوي من عظمه و دقه بنائيه بالنسه لذلك العصر, والذي زاد من تلك الدقه اهتمام المصريين القدماء بعلم الفلك والذين يعدون احد اول الحضارات التي اهتمت بهذا العلم وتطبيقه في الامور العلميه و التنجيميه.
ان معرفتنا بالدرسات الفلكيه الفرعونيه ( المصرية القديمة )  قليله جدا, حيث ان معظم المعلومات الفلكيه كانت مرسومه على الأضرحه و القبور, ولكن الاكتشاف الاهم ان الأهرامات ، تربطها بالسماء علاقه وثيقه حتى انها بنيت على اشكال سماويه مما يشير الى ان هندسة الاهرامات هندسه معقده و ذكيه.
الكون الفرعوني
ان مما دفع قدماء المصريين للاهتمام بالنجوم و الاجرام الكونيه - هو ربطهم بعباداتهم حيث عبدوا الشمس و اطلقوا عليها اسم (رع) وقد تصوروها وهي محموله على قارب وتسبح في الفضاء الذي اطلقوا عليه اسم (شو) , وقد اعتقدوا ان الشمس عندما تغيب في الأفق الغربي ويحل الظلام تنزل الى العالم السفلي وأسموه (دات), ويأتي نائبه القمر واطلقوا عليه الاله (تحوت) ليحل محله.
وقد كانت الحضارات القديمه  ، تقدس الانثى، وانها المحتوى للخلق لذلك جعلوا منها آلهة للكون وتجلت هذه النظره عند قدماء المصريين - حيث مثلوا الارض وهي على شكل رجل مستلقي على بطنه اسمه الاله(جب) وكل شي في الارض من احياء وجماد على ظهره, وتصوروا السماء امرأه منحنيه محيطه بالارض ترتكز على اطراف اصابع يديها وقدميها واطلقوا عليها الآلهه (تحوت) حيث يحملها إلاه الفضاء شو.
أدوات الرصد عند قدماء المصريين
ابتكر الفراعنه ادوات بسيطه للرصد الفلكي وتحديد مواقع الاجرام الفلكيه, وكانت اهم آله اعتمدوا وهي عباره عن اداتين تستخدم من قبل راصدين اثنين, فالأداة merkht عليها هي (المركت)
الأولى عبارة عن غصن بلح قصير( شمروخ ) وسميك من احد طرفيه حيث يوجد في الطرف السميك شق رفيع
اما الأداة الثانيه فهي عباره عن مسطره ذات شاقول وهو خيط رفيع مربوط في اسفله قطعه من الرصاص حتى يشد الخيط ليصبح عاموديا, و تحمل بشكل أفقي.
وطريقة استخدام المركت هو ان يقوم شخص بالجلوس بإتجاه الشمال و الآخر بإتجاه الجنوب بالنسبة للراصد, وتحدد الساعات عندما يجتاز النجم الخيط العامودي في المسطره الأفقيه بحيث تمر بالقلب او بالعين اليسرى او اليمنى او في اي جزء من جسم المشاهد فمثلا يقال ( النجم أري فوق العين اليسرى للمشاهد الساعه الثالثه). اما في النهار فقد استخدموا المزوله الشمسيه (قياس ظل عامود مثلا) لتحديد الوقت.
التقاويم الفرعونيه
هذه الصورة توضح مواضع لمعالم الفضاء الفلكي لدي المصريين واستخدموها لتحديد الوقت بدقة متناهية

اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الاصلي
معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها

كان قدماء المصريين اول الحضارات التي قسمت السنه الى (360) يوم , حيث قسموا السنة الشمسيه الى ثلاثة فصول كل فصل يتألف من أربعة شهور, وقد اطلقوا على الفصل الأول الفيضان -او (قحط) والفصل الثاني هو (بيرث) او فصل الشتاء ويعني انزياح الماء من الاراضي , واطلقوا على الفصل الثالث الصيف- أو (شمو) ويعني شح المياه , وكانو يطلقون على السنين التي تمر عليهم رموزا خاصه تدل على الحاكم في تلك السنين.وقد حسبوا أيضا ايام السنه الشمسيه ،عن طريق شروقين Canis Major هي ألمع نجم في كوكبة (ال*** الأكبر) Sirius متتاليين لنجم الشعرى اليمانيه
وكان سبب اهتمامهم بهذا النجم انه يرتبط بموعد فيضان نهر النيل حيث تتساقط الأمطار الموسمية على مرتفعات الحبشة فتتدفق السيول نحو النيل فيرتفع منسوب المياه فيحدث الفيضان السنوي , وقد توقف حدوث الفيضان في الوقت الحاضر بسبب بناء (السد العالي )جنوب مصر. لذلك لاحظ الفراعنه ان الفيضان يحدث عند شروق نجم الشعرى اليمانيه فاتخذوها ساعه كونيه واحد اهم الأسس في التقويم الفرعوني لتحديد موعد قرب حدوث الفيضان, والغريب ان نجم الشعرى اليمانيه يرتفع عن الأفق الشرقي درجه واحده فقط عند شروق الشمس خلال فترة الفيضان مما يجعل رصدها صعب بسبب الشمس مما يجعل رصدها صعبا وقد أثار ذلك استغراب العلماء في الوقت الحالي.

اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الاصلي
معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها

كما استخدم الفراعنه ايضا السنه القمريه وعرفوا الشهر القمري من خلال شروقين متتاليين للهلال و قسموا السنه القمريه الى اثنا عشر شهرا, وقد اعتمدوا على التقويم القمري ليحددوا موعد الطقوس و المناسبات الدينيه حيث في كل سنه قمريه ثلاثة عشر عيدا رسميا ودينيا.
الكواكب و المجموعات النجمية
اهتم الفراعنة بالنظر الى السماء و مراقبة النجوم ربما بسبب صفاء الجو معظم ايام السنه حيث رصدوا النجوم و المجموعات النجميه كالشعرى اليمانيه (لأهميته في تحديد وقت الفيضان) واطلقوا Big Dipper تسميات وتصورات خاصه بهم على المجموعات النجميه حيث تصورا (الدب الأكبر)
على شكل رجل ممدود الذراعينCygnus على شكل عربه يجرها حصان و شبهوا كوكبة الدجاجه
وغيرها من المجموعات النجميه. أيضا اهتموا بالنجوم و اطلقوا على النجوم المحيطه، بنجم الشمال بالنجوم الخالده, ومن احد اسباب اهتمامهم بها - هو ان بعضها يمثل الفردوس، لأرواح ملوك الفراعنه.
واهتموا ايضا بالكواكب السياره الخمسة التي تشاهد على شكل نجوم لامعة واطلقوا عليها (النجوم التي لا ترتاح ابدا) بسبب حركتها المستمره بين النجوم وقد اطلقوا على كوكب المريخ (الحوري الأحمر ) واطلقوا ايضا على المشتري (بالنجم الثاقب) وزحل (حورس الثور), وقد اطلقوا ايضا على الزهره وعطارد (بنجمتي الصباح )عند ظهورهم في الصباح و (نجمتي المساء) عند ظهورهم بعد الغروب. ولقد كانت أرصادهم دقيقه للغايه حيث يتجلى ذلك، في تعامد اشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبد أبي سنبل بأسوان مرتين في السنه. التعامد الأول يحدث في يوم مولده وهو 22 فبراير و التعامد الثاني يحدث في 22 اكتوبر وهو يوم تتويجه للعرش .
لغز الأهرام وعلاقتها بالنجوم

اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الاصلي
معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها

ظن الناس منذ فتره ان الاهرامات هي فقط عباره عن مقابر لحفظ جثث الفراعنه وممتلكاتهم وقد تبين بعد ذلك انها صممت لأهداف اخرى واول من بدأ قصة الاكتشاف شاب بلجيكي هو روبرت بوفال سنة 1979 عندما قرأ كتاب عن الطقوس الدينيه لقبائل الديغون يدعى (لغز الشعرى اليمانيه)The Sirius Mystery

اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الاصلي
معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها

حيث درجوا على الاحتفال كل 50 سنه تقديسا لهذا النجم.
وتبين بالأرصاد الفلكيه ان لهذا النجم رفيق عباره عن قزم ابيض يدور حوله كل 50 سنه وتستحيل رؤيته بالعين ولم يشاهد الا بالمراصد الفلكية الكبيرة, و الغريب في الأمر انه كيف استطاعوا تحديد هذه المده بالذات , هل يعقل ان تكون صدفة .. لا أحد يعلم؟!!!
لذلك اهتم بوفال بالآثار القديمه وخصوصا الفرعونيه وتوقع انه يكتنفها العديد من الأسرار, وعند دراسته لأهرام الجيزه الضخمه (خوفو , خفرع , منكاورع) وجد انها عباره عن نقل لصورة نجوم النطاق او (حزام الجبار) وهي عباره عن ثلاثة نجوم مصطفه في السماء. وعند رصده لهذه النجوم وجد ان لمعان نجم (دلتا الجبار) يقل لمعانه عن النجمين الآخرين و ايضا ينحرف عن مستواهما وعندما اخذت صوره للأهرام من الجو وجد ان هرم منكاورع يقل حجما من الهرمين الآخرين اضافه لإنحرافه عن مستواهما وبذلك بدت الصوره مطابقه بشكل مذهل لنجوم حزام الجبار مما يدل على انهم نقلوا صورة النجوم الى الاهرامات, و يستدل على ان الموضوع ليس مصادفه من خلال ان الاهرامات الثلاثه تقع غرب نهر النيل و نجوم النطاق تقع غرب نهر المجره (الحزام المجري) وهي الحزمة الضبابيه التي تقطع السماء من الشمال الى الجنوب تماما.

معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها


ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل اكتشفوا ان الاهرام بنيت بهندسة غاية في الدقه حيث ان زاوية وموقع هذه الاهرامات نسبة الى نهر النيل تتناسق تماما مع زاوية نجوم النطاق نسبة الى نهر المجره مما يدل على ان نهر النيل هو انعكاس لنهر المجره. وقد حدث هذا التطابق قبل 10500 عام حيث كانت درب التبانه تشاهد وكأنها تقطع السماء من الشمال الى الجنوب مثل نهر النيل مما دفع الفراعنه لبناء اهرامات الجيزه بهذا الشكل.

معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها

ولقد اكتشف علماء الآثار فوهات في الأهرام تبتدأ من غرفة الملك وتنتهي بسطح الهرم, حيث وجدت فوهتين في غرفة الملك خوفو واثنتين ايضا في غرفة الملكه, احدى هاتين الفوهتين في غرفة خوفو تتجه جنوبا بإرتفاع 45 درجه تماما و الأخرى تتجه شمالا بإرتفاع 32 درجه و 28 دقيقه, اما فوهات الملكه فتتجه احداها جنوبا بإرتفاع 39 درجه و نصف والأخرى شمالا بارتفاع 39 درجه.
وقد ظن علماء الآثار ان هذه الفوهات هي عباره عن مسالك للتهويه و لكن ذلك لم يقنع عالم الآثار المصري ( ألكسندر بدوي ) اذ احس ان اهمية هذه الفوهات تحوم حول معتقدات شعائريه ودينيه حيث اكتشف الباحثون داخل هرم خوفو متونا تدل على ان الفرعون الذي يموت تصعد روحه عبرها حيث الخلود. لذلك عندما نظر بدوي خلال هذه الفوهات لم يرى نجوم ذات اهمية فإستعان بفلكية امريكيه تدعى (فرجينيا تمبل) التي درست تغير اماكن النجوم نتيجة ترنح الاعتدالين وهي حركه بطيئة تتغير فيه مواقع النجوم الظاهرية في السماء بدرجه واحده كل 70 سنه فوجدت ان زمن ميلاد الأهرامات اي قبل حوالي 2450 سنه كانت الفوهه الجنوبيه في غرفة الملك خوفو تتجه نحو حزام الجبار او بالأخص نجم (زيتا الجبار) والغريب بالأمر ان الهرم نفسه يطابق موقع هذا النجم, مما يدعم نظرية ان بناء الاهرامات تتطابق مع نجوم النطاق, و ايضا تتجه الفوهه الشماليه الى نجم الفا التنين (الثعبان) الذي كان النجم القطبي زمن الفراعنه وقد تغير موقعه بسبب الحركه الترنحيه للأرض.

اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الاصلي
معلومات لذيذه  عن اهرامات مصر يجب عليك قراءتها

وقد وجد الباحثون ان الفوهة الجنوبيه في غرفة الملكه تتجه نحو نجم (الشعرى اليمانيه ) , والفوهه الشماليه في غرفة الملكه فتتجه الى نجم بيتا الدب الأصغر(كوشاب) وهو ألمع الفرقدين.
وليس أهرام الجيزه فقط التي تصور السماء بل ايضا الأهرامات الأخرى كهرم ابو رواش الذي يقع شمال الجيزه يمثل نجم كابا الجبار وهرم زاوية العريان الذي يمثل نجم غاما الجباروهو ما يسمى عند العرب بــ( الناجذ) و الهرم الأحمر الذي يمثل نجم الدبران وايضا الهرم المنحني الذي بجانبه ويمثل نجم (ابسلون الثور) او مايسمى عند العرب بــ (القلائص).

بعض أسرار الأهرامات

عندما درس علماء الآثار الأهرام المصريه وجدوا فيها العديد من الأمور الغريبه و المدهشه في نفس الوقت وممكن تلخيصها في عدة نقاط وهي:
- الجهات الأربع لهرم خوفو يتجه الى الجهات الرئيسيه الأربع بشكل غايه في الدقه تفوق دقة اتجاه بعض المراصد العالميه.
- لو اخذت المسافه بين هرم خوفو ومدينة بيت لحم وقسمناها على الف سيكون الناتج 2138 وهو عدد السنين التي سبقت ميلاد النبي عيسى عليه اثناء بناء الأهرامات.
- نسبة مجموع وزن حجارة الهرم الى كتلتها يماثل نسبة مجموع وزن الأرض الى كتلتها.
- الظل الساقط من هرم خوفو يتحرك في كل يوم مقدار درجه واحده( بسبب انتقال موقع الشمس الظاهري في كل يوم مقدار درجة واحده), ولو حسبنا مقدار هذه الدرجات لوجدنا ان الظل يكمل 365 مره في السنه وهو عدد ايام السنه الشمسيه.
ان الناظر الى نتاج هذه الحضاره في الماضي يتساءل عن كيفية اكتشافهم واستخدامهم للحسابات الفلكيه وتطبيقها في البناء و العماره كما في الأهرامات وتطابقها مع بعض نجوم السماء و الأسرار التي اكتنفتها طوال هذه السنين ولم يتوقف الأمر الى هذا الحد بل أيضا برعوا في امور أخرى غير الفلك كتحنيط الموتى الذي حفظ أجساد الفراعنه بشكل مثير للدهشه حيث لايزال علماء الآثار يحاولون الاجابة عن هذه التساؤلات وسبرا سرار تلك الحضاره الى هذا اليوم
sared متصل الآن   رد مع اقتباس

الخميس، 18 يوليو 2013

فترة الحقبة الفرعونية...............................................................................................منقول


الحقبة الفرعونية
جيزة
تمتد الحقبة الفرعونية فى تاريخ مصر إلى نحو ثلاثة آلاف عام من عام 3200 قبل الميلاد حتى دخول الإسكندر الأكبر مصر عام 323 قبل الميلاد .
وقد شهدت مصر خلال الحقبة الفرعونية العديد من مراحل النهضة والتقدم التى تركت إرثاً هائلاً من مظاهر وآثار الحضارة والعمران والعلوم والفنون .
ويقسم المؤرخون الحقبة الفرعونية فى تاريخ مصر إلى ثلاثة أقسام متتالية هى :
- الدولة القديمة .
- الدولة الوسطى .
- الدولة الحديثة .
 كما يقسم المؤرخون هذه الحقبة إلى ثلاثين أسرة حاكمة مقسمة على هذه المراحل الثلاث من تاريخ مصر.
العصر العتيق (الأسرتان 1 , 2) :الملك مينا موحد القطرين الاسرة الاولى
يعود للملك " مينا " الفضل فى  تحقيق الوحدة السياسية لمصر حوالى سنة 3200ق . م  ، و استطاع أن يؤسس أول أسرة حاكمة في تاريخ مصر الفرعونية ، و قد أراد مينا أن يؤمن وحدة البلاد فأقام مدينة قرب رأس الدلتا سميت فيما بعد بأسم "ممفيس" ، وكانت هذه الوحدة عاملاً هاماً فى نهضة مصر فى شتى نواحى الحياة . 
الدولة القديمة ( الأٍسرات من 3 إلى 6 ) :
 
 
يعتبرعصر هذه الدولة فترة شباب مصر وقد تميزت بالاستقرار و الأمن و السلام ، مما يسر تقدمها أقتصادياً و ثقافياً و فنياً ، و قد انعقد لواء الحكم لملوك الدولة القديمة من بناة  الأهرامات حوالي 2800 ق . م بعد أن انتقل عرش البلاد إلى منف على يد الفرعون زوسر صاحب أقدم هرم معروف و هو الهرم المدرج بسقارة ، و ازدهرت حضارة مصر في أيام هذه الدولة ، وليس أدل علي ذلك من أهرامات الجيزة الضخمة للملك خوفو وخفرع ومنكاورع .
 
العصر المتوسط الأول ( الأسرات من 7 إلى 10 ):
 
 بدأ هذا العصر حوالي سنة 2200 ق . م حين انفلت زمام الحكم من يد الفرعون حتى استطاع  " منتوحتب الثاني"  توحيد البلاد مرة ثانية .
 
الدولة الوسطى ( الأسرات 11 ,  12 ) :
 
 
بعد أن تمكن"  منتوحتب الثاني " أمير طيبة حوالي سنة 2065 ق . م من إعادة توحيد البلاد قام بتأسيس حكومة قوية نجحت في توطيد النظام و استتاب الأمن مما ساعد علي انتعاش البلاد اقتصادياً و تقدم الفنون و العمارة ثم بدأ سنة 2000 ق . م حكم رجل عظيم هو أمنمحات الأول صاحب الفضل الأكبر في بناء النهضة التي ظهرت أيام الدولة الوسطى .  امينوفيس الثالث
 
ولقد حاز ملوك وملكات الأسرة الثانية عشرة شهرة عالمية فى ميادين السياسة والحرب والثقافة والحضارة والدين ، مثل  "أحمس" بطل التحرير, " امنحوتب الأول" العادل الذى أصدر قانونا بمنع السخرة وبوضع المعايير العادلة للأجور والحوافز, و"تحتمس الأول" المحارب الذى وسع الحدود المصرية شمالا وجنوبا ونشر التعليم وتوسع فى فتح المناجـم وصناعـة التعديـن ، و " تحتمس الثاني"  و" تحتمس الثالث" الإمبراطور صاحب العبقرية العسكرية الفذة وأول فاتح عظيم فى تاريخ العالم , و " تحتمس الرابع" الدبلوماسي الذى كان أول من اهتم بتدوين وتسجيل المعاهدات الدولية , و"امنحوتب الثالث" أغنى ملك فى العالم القديم والذي فتح المدارس " بيوت الحياة" لنشر التعليم والفنون التشكيلية والتطبيقية ،  و"إخناتون" أول الموحدين وأول ملك فى تاريخ الإنسانية نادى بوحدانية الله خالق كل شـــــئ , و" توت عنخ آمون" الذى حاز شهرة فى العالم المعاصر, ومن أشـهـر ملـكات هذه الأسرة عـلى سبـيـل المـثـال المـلـكـة " اياح حتب" زوجـــة الـــمــلك " سقنن رع" ، والـــمــلــكــة " أحمس نفرتارى " زوجة أحمس الأول ، والملكة " تى" بنت الشعب وزوجة امنحوتب الثالث وأم إخناتون ، والملكة " نفرتيتى" زوجة " إخناتون" والملكة العظيمة "حتشبسوت" التي حكمت مصر قرابة عشرين عاما وبلغت مصر فى عهدها أعلى قمة فى الحضارة والعمارة والتجارة الدولية حيث أرسلت البعثة البحرية التجارية والعلمية إلى بلاد " بونت" كذلك شيدت واحدا من أعظم الآثار المعمارية وأكثرها روعة وفخامة وهو معبد " الدير البحري" على الشاطئ الغربي للنيل فى مواجهة الأقصر وهو معبد فريد فى تصميمه وليس له مثيل بين معابد العالم القديم كلها ، كما شهد هذا العصر أيضا " ثورة إخناتون الدينية" حيث دعا إلى عبادة إله واحد ورمز له بقرص الشمس وأنشأ عاصمة جديدة للبلاد وأسماها "اخيتاتون".

العصر المتوسط الثانى ( الاسرات من 13 الى 17 ) :
 
 
خلال عصر الأسرة الثانية عشرة  حوالي سنة 1725 ق .تحتمس الثانى م قامت القبائل الرعوية التي كانت تسكن في فلسطين و أطلق عليها أسم "الهكسوس" بالإغارة على مصر واجتياح اراضيها ، فلما أخذت قوة الهكسوس في الضعف ، هب أمراء طيبة يكافحون في سبيل استرداد حرية بلدهم المسلوبة و قد كتب الله لهم النجاح وتمكن أحمس من الاستيلاء على عاصمتهم في الدلتا و طردهم من البلاد .
 
 
الدولة الحديثة ( الاسرات من 18 إلى 20 ) :
 
 
بعد أن طرد احمس الهكسوس رجع الى بلاده سنة 1571 ق . م حيث قضى على ثورات النوبيين جنوباً واتجه الى الاصلاح الداخلى فى البلاد واهتم بإنشاء جيش عامل منظم وسلحه بكل الأسلحة المعروفة فى ذلك الوقت وزوده بالعجلات الحربية، ويُعد رمسيس الثانى من أشهر ملوك هذه الدولة وتعتبر حروبه آخر المجهودات التى بذلها ملوك الدولة الحديثة فى سبيل المحافظة على الوحدة  وقد انتهت خصومته مع ملك الحيثيين بتوقيع معاهدة عدم اعتداء بين الطرفين بعد معركة قادش ، وتُعد هذه المعاهدة أول معاهدة سلام فى التاريخ واصبحت مصر قوة كبرى ، وصارت بذلك امبراطورية عظيمة مترامية الأطراف .
 
العصر المتأخر ( الأسرات من 21  إلى 30) :
 
 
كان هذا العصر فصل الختام في التاريخ الفرعوني حيث تعرضت مصر منذ حكم الأسرة 21 وحتى الأسرة 28 لاحتلال كل من الآشوريين عام 670 ق.م ، ثم الفرس حتى انتهى حكم الفراعنة مع الأسرة الــ 30 ودخول الإسكندر الأكبر مصر .

فنون الحضارة الفرعونية  :
 
 
العمارة : برع المصريون فى فن العمارة وآثارهم الخالدة خير شاهد على ذلك ففي الدولة القديمة شيدت المصاطب والأهرامات وهى تمثل العمائر الجنائزية، وأول هرم بنى هو " هرم زوسر" ، ثم "هرم ميدوم"، إلا أن أشهرها جميعاً أهرامات الجيزة الثلاث وتمثال أبو الهول وشيدت فى عهد الأسرة الرابعة وبلغ عدد الأهرامات التي بُنيت لتكون مثوى للفراعنة 97 هرماً .
بناء هرم خفرع المعقد تم ربط الهرم و هيكل الموتى بهيكل الوادى بواسطة ممر طويل                                 ثم بدأ انتشار المعابد الجنائزية فى عصر الدولة الوسطى واهتم ملوك الأسرة الـ 12 بمنطقة الفيوم بأعمال الري فيها، وأشهر معابد أنشأها ملوك هذه الأسرة معبد " اللابرانت"  أو "قصر التيه" كما سماه الإغريق والذي شيده الملك " أمنمحات الثالث" فى هوارة قرب الفيوم كما شيد القلاع والحصون والأسوار على حدود مصر الشرقية. ويعتبر عصر الدولة الحديثة أعظم فترة عرفتها أساليب العمارة والصور الجدارية والحرف والفنون الدقيقة التي تظهر على حوائط بعض المعابد الضخمة المتنوعة التصميمات كالكرنك والأقصر وأبو سمبل .
ويعتبر عهد " تحتمس الأول" نقطة تحول فى بناء الهرم ليكون مقبرة، ونحت مقابر مختفية فى باطن الجبل فى البر الغربي بالأقصر تتسم بالغنى والجمال فى أثاثها الجنائزي ويظهر ذلك بوضوح فى مقبرة الملك " توت عنخ  آمون" .
وقد عمد فنانو هذه الدولة - للحفاظ على نقوش الحوائط - إلى استخدام الحفر الغائر والبارز بروزاً بسيطاً حتى لا تتعرض للضياع أو التشويه، وآخر ما اكتشف من مقابر وادى الملوك مقبرة أبناء رمسيس الثاني التي تُعد من أكبرها مساحة وتحتوى على 15 مومياء .
أما المسلات الفرعونية فقد كانت تقام فى ازدواج أمام مداخل المعابد وهى منحوتة من الجرانيت، ومن أجمل أمثلة عمائر عصر الإمبراطورية المصرية القديمة معابد "آمون" و"خـــوفـو"و"الــكـرنـــك"و"الأقـــصر" و"الـرمـسيــوم" و" حتشبسوت" بالبر الشرقي والمعابد الـمـنـحـوتة في الـــصخـر مـثـل"أبـو سـمـبل الـكــبــيـر" و"أبو سمبل الصغير " .
وظهرت اتجاهات جديدة فى فنون العمارة والفنون التشكيلية والتطبيقية وضحت بصورة واضحة فى فن نحت التماثيل الضخمة والصغيرة وزخرفة أعمدة المعابد والنقوش الجدارية .
 
الأدب : تؤكد آثار المصريين براعتهم فى الكتابة والأدب ويظهر ذلك واضحاً فيما تركه المصريون من آثار، ولن ينسى التاريخ فضل المصريين على الإنسانية فى اختراع الكتابة التي سماها الأغريق "بالخط الهيروغليفي" وتتكون الأبجدية الهيروغليفية من 24حرفاً .. واستخدم المصريون القدماء المداد الأسود أو الأحمر فى الكتابة على أوراق البردى .•شكل لورقة من البردى مدون عليها مبادىء تعليمية ومعروفة الان باسم كتب ارشادية
وبرع المصريون فى الأدب الديني الذى تناول العقائد الدينية ونظرياتهم عن الحياة الأخرى وأسرار الكون والأساطير المختلفة للآلهة والصلوات والأناشيد ومن أقدم أمثلة الأدب الديني " نصوص الأهرامات و "كتاب الموتى " .
كما برع الأديب المصرى القديم فى كتابة القصص وحرص على أن تكون الكلمة أداة توصيل للحكمة وآداب السلوك وظل المصريون حريصين على رواية تراثهم من الحكم والأمثال وعلى ترديدها بأعيادهم واحتفالاتهم وتقاليدهم .
وبذلك كان المصريون من أحرص شعوب العالم على تسجيل وتدوين تاريخهم والأحداث التي تعرضوا لها فى حياتهم وبهذه الخطوة الحضارية ظهر العديد من الأدباء والحكماء والمثقفين المصريين الذين تركوا لنا أعمالا تدل على مدى رقي الفكر والثقافة فى مصر .
 
الموسيقي : أحب المصرى الموسيقى والغناء، وأقبل المصريون على الموسيقى واستخدموها في تربية النشء وفي الاحتفالات العامة والخاصة وخاصة فى الجيش، وكذلك استخدموها فى الصلوات ودفن الموتى. وقد عرف المصريون فى عصر الدولة القديمة آلات النفخ والوتريات مثل "الهارب" (اسمها الفرعوني تيبوتى) وابتدعوا أنماطا وأشكالا من الآلات التي تؤدى الإيقاعات والنغمات المختلفة وقاموا بتطويرها عبر مراحل تاريخهم  القديم .
 
الملابس والزينة :
التزين عند الفراعنة
عرف المصريون التزين بالحلى , وتميزت مصنوعاتهم بالدقة الفنية العالية وجمال التشكيل ، واستمدت العناصر الزخرفية من الطبيعة مثل نبات البردى والنخيل وزهرة اللوتس والأحجار الكريمة ، واستخدموا التمائم التى اعتقدوا انها تحميهم من قوى الشر ، وحرصت المرأة بصفة خاصة على الإهتمام بزينتها واستخدمت الكحل والأساور والعقود والخواتم والقلائد والحنة، كما اختلفت الملابس فى مصر الفرعونية من طبقة إلى أخرى ، وكانت الملابس تصنع من الكتان الناعم أو من الأقمشة الحريرية المستوردة من بلاد سوريا القديمة، كما تنوعت الملابس باختلاف المناسبات .
 
 

للفن المصري القديم أسرا

من أسرار أوزير و علاقته بالقمر  :

من أسرار أوزير و علاقته بالقمر
من أسرار أوزير و علاقته بالقمر

عرف الانسان  المصري القديم  في الحضارات القديمة أسرار الطبيعة , و بنى نظام حياته العادية بحيث
  يتوافق مع النظام الكونى .
و من أسرار الطبيعة التى توارثها الفلاحين عبر آلاف السنين سر دورة
( الميلاد / الموت / البعث من جديد) , و هى الدورة "الأوزيرية" التى كانت في وجدانهم
مرتبطه بالقمر حيث كان أوزير هو الكائن الالهى الذى ينظم تلك الدورة و كان يقوم بذلك عن طريق ايقاع القمر .
ينقسم الشهر القمرى الى نصفين كل نصف منهما يستغرق
14 يوم .
النصف الأول من الشهر القمرى هو دورة النمو , فالقمر يولد هلالا صغيرا فى أول الشهر ومن ثم  يأخذ فى النمو التدريجي يوما بعد يوم الى أن يصل الى تمام نضجه يوم 14 من الشهر القمرى . و بعد أن يكتمل نمو القمر ـ  و يصل الى غايته و مداه , ليس بعد التمام الا النقصان فيبدأ القمر فى النقصان و الموت التدريجى الى أن يموت نهائيا فى آخر الشهر و يتحول الى "محاق" , أى قمر ميت تماما . دورة الموت و الحياة الأبدية المستمرة -
و من ذلك المحاق يولد القمر الجديد فى دورة نمو جديدة .
تكون الطاقة فى النصف الأول ، من الشهر القمرى ، هى طاقة نمو ... حيث ينمو القمر و يزداد و يغذى معه النبات الذى غرس فى نفس الوقت بطاقة النمو و الحياه . أما النصف الثانى من الشهر القمرى فتكون الطاقة فيه طاقة موت و لا تساعد على نمو البذور بالشكل الأمثل . بالطبع قد ينمو النبات الذى زرع بعد اكتمال القمر و ينتج ثمارا , و لكنه يكون مثل شخص يسبح ضد التيار . قارن بين اثنين من السباحين , أحدهما يسبح مع التيار و الاخر يسبح ضد التيار . فى النهاية سيصل كل منهما الى غايته , و لكن السباح الذى كان يسير مع التيار سيبدو مرتاحا و قويا , بينما سيبدو السباح الآخر منهكا و ضعيفا .
عرف الفلاح فى مصر (و فى كل الحضارات القديمة) هذه الأسرار عن
علاقة القمر بطاقة النمو و النضج و الموت , فكانوا يتبعون هذه الدورة ,
و يبدأون بغرس بذور النباتات التى يريدون زراعتها فى بداية الشهر القمرى .
و هذ السر هو أحد أسرار علم الأسترولوجى التى كان يعرفها انسان الحضارات القديمة .
و من المؤسف أن انسان الحضارة الحديثة أهمل تلك العلوم , و خرج تماما عن ايقاع الطبيعة و انفصل عنها بايقاعه الخاص لكى يعزف نغمة نشاز لا تنسجم مع الكون .
أصبح الانسان يخطط بعقله دون تأمل ايقاع الطبيعة , ثم عاد ليشكو
من انتشار الفساد و أصبح يردد عبارات مثل "الدنيا ما عادش فيها بركة" .
ان البركة التى يفتقدها انسان العصر الحديث هى التناغم مع الطبيعة .
جرب بنفسك أن تبدأ زراعة نبات فى يوم ميلاد القمر الجديد , و بعد
فترة جرب - أن - تزرع نفس النبات فى نفس الظروف و لكن بعد اكتمال
القمر(أى فى أثناء دورة موت القمر) و شاهد بنفسك النتيجة و الفرق
بين الحالتين . ستلاحظ أن االفرق بينهما تماما مثل من يسبح مع التيار و من يسبح ضده .
يمكنك أيضا أن تطبق نفس المبدأ على بداية المشروعات الجديدة
و لاحظ تأثير دورة القمر على ما تقوم به .
اتبع ايقاع الطبيعة و لا تعزف وحدك . ففي قانون الطبيع يكون اتجاهك منسجما و متناغما مع القانون الالهي الذي وضعه الله من أجلك دائما.

من فنون المقابر المصرية القديمة




ايزيس و نفتيس من مقبرة "تاو – سرت" و "ست – ناخت" بوادى الملوك





ايزيس و نفتيس
من مقبرة (تاو – سرت" و "ست – ناخت) هناك بوادى الملوك , أحد أجمل المشاهد التى تصور ايزيس و نفتيس معا .
و عند ظهور ايزيس و نفتيس متجاورتين , نلاحظ أن الفنان المصرى القديم كان يجعل نفتيس خلف ايزيس .
ايزيس دائما فى الظاهر ..... و نفتيس دائما كامنة فى الباطن .
و هما متلازمتان و كأنهما وجهان لعملة واحدة .
تلك العلاقة  ،التى  كانت تربط بين ايزيس و نفتيس كما تظهر أمامنا فى الفن المصرى  ، القديم ، و هي  ترمز للعلاقة بين الظاهر و الباطن فى الكون , و نجد
أحد أشهر أمثلة تلك العلاقة - تتجلى فى نجم الشعرى (Sirius) .
كان نجم الشعرى (سوبدت)  ، هو أحد الرموز التى ارتبطت بايزيس عند قدماء المصريين . و لكن نجم الشعرى ليس نجما واحد و انما هو فى الحقيقة نجمان , أحدهما ظاهر و يرى بالعين المجردة , بل هو أكثر النجوم لمعانا فى قبة السماء و يعرف باسم نجم زيريوس أ (Sirius A) . تأمل كيف كان يفكر المصري القديم
أما النجم الآخر فهو نجم قزم لا يرى بالعين المجردة يعرف باسم سيريوس ب (Sirius , و هو نجم اكتشفه العلماء حديثا , و هو يدور حول نجم سيريوس الظاهر دورة كاملة كل 50 سنه .
كانت نفتيس تلازم ايزيس فى كل الأحداث الميثولوجية التى وقعت
عند نشأة الكون و هى أيضا ، التى تلازمها فى العالم الآخر (الدوات) , الذى تذهب البه أرواح البشر بعد الموت .
و دور نفتيس يكون أكبر فى ذلك العالم , لأنها هى رمز لما خفى
فى الباطن . و تأمل نأثر الفنان المصري القديم من مشاهداته و استغراقه في تأمل الكون من حوله .

هل الهرم مقبرة حقيقية أم مقبرة رمزية أم ماذا ؟

 حقيقة بناء الهرم
هناك تساؤل يثور بين الحين و الآخر ، ألا و هو :
هل الهرم مقبرة حقيقية أم مقبرة رمزية :-
هل الهرم مقبرة حقيقية أم مقبرة رمزية
هل الهرم مقبرة حقيقية أم مقبرة رمزية

منذ بداية ظهور علم المصريات فى عام 1820 , و العلماء متفقين في الفكر و الرأي
على فكرة أن هرم الجيزة الأكبر بنى ليكون مقبرة لملك مصر , و أن كل هرم من أهرامات مصر كان يحوى بداخله مومياء الملك الذى بناه .
و من أشد المدافعين عن نظرية "الهرم المقبرة" العالم الانجليزى والس بدج (Wallis Budge) , الذى كتب يقول :
( بنى الهرم لا ليكون مرصدا فلكيا أو نموذجا مصغرا لأبعاد الكون , و انما بنى ليكون "مقبرة" ..... و لا شئ غير مقبرة ) .
ما الذى يجعل الأثريين على يقين من أن الهرم ما هو الا مقبرة ؟
و الاجابة ببساطة أن الصندوق الحجرى (الجرانيتى) الذى عثر عليه داخل غرفة الملك مناسب جدا لوضع مومياء انسان بداخله , فهو تقريبا فى حجم جسم الانسان , مع الوضع فى الاعتبار أن المومياء قد توضع داخل تابوت أخر (خشبى أو ذهبى قبل أن تحفظ داخل الصندوق الجرانيتى .
و يقترح عالم الآثار الفرنسى (J.P. Lepre) أن يكون هرم خوفو "مقبرة رمزية" و أن يكون الصندوق الجرانيتى هو رمز "لشئ ما" متعلق بقصة نشأة اللكون عند قدماء المصريين . و فى هذه الحالة لا يتوقع
(J.P. Lepre) أن تكون مومياء الملك خوفو مدفونة داخل هرمه , و انما هى مدفونة فى مكان آخر , ربما يكون أبيدوس !
لاحظ (J.P. Lepre) أن غرفة الملك صنعت من الجرانيت و بصفات معمارية ،متميزة ، ليست كغيرها من الصفات المعهودة قبل ذلك ،
خاصة جدا تميزها عن أى مكان آخر داخل الهرم , و بتصميم هندسى نادر يعتبر بمثابة تتويج لجهد من قام بهذا العمل الضخم . هذا التميز
و الخصوصية لا يبررهها الا كون هذه الغرفة بنيت لتكون المثوى الأخير لجثمان ملك مصر .
كما لاحظ (J.P. Lepre) أن الصندوق الجرانيتى بغرفة الملك حجمه مناسب تماما ليستوعب ثلاثة توابيت خشبية أحدها داخل الآخر .
و يشير (J.P. Lepre) الى اهتمام قدماء المصريين الكبير ،الكبير  و الملحوظ ،بغلق الصندوق الحجرى باحكام استحال معه فتح الصدزق بدون تعرضه للكسر , و أيضا اهتمامهم الأمني الذي يبدو  في حماية غرفة الملك بشكل خاص . فما هو ذلك الشئ الذى يحظى بتلك الأهمية الكبرى لدى قدماء المصريين ان لم يكن مومياء الملك ؟!.





الجمعة، 14 يونيو 2013

المدخل للعمارة المصرية القديمة

العمارة المصرية
ما تكاد تبدو صورة هرم أو مسلة أو صرح يتوجه كورنيش منحن إلا ونتذكر مصر ، ولا يكاد اسم مصر يطرق الأسماع إلا وترتسم في المخيلة صور معابدها العظيمة ومسلاتها الشاهقة وأهراماتها الضخمة ومقابرها الفخمة حتى ليكاد كل منها يكون علما عليها ، مما يشهد بما كان لها جميعا من عظيم شأن وبالغ أهمية في الضارة المصري .
وقد كانت المعابد و المقابر المصرية تثير أعجاب كل من شاهدها ، وها نحن لا نزال نجد فيما بقى مما أنشأه المصريون من عمائر وما أقاموه من صروح ومسلات وأساطين من الجلال والروعة ما يملأ النفس إعجابا بها وتقديرا لمن أقاموها . وقد قال عنهم شمبليون : ما من شعب قديم أو حديث تصور فن العمارة على نحو فخم وعظيم وجليل كالمصريين القدماء . لقد كانوا يتخيلون وكأنهم أناس طولهم مائة قدم ، وان الخيال في أوروبا الذي يحلق فوق بواباتنا ليقف خائرا عند أقدام الأساطين المائة والأربعين في بهو الكرنك .
وفي الحق ليس من شعوب العالم من أكثر البناء ، وتحكم في كميات هائلة وضخمة من الأحجار ، ومن بلغ السعة والضخامة في البناء كالمصريين . ولا يقتصر الأمر على الضخامة والكم فحسب ، وإنما تدل العمارة المصرية أيضا على شعور دقيق بالأشكال المعمارية ، وهو ما يتجلى بصفة خاصة في الأساطين على شكل النخيل والبردي . وإذا كنا نعجب الآن بما شيدوا من عمائر ، نجد فيها صورا مختلفة من الجمال ، فما من ريب في أن أثرها على المصريين قد كان اقوي بكثير يوم كانت تؤدي فيها الشعائر والمناسك ، ويملأ أجواءها عبير البخور .
على أن ما حفظ من عمائر المصريين ضئيل جدا بالنسبة لما اندثر منها ، ذلك لان من المنشآت ما كان من مواد ضعيفة لم تستطع مغالبة عوادي الزمن فغدت أطلالا دارسة ، ومن الأساطين والجواسق ما كان من خشب لم يبق الزمن منه على شيء . ومنها ما هدم لإقامة بناء آخر مكانه أو لاستخدام أحجاره في مبنى جديد . وفي العصور المظلمة من تاريخ مصر تعرضت المعابد والمقابر لكثير من الاعتداءات ، ونهبت ذخائرها ، وخرب منها عدد غير قليل .
وكانت المباني المنشأة من حجر الجير أكثر من غيرها تعرضا للدمار ، إذ كانت الأحجار تقتلع منها ليبنى بها من جديد أو ليصنع منها أفضل أنواع الكلس .ولا ننسى اثر النيل في تدمير بعض المباني عند الفيضانات وأيضا هناك اثر كبير للحروب والثورات والظروف الطبيعية كالزلازل في تدمير بعض المباني .
لهذا كله ليس من الغريب أن يزيد ما بقى من مقابر المصريين كثيرا على ما حفظ من قصورهم وبيوتهم ومعابدهم ، ذلك لان المقابر إنما كانت تبنى على حافة الصحراء أو تنحت في الصخر ، أما البيوت والمعابد فكانت غالبا في المدن حيث تعرضت للتغير والهدم خلال العصور الماضية .
ومع ذلك فان ما بقى من عمائر المصريين كثير لا يمكن حصره . وكان المصريون من اشد الأمم تمسكا بعاداتهم وتقاليدهم ، ومن شأن العقائد الدينية و الجنازية التمسك بصيغها وما ورثته من طرز وأشكال . لذلك تحتفظ المعابد والمقابر المصرية في عصورها المختلفة بكثير من أشكالها الأولى ، وفيها يتجلى أثر العوامل المختلفة وما صاحب نشأة البناء من صفات وخصائص بما أضفى على العمارة المصرية في كافة عصورها طابعا عاما يميزها عن عمارة سائر الأمم والشعوب . بيد أن ذلك لم يمنع من أن تتراءى فيها روح كل عصر ، وتتردد فيها أصداء كل تقدم ، ويتجلى فيها تطور نبوغ المصريين في فن البناء ، ثم أنها لتنم عما لابسها من ظروف سياسية واقتصادية ، وهي بذلك سجل حافل معرفة تطور أحوال مصر خلال قرون .
وبينما كان المصريون يبنون بيوتهم وقصورهم من اللبن ، فقد عنوا كثيرا بمعابد الآلهة ومقابر الموتى ، يختارون لها أفضل المواد وأقواها مهما كلفهم ذلك من جهد ومشقة . وكانوا يعلون في بنائها ويزيدون فيها ، أو ينحتونها في الصخر الأصم لتكون بيوتا خالدة على الزمن ، جديرة بالآلهة والموتى الأبرار ، لذلك كان للعمائر الدينية والجنازية اكبر الشأن في العمارة المصرية . وكانت منذ الدولة القديمة على الأقل على أوثق صلة بفنون النحت والنقش والتصوير ، لذلك كان يلاحظ عدم خلو أي معبد أو مقبرة من التماثيل والرسومات المنحوتة ولا يمكن تقبل أي معبد أو معلم بدون التماثيل والفنون الزخرفية .
وقد جبل المصريون منذ عصور ما قبل الأسرات على زخرفة أوانيهم وأدواتهم وأسلحتهم وما صنعوا من أثاث وتوابيت ، وان كان ذلك في اعتدال واتزان ، إلا انه اقتضى عملا وجهدا يزيد على ما كانت تقتضيه الأغراض العملية ، وقد رفع ذلك من قيمة ما انشئوا وأضفى عليه طابعا فنيا جميلا . كذلك لم يشأ المصريون أن يتركوا ما في الجدران والسقوف في المعابد والمقابر من مساحات شاسعة عاطلة فزينوها بالصور والنقوش وبعض العناصر الزخرفية مما يتفق وأغراضهم الدينية والجنازية ، ويرضى مشاعرهم الفنية أيضا ، إذ ليس بخفي ما يتجلى في دقة التصوير وحسن تأليف الصور والزخارف واتساق الألوان من قيمة زخرفيه . وفضلا عن ذلك فان النقوش لتتسق وطراز البناء أتم اتساق وذلك بقلة بروزها أو ضالة غورها مما يدل على ما كان يجمع بينهما من صلة .
وكانت نقوش معبدي هرم ساحورع والطريق الصاعد تشغل نحوا من عشرة آلاف متر مربع ، وليس بعد هذا دليل على ما كان بين النقش والعمارة المصرية من علاقة وطيدة وعلى أهميته لها ، وإلا فكيف كانت تبدو المسطحات الشاسعة بغير نقوشها الملونة التي تحليها ، وكيف تكون مثلا مقبرة مرروكا ذات القاعات ألاثنتي والثلاثين ، أو قبر سيتي الأول بدهاليزه وقاعاته المحفورة في الصخر ، أو بهو الأساطين في معبد الكرنك ، أو قاعة العمد الكبرى في معبد أبو سنبل العظيم إذا خلت جدران كل من نقوشها .
ويزيد في تبيان العلاقة بين النقوش والعمارة أن المصريين وان كانوا قد بدؤوا منذ وقت مبكر يكتبون على البردى بخط هيراطيقي ثم بعد ذلك بخط ديموطيقي ، فإنهم ظلوا يحتفظون على مدى تاريخهم الطويل بالخط الهيروغليقي يسجلون به في الحجر ما شاءوا من نصوص دينية ودعوات وأخبار وما يصاحب الصور والناظر من عبارات . والخط الهيرغليقي زخرف جميل ، علاماته شخوص وأشكال ، كان الفنان يعنى برسمها وتنظيمها وتلوينها بما يتسق وما يحلى الجدران من مناظر حتى ليعتبر أجمل خط خطته يد الإنسان .
يضاف إلى هذا كله أن المصريين كانوا يعتقدون أن في التمثال والصورة ما يفيد صاحبهما في الآخرة ، وانه يضار إذا تعرضا للتلف ، وان روحه تنعم بما يصور لها من شعائر ومناظر على الجدران وما يقدم لتمثاله وصورته من قربان ويتلى أمامهما من دعاء . لذلك أكثروا من إقامة التماثيل في المعابد والمقابر ، وحلوا جدرانها بالنقوش والصور فلا يكاد يخلو منها جدار .
نخلص من هذا إلى انه كان يستحيل من وجهة النظر المصرية أن تستغني العمارة الدينية والجنازية عن النحت والنقش والتصوير ، وان التماثيل والنقوش والصور كانت جزءا من المعابد والمقابر بحيث لا يجوز إغفالها إذا أريد تقدير العمارة المصري على أساس سليم وقصد إلى الاستماع بها على نحو صحيح .
هذه الصلة الوثيقة بين الفنون المختلفة هي أساس ما يجمع بينها جميعا في كافة أزمنة التاريخ المصري القديم من صفات مشتركة ، تؤلف بينها وحدة متكاملة في اتساق فني جميل . وليس أدل على ذلك من انه لو أقيمت بعض تماثيل الأسرة الرابعة في مباني زوسر لبنا كل منهما على الآخر ولما كان بينهما ما يجمع عمارة زوسر وتماثيله من اتساق وتوافق . ولو حليت بعض مباني الأسرة الرابعة بنقوش من طراز نقوش الأسرة الثالثة أو الخامسة لفقدت عمارة الأسرة الرابعة كثيرا من جلالها وعظمتها ، وضاعت فخامتها وروعتها . ولو أقيمت في معبد الوادي للملك خفرع تماثيل من طراز تمثال زوسر أو على غرار تماثيل الأسرة الخامسة لما كان بينهما ما كان بين تماثيل ذلك المعبد وعمارته من تناسق و وحدة فنية .
وعلى هذا النحو لو حليت جدران معبد الدير البحري بنقوش من طراز نقوش الرعامسة ، أو أقيمت في أنحائه تماثيل على شاكلة تماثيل رمسيس الثاني لفقد المعبد الاتساق الذي يجمع بينه وبين نقوشه وما كان يحتويه من تماثيل . ولو نقشت المعابد الضخمة من عهد الرعامسة بنقوش دقيقة أنيقة من طراز النقوش من عهد أمنحوتب الثالث لفقدت هذه المعابد ما يجمعها بنقوشها من توافق .
وما ريب في أن ما يتمثل بين عمارة كل زمن وتماثيله ونقوشه وصوره من اتساق وتناسق إنما يرجع إلى روح كل عصر ، وانه كانت تجمع البنائين والنحاتين والنقاشين والمصورين روابط قوية من نظم وتقاليد ، ومشاعر وأفكار ، ومثل وأهداف ، وصلات وطيدة من جنس وزمان وبيئة ، وأنهم كانوا يستلهمون إيحاءات متشابهة تقرب بين أعمالهم ، وقد عقد هذا كله الصلة بين العمارة والنحت والنقش والتصوير ، بل إنها لتتعاون جميعا في تحقيق ما قصد إليه منها من أهداف وغايات في تكامل وتوافق .
وليست تقام البيوت والمعابد والمقابر إلا لتحقيق ما يراد منها من أغراض وتوفير المكان المناسب لما يحتاج إليه من متاع وأدوات مما يعقد الصلة كذلك بين المبنى والغرض منه وما يودع فيه من أثاث ، وخاصة ما كان يفرد له مكان ثابت كالزوارق والنواويس وموائد القرابين والمسلات والتوابيت وغيرها مما عسى أن يكون له أثره في تخطيطه أو مظهره ، وهو ما ينبغي أن يكون موضع الاعتبار . وقد ضاع ما كانت تحتويه البيوت والمعابد في مصر القديمة من أثاث إلا أمثلة قليلة ، على أن ما حفظ منه في بعض المقابر وما يحلى الجدران من صور إنما ينبئ عما كانت تشتمل عليه القصور والبيوت والمعابد من متاع يتميز بما يتمثل فيه من جمال وحسن نسب يرقيان به إلى مستوى فني رفيع .
والفنون والصناعات إنما هي خير سبيل لتفهم الأمم وما أحرزت من حضارة . والعمارة المصرية شأنها شأن فنون النحت والنقش والتصوير تنطق عن روح المصريين ، بل قد تكون في بعض الأحيان أوضح بيانا لما كان يختلج في نفوسهم من مشاعر وأفكار . وقد كان لها عندهم شأن عظيم ، يدل عليه أن من البنائين من رفعوه إلى مصاف الآلهة ، وكفى بذلك تشريفا للبنائين وفن البناء . وهي مع ذلك تؤلف صفحات مجيدة في تاريخ الحضارة الإنسانية عامة ، يمكن أن نترسم فيها بداياتها الأولى على ضفاف النيل ، وان نتبع تطوراتها وتوفيقاتها مدى ثلاثة آلاف سنة على الأقل ، وما حققته من أمجاد تشرف الإنسانية وتعلى من شأنها .
وفي الحق لقد أسهم المصريون في تطور العمارة في العالم بما يكفل لهم ذكرا مجيدا في تاريخ البناء ، فمنذ ثلاثة آلاف عام من قبل الميلاد عرفوا كيف يبنون العقود والأقباء من اللبن ، وكيف ينشئون القباب . وقد كانوا أول من شيد بالحجر ورفع الأساطين والعمد ، وأقدم من أقام المباني الضخمة وتوجيها بالطنف ، وانشأ فيها الصفات والأفنية المحاطة بالأعمدة أو الأساطين ، وشيد المعابد المحاطة بالأعمدة . وكانوا أول من عرف الملاقف لتهوية داخل البيوت ، وأعلى البناء طوابق ، وانشأ طراز البازلكا ، وأقام المدن المنظمة . وقد علموا غيرهم حسن البناء بالحجر النحيت ، وعنهم اخذ الإغريق وشعوب البحر الأبيض المتوسط فيما يظن بعض عناصر الأساطين كالتاج النباتي ، والركيزة ، والساق المقناة ، والميزاب في شكل أسد ، وبعض العناصر الزخرفية .
والعمارة المصرية بعد ذلك معرض حافل بالجمال ، ولا تزال أرضا بكرا لكل باحث ودارس ، إذ لا يزال كثير من مسائلها في حاجة إلى درس واستقصاء ، فما أجدرها لذلك كله بالاهتمام والتقدير .



العمارة المصرية خصائصها وما اثر فيها من عوامل:

لازمت العمارة المصرية طوال تاريخها القديم صفات وخصائص يعين التعرف عليها ومعرفة أسبابها من اجل فهمها وحسا تقديرها .
وقد كان للظروف الطبيعية ومواد البناء وعقائد المصريين وتصوراتهم وأحوالهم السياسية والاقتصادية وما جبلوا عليه من نشاط وامتازوا به من كفاءة أثرها جميعا فيما أنشأوا من عمائر .

وتتميز مظاهر الطبيعة في مصر بقوتها وروعتها وشدة جلائها ووضوحها واستقامة خطوطها ، واستقرار أحوالهم مدى الأيام والسنين . فنيلها عظيم في طوله واتساعه ، يجري بين شاطئيه في جلال ، ناشرا الخصب والحياة عن يمين وشمال . وشطئانه مستوية في أكثر الأحيان ، وموجه يعلو ويزيد في ميعاد معلوم من كل عام ، فإذا فاض وجاوز حده كسر الحواجز والجسور ، واغرق المزارع والقرى .

والوادي الخصيب يمتد على طول النهر من الجنوب إلى الشمال ، تتخلله القنوات في خطوط مستقيمة . والشمس تمخر سماء مصر كأنها ملك عظيم ، الربي والوديان بضوئها الساطع فتبدو الأشياء على حقيقتها السافرة أوضح ما تكون بما لا يدع مجالا للبس أو وهم أو خيال .

ومناخ مصر جاف معتدل على مدار العام ، والطبيعة فيها سمحة هادئة مستقرة في صمت ووقار ، لا تكاد تختلف من مكان إلى آخر ، فالقرى تتوالى متشابهة ، بعناصر مشتركة من النخيل والشجر وغيره .

هذه الطبيعة الجليلة الوقورة ، السافرة الواضحة ، المستقرة ، المستقيمة ، المتشاكلة ، لا بد أن غمرت قلوب أبنائها وأحاسيسهم ، وقد كانوا على صلة وثيقة بها ، بمعاني الجلال والوقار ، والقوة والعظمة ، والوضوح والجلاء ، والثبات والاستقرار ، والاعتدال والاستقامة ، فتأثرت بها أفكارهم ، وطبعت عليها نفوسهم ، ووجدت سبيلها إلى أعمالهم الفنية وعلى رأسها جميعا مبانيهم و عمائرهم . وها هو ذا ما حفظ من معابدهم وأهراماتهم في عهد الأسرات تمتد فيها الجدران مصمتة ، لا تتخللها غير فتحات ضيقة، وتعلو فيها الصروح قوية شاهقة ، وتتعاقب فيها الأفنية والأبهاء والقاعات على محور مستقيم ، واضحة بسيطة ، لا تعقيد فيها ولا إبهام ، سطوحها في الغالب الأعم مستوية ، لا مقبية و لا مقببة ، وتتفق ومحيطها أحسن ما يكون الاتفاق ، وتتسق خطوطها الأفقية والراسية وخطوط الهضبة أتم اتساق . وها هي ذي الأساطين السامقة بطرزها النباتية المختلفة ترفع السقوف مسافات عالية ، وتضفي على المكان روعة وجلالها ووقارا حتى ليبدو وكأنه جزء من طبيعة الوادي الخصيب . بهذا كله بلغت العمارة المصرية الكمال في محيطها ، وهو سر عظمتها وما يثير الرضاء بها والإعجاب .

ومصر قليلة الأمطار ، ومن اجل ذلك كانت الأفنية عنصرا هاما في العمارة المصرية . وللسبب ذاته غدت سطوح المباني وخاصة في العمارة الحجرية طوال العصر الفرعوني مستوية ، وكان لها دور هام في حياة المصريين في بيوتهم ، وقد تزود في المعابد بمأزيب فخمة لتصرف ما قد يهطل من سيول فجأة من حين إلى حين.
ولاتقاء حرارة الشمس وضوئها القوي كانت الصفات في واجهات المباني أو حول الأفنية الداخلية عنصرا هاما لتوفير الظل. وكانت النوافذ في المعابد فتحات صغيرة في أعلى الجدران أو في السقوف مما يترك مساحات معمارية كبيرة للصور والنقوش ، في حين كانت مداخل الأبواب في المعابد والمقابر كبيرة فخمة ، يدخل منها ضوء كاف يضئ مساحات كبيرة ، ولكنه لا يلبث أن يقل شيئا فشيئا فيزيد في روعة المكان، والنقوش غائرة في السطوح الخارجية والسطوح المعرضة لضوء الشمس بما يقيها العطب ويسمح للأضواء والظلال أن تتلاعب عليها بما يخفف من حدة الضوء الشديد ويضفي على الجدران جمالا، وهي دقيقة بارزة في سطوح الجدران الداخلية بما يكفل لها الوضوح في الضوء الضعيف الخافت ، ويكون لها الأثر الجميل في النفس .

وكان "نسيم الشمال العليل" يلطف من حرارة الجو في أيام الصيف ، لذلك كانت الصفات وواجهات البيوت تستقبل عادة الشمال ، كما كانت تنشا في السقوف ملاقف تتلقى الهواء البارد بما يتفق وأماني المصري القديم من أن يتنشق ريح الشمال العليل المضمخ بعبير الآلهة .
ولمواد البناء اثر واضح في الأشكال المعمارية ، حتى إن استبدال مادة بأخرى يقتضي عادة تعديل طراز البناء أو تغير نسبه ، ولا يكون البناء جميلا متكاملا إلا إذا كان بين طرازه والمادة التي بنى بها اتساق . وقد كانت مواد البناء الأولى في مصر مما كان ينمو في وادي النيل من أعواد النبات من البردى والغاب والسمار ومن فروع الشجر ، وقد وجد فيها المصريون مواد سهلة يقيمون منها أكواخهم البدائية بما كان يوائم حالتهم الثقافية والاقتصادية وما كانوا يملكون من أدوات . وكان من الملامح البارزة للأكواخ آنذاك قلة مساحتها ، واستدارة مخططها وتقوس أعلى مداخلها ، وانحدار سقوفها أو تقبيها بعقد أطراف أعواد النبات من فوقها ، بما يمكن أن يعد أصلا للسقوف الحدباء والأقباء والقباب ، وفي ذلك الزمن البعيد كان من سقوف الأكواخ ما يرفع على فروع الشجر أو فوق حزم من أعواد النبات .
وقد ساعد اللبن الذي كان يصنعه المصريين من مخلفات النيل ويسر في البناء وساعد على سعة واستقامة جوانب البناء ، كما ساعد على أن يكون المدخل في بيت الزعيم أو الملك من شكل خاص فخم ، يبرزه ويعظم من شأنه بين سائر البيوت والمساكن .
ومن الصفات البارزة لعمارة المقابر الكبيرة في بداية الأسرات تكسر سطوح جدرانها الخارجية في مشكاوات متداخلة ، ساعد البناء باللبن على ازدهارها إن لم يكن قد أدى إلى نشأتها . و هكذا كان اللبن ذا اثر لا ينكر في العمارة المصرية .
ومنذ الدولة الوسطى كان يراعى أن يكون طول اللبنة ضعف عرضها لينتفع بها في البناء طولا وعرضا بما يكفل تماسك البنيان ومتانته . ولما كان الطمي متوفرا في كافة أنحاء مصر ولا يحتاج صناعته إلى مهارة كبيرة فان البناء به رخيص ، ويناسب طقس مصر لقلة الأمطار فيها ، فضلا عما يتوفر في البيوت التي تبنى منه من دفء في الشتاء واعتدال حرارة في الصيف ، وقدرة على البقاء زمنا طويلا لا يتلفه إلا ما تذروه الرياح من رمال يسهل علاج أثره بملاط من طين يجدد من وقت إلى آخر .

ومن اللبن كانت تبنى البيوت والقصور وأسوار المدن وبعض المعابد ، ولكن أكثرها اندثر لوقوعه في مناطق الأحياء ولأن البناء باللبن لا يدوم بطبيعة الحال قدر ما يدوم البناء بالحجر . ومع أن المصريين صنعوا اللبن منذ أواخر ما قبل الأسرات فإنهم لم يستخدموه محروقا إلا في العهد المتأخر على عكس غيرهم من الشعوب وخاصة البابليين ، وذلك لوفرة الأحجار المختلفة في مصر وقلة مواد الحريق بها .
وكان الملاط في المباني من اللبن هو الطين ، وهو أصلح المواد لهذا الغرض ، ولا يزال يستخدم في المباني من اللبن حتى الوقت الحاضر . وكانت الجدران من اللبن تطلى أيضا بطلاء من طين ، وكان نوعين ، نوع خشن يتكون من طمي النيل العادي ، ونوع جيد يتكون من خليط طبيعي من طين دقيق الحبيبات وحجر جيري .
وقد شغف المصريون بالخلود فما يعرف من شعوب العالم من تحدث مثلهم عن ملايين السنين وعن الأبدية . وفي كفاحهم ضد الفناء وجدوا في أحجار الصحراء ما يتسق وما صبوا إليه من أهداف ، فاستغلوها اكبر استغلال . وكان الملوك يوفدون البعثات إلى أسوان وأماكن مختلفة في الصحراء الشرقية لجلب الأحجار المختلفة اللازمة للأهرامات والمعابد والأبواب الوهمية والمسلات والنواويس والتماثيل والتوابيت وغيرها ، بما كفل لمنشأته البقاء آلاف السنين ، وميز العمارة المصرية على عمارة البلاد الأخرى وخاصة عمارة بابل وأشور ، حتى ليقال بحق أن مصر وطن البناء بالحجر .

استخدام الحجارة في العمارة المصرية أو الحجارة والعمارة الفرعونية :
وكان الحجر الجيري حجر البناء الرئيسي في الدولة القديمة ، وهو من الأحجار الرخوة ، ويتوفر بكثرة في الهضاب التي تكتنف وادي النيل مباشرة في الشرق والغرب من إسنا إلى القاهرة . ومنه نوع جيد يمتاز بصلابته ودقة حبيباته في طره والمعصرة جنوبي القاهرة بإزاء منف ، وفي الجبلين جنوب ارمنت بقليل . ولجودته كانت تكسى به الأهرامات والمصاطب الكبيرة ، وتبنى به الدهاليز والقاعات وخاصة ما كانت جدرانها تنقش بالصور . بيد أن أطول مسافة يمكن تسقيفها بالحجر الجيري لا تزيد على ثلاثة أمتار ، لذلك كانت أكثر القاعات في الدولة القديمة ضيقة ، على أن من الأبهاء في بعض المعابد والمقابر ما أمكن تسقيفه بأحجار جيرية تعتمد على أعتاب فوق صف أو صفين من الأعمدة أو الأساطين . كذلك ساعد الحجر أيضا على استقامة السطوح ، بيد أن من سقوف بعض غرف الدفن العريضة وما يتصل بها من ردهات ما هو احدب ، يتكون من أحجار مائلة يعتمد طرف احدها على طرف الأخر في شكل مثلث مما ساعد على توزيع ثقل الجزء العلوي من البناء ، ويزيد في قوة هذا الطراز من السقوف أن يكون من طبقتين أو ثلاث كل منها تعلو الأخرى . ومن السقوف ما كان يبني من حجر الجير فيشكل عقد مدرج على طريقة بعض الأقباء من اللبن . ومن هذه السقوف بنوعيها ، الأحدب والقبو المدرج ما كان ينحت سطحه الأسفل في هيئة قبو كاذب . وقد ظل المصريون يستخدمون حجر الجير في بناء المعابد والمقابر حتى أواسط الأسرة الثامنة عشرة ، ثم بعد ذلك في حدود ضيقة . وكان الكتبة يسجلون على الأحجار بعد قطعها في محاجر أسماء فرق الحجارين الذين قطعوها وتاريخ قطعها وأجزاء البناء التي ستبنى فيها وغير ذلك من تفاصيل .
وكان الملاط في المباني من الحجر من الجبس ، ولا يعرف أن المصريين قد استخدموا الجير ملاطا قبل العهد اليوناني وذلك رغم أن الحجر الجيري متوفر في مصر ، أكثر من الجبس ، وأسهل منالا ، ولعل ذلك يرجع إلى قلة الوقود في مصر ، إذ يحتاج حرق الجير إلى درجة حرارة أعلى كثيرا من حرق الجبس . وانه ليصعب علينا الآن أن نتصور إمكان البناء بغير ملاط يربط بين الأحجار ، ذلك لأننا تعودنا البناء بأحجار صغيرة يقتضي تماسكها ملاطا بينها .
ومع ذلك لم يكن الغرض من ملاط الجبس في المباني الحجرية التي شيدها المصريون بكتل كبيرة من الحجر ربط الأحجار بعضها ببعض لان في ثقل الأحجار ما يغني عن ذلك ، وإنما كان لملء الفجوات الدقيقة في السطوح العليا للأحجار إلى تحمل أثقالا كبيرة في جدران عالية ، ولتوزيع ما يقع عليها من ثقل مما جنبها التشقق وكفل لها كمال التصاق الأحجار بعضها ببعض . وربما كان الغرض منه أيضا تيسير تحريك الأحجار الثقيلة و وضعها في مكانها من البناء بدقة ، بما كان يقي في ذات الوقت حوافيها وحوافي الأحجار المجاورة من التلف في وقت لم تكن تستخدم فيه بكرات أو رافعات . ولتحقيق ذلك كله كان ملاط الجبس يستخدم سائلا بدرجة كبيرة حتى انه عند جفافه لم يكن يتجاوز أن يكون أكثر من طبقة رقيقة . وكانت الجدران والسقوف تطلى بطلاء الجبس أيضا ، وكان هذا الطلاء يستخدم كذلك في علاج العيوب في الجدران وفي تسوية سطوحها قبل نقش الصور والمناظر فيها .
وكانت الأحجار الكبيرة تنقل على زلاقات من خشب ، وقد عثر بالقرب من هرم سنوسرت الثاني في اللاهون وهرم سنوسرت الثالث في دهشور على ما يدل على استخدامها . ومن النصوص ما يدل على أن أحمس الأول افتتح في السنة الثانية والعشرين من حكمه محجرا جديدا في طره للحصول على حجر جيري ابيض جميل لمعبدي بتاح في منف وأمون في طيبة ، وتمثل الصورة المجاورة للنص ثلاثة أزواج من الثيران تجر زلاقة محملة بالحجر ، ويسوقها ثلاثة أسيويون .
ومن المعابد ما كانت تكسى جدرانه وتسقف قاعاته بحجر الجرانيت ، وتنحت منه أعمدته أو أساطينه وعتبه واطر أبوابه . وكان يؤتى به من أسوان وخاصة من جزيرة الفنتين ، ومنه الأحمر الوردي والأشهب والأسود . ومن نقوش الملك اوناس ما يمثل نقل أساطين وكرانيش من جرانيت احمر لمعبدي هرمه . بيد أن صعوبة تسوية سطوح الجرانيت لم تشجع كثيرا على استخدامه في نطاق واسع ، وان كانت الدولة القديمة أكثر العهود التي استخدم فيها الجرانيت في المعابد والأهرامات وخاصة للمتاريس وتسقيف القاعات التي يزيد بحرها على ثلاثة أمتار . وكانت تنحت منه أيضا الأبواب الوهمية والتماثيل والمسلات والنواويس والتوابيت وغيرها .
ولما كان من الممكن اتخاذ أحجار طويلة من الحجر الرملي ، فقد يسر ذلك في الدولة الحديثة تسقيف مساحات عريضة ، وإقامة قاعات ، وأبهاء واسعة ، ومباني ضخمة ، مما كان له اثر واضح في العمارة المصرية . ومن أمثلة ذلك في معبد الكرنك صحن بهو الأساطين العظيم ، الذي يبلغ عرضه تسعة أمتار .
ويتوفر الحجر الرملي في التلال الممتدة من وادي حلفا إلى كلابشة في بلاد النوبة ثم من أسوان إلى إسنا ، وكانت أهم محاجره في جبل السلسة ، شمالي أسوان بنحو 70 كيلو متر وذلك بين ادفو وكوم امبو . وقد استخدمه المصريون في البناء على مدى واسع منذ أواسط الأسرة الثانية عشرة حتى العهد الروماني ، وذلك في معابد الأقصر والكرنك و الرمسيوم ومدينة حابو وغيرها ، كما صنعوا منه أيضا التوابيت والتماثيل والنصب .
وكان حجر الكورتزيت احد الأحجار الجميلة التي استخدمها المصريون ، وهو حجر رملي صلد متبلور ذو لون يميل للاحمرار ، ويوجد في الجبل الأحمر شمال شرقي القاهرة بنحو عشرة كيلومترات ، وفي الجبلين ، وقد صنعوا منه عتب بعض الأبواب ، ونحتوا منه بعض غرف الدفن ومن ذلك غرفة دفن الملك أمنمحات الثالث ، كما صنعوا منه بعض التوابيت والتماثيل .
وساعد في البناء كذلك المرمر المصري (الكلسيت) ، وهو من الأحجار الرخوة ذات اللون الأبيض أو الأبيض الضارب للصفرة ، ويشبه المرمر ولكنه يختلف عنه في تركيبه ، ويتميز بدقة حبيباته وصلاحيته للصقل الجيد . ويوجد في مصر في أماكن من الصحراء الشرقية وخاصة بالقرب من حلوان ، وفي جنوب شرقي العمارنة . وقد استخدمه المصريون في رصف ارض بعض المعابد وتكسية بعض الجدران وفي بناء بعض الجواسق والمقصورات ، وصنعوا منه موائد للقربان و نواويس وأواني و تماثيل و توابيت .
ومن الأحجار المساعدة أيضا حجر البازلت ، وهو حجر صلد اسود أو أشهب قاتم ، وكان يستخدم في رصف ارض بعض المعابد وفي بناء سافلات الجدران . و يظن أن مصدره جبل القطراني في الفيوم ، بيد انه يوجد كذلك غي أبو زغبل وفي شمال غربي أهرامات الجيزة .
وكان قطع الأحجار في المحاجر واستخدامها في البناء تقوم به الدولة حتى العصور المتأخرة على الأقل ، ومن شأن الأعمال الحكومية أن تلتزم أشكالا وأساليب ثابتة ، مما كان له أثره بصفة عامة في العمارة المصرية .
ويتميز المصريون بأنهم أقاموا أضخم الأعمال بأبسط الوسائل والأدوات مما يصعب تصوره في عصر الآلة في الوقت الحاضر ، حتى لقد ذهب الظن إلى أنهم استخدموا آلات من الصلب في قطع أحجار الجرانيت . وان التأكسد قد اتلف هذه الآلات بعد قرون قليلة فلم يبق منها شئ . وينقض هذا ما عثر عليه من أمثلة كثيرة من آلات النحاس ، فلو أن المصريين استخدموا أدوات من الصلب لبقي منها بعض أمثلة بفضل جفاف مناخ مصر وتربة الصحراء ، أو لدلت عليها أثارها في المعابد والمقابر .
وقد قيل أيضا أنهم عرفوا كيف يلينون الجرانيت بوسائل كيماوية قبل استخدام الأزميل فيه . على انه لاشك في أنهم أفادوا خبرة كبيرة في نحت الحجر الرخو والصلد على حد سواء وذلك فيما اخرجوا من أعداد لا تحصى من الأواني الجميلة من مختلف الأحجار في عصور ما قبل الأسرات وبداية الأسرات ، ومن حفر المقابر في الصخر في منطقة منف .
وكانت الأحجار الرخوة ، وهي الحجر الجيري والرملي والمرمر المصري ، تفصل في محاجرها بحفر أخاديد من فوقها ومن حولها وذلك بأزاميل من حجر أو نحاس حتى الدولة الوسطى ، ثم من نحاس أو برنز حتى انتشار استخدام الحديد في صناعة الآلات منذ بداية القرن السابع قبل الميلاد . وليس من شك في أن ازدياد استخدام النحاس في صناعة الآلات في بداية الأسرات وصناعتها من البرنز منذ الدولة الوسطى قد يسر قطع الأحجار وقيام العمارة الحجرية وازدهارها . وكان يدق على الأزاميل بمداق من خشب أو حجر . وكانت الأحجار الكبيرة تفصل من أسفل بأسافين من خشب تبل بالماء كي تتمدد فيتشقق الحجر ، أما الأحجار الصغيرة فكانت تفصل بأسافين يدق عليها . وفي العصور المتأخرة كانت الأسافين تتخذ من حديد .
ويغلب على الظن أن كتل الجرانيت كانت تتخذ بادئ الأمر من جلاميد الصخر إلي فصلتها العوامل الطبيعية . ومهما يكن من أمر فقد أصبحت الأحجار الصلدة ومنها حجر الجرانيت والكورتزيت تقتطع بأسافين من خشب يبل ، أو بدقها بكرات من الدولريت ، وهو حجر صلد مائل للاخضرار يوجد في بعض وديان الصحراء الشرقية بين النيل والبحر الأحمر . على إن الأسافين لم تكن تستخدم في قطع المسلات ، وذلك لما تحدثه من ضغوط غير متساوية لا تقوى المسلات على تحملها لقلة سمكها وطولها ، لذلك كانت تفصل من جوانبها ومن أسفلها بطريق الدق .
وهكذا لم تكن أدوات المصريين وآلاتهم لتعدو أدوات من حجر ونحاس وبرنز وخشب ، وذلك على الرغم من رخاوة النحاس الذي قد يفيد الطرق والتسخين في تقسيمه ، ولكن الطرق مع ذلك يجعل حواف الآلات سريعة القصم ، لذلك قيل انه كانت للمصريين طريقة خاصة في تقسيمه النحاس اندثرت باستخدام الحديد في العصور المتأخرة ، على أن من الكيماويين من أنكر ذلك وعده من قبيل الأساطير .
ومهما يكن من أمر فإننا لا نملك إلا أن نحني رءوسنا إجلالا وتقديرا أمام تلك المنشات الماردة التي أقامها المصريون ، خاصة إذا علمنا أنهم لم يستخدموا فيها غير عتل وزلاقات وجسور ، وان من عمائرهم ما بلغت فيه دقة التحام الأحجار بعضها ببعض غاية لا تفوقها غاية في أحجار منها ما يزن خمسة عشر طنا ، وكان ذلك في عهد خوفو في أوائل القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد . ولئن كانت عمائرهم بعد ذلك لم تبلغ هذه الغاية من دقة البنيان ، أو أنها لم تخل من عيوب ، منها ضعف الأساس وضعف الجدران السميكة ، في الوقت الذي أقاموا فيه المسلات ، فلابد أن كان لذلك أسبابه ، التي قد يكون منها كثرة البناء والحرص على انجازه في وقت قصير . وما ينبغي أن ننسى مع ذلك أن مستوى ماء النيل قد كان منخفضا ، فلم يكن للمياه الباطنية أثرها السيئ ، فضلا عن قلة سقوط المطر إذ ذاك . ومهما يكن من شيئ فان النصوص لتدل على أن أعمال البناء . وكان العمل يجري في اتساق ونظام دقيق وربما على نغم الناي في بعض الأحيان على الأقل .
وقد لازمت البناء بأعواد النبات والبناء باللبن منذ عصور ما قبل الأسرات أشكال وخصائص اقتضتها طبيعة كل منهما ، ومن ثم وجدت سبيلها إلى العمارة في الحجر لما اكتسبت من قداسة ، ولما كانت تكنى عنه من معان ورموز ، وقد توارثها المصريون جيلا عن جيل بحكم ما جبلوا عليه من استمساك بتقاليدهم القديمة . ومن ذلك الخيرزانة والكورنيش المصري . أما الخيرزانة فهي بروز اسطواني يحف بجدران المعابد والهياكل والأبواب وبأعلاها ، وكانت تمثل عليها خطوط متعارضة ومائلة تمثل الأربطة ، إذ ترجع في أصلها إلى حزم من أعواد النبات ، كانت تقوى بها أركان الأكواخ وأعاليها . وأما الكورنيش المصري فيتوج جدران المعابد فوق الخيرزانة ، وأسفله مستو حتى ليعتبر امتدادا لأعلى الجدار ، ثم لا يلبث أن ينحني إلى أمام في انحناء رشيق يشبه الانحناء بين رأس الإنسان ورقبته ، وينتهي في أعلاه بشريط مستو . ويحلى الجزء المنحنى ما يبدو انه يمثل سعف النخل بلون اخضر أو ازرق أو احمر أو بالألوان الثلاثة معا . ولذلك يظن أن العنصر الأصلي في الخيرزانة والكورنيش المصري كان جريد النخل ، وخاصة لما يمتاز به من مرونة وصلابة معا . على أن من الأثريين من يرى انه كان غصون بردى أو سمار أو غاب ، على زعم أن جريد النخل إذا ثبت قائما لا يكون لأعاليه الشكل المنتظم والمنحنى الذي للكورنيش المصري ، وإنما ينحني بعضه إلى خارج وبعضه إلى داخل ، بينما يظل معظمه مستقيما بدرجة كبيرة أو صغيرة . وينقض ذلك أن الجريد إذا نظم بحيث يكون باطنه إلى داخل وظاهره إلى خارج وفق طبيعته من فوق أشجار النخيل فانه ينحني إلى الخارج ، هذا فضلا عما يعرف عن المصري القديم من ميل شديد للترتيب والتنظيم ، كما انه لا يخفى أن الجريد لا يستقيم له عود .
والخيرزانة والكورنيش المصري من ابرز ملامح العمارة المصرية ، وقد كانت للأولى فائدتها وللثاني حتميته في المنشآت من أعواد النبات ، أما في العمارة الحجرية فقد أصبحا من عناصر الزخرفة التقليدية ، تحلى بهما الجدران الخارجية الهامة والأبواب لما وجد فيهما المصري القديم من رشاقة وجمال ، ولما كانا يكنيان عنه من معنى ، وإنهما في الحق ليتسقان وخطوط العمارة المصرية وجلالها أجمل اتساق . وكانت تحلى بهما أيضا النصب والنواويس وغيرها . وكان أقدم ما عرف من أمثلتها قبل الكشف عن مباني زوسر في صقارة في تابوت منقرع الذي غرق في خليج بسكاي أثناء نقله إلى انجلترا .على أن من مباني زوسر ما كانت تحليه الخيرزانة والكورنيش المصري ، ويتميز فيها الكورنيش باستقامة خطوطه ويرجع ذلك فيما يرجح إلى بداية تقليده في الحجر .
ومنذ الأسرة الرابعة على الأقل استخدم البناء المصري الأعمدة المربعة ، كل عمود من كتلة واحدة ضخمة من الحجر ، بما يسر إقامة أبهاء واسعة سقوفها بلاطات كبيرة من الحجر يحملها عتب ضخم فوق صف أو أكثر من الأعمدة .والعتب عنصر معماري هام يربط اعالى الأعمدة بما يزيد في متانة البنيان ، ويفيد في نفس الوقت في حمل أحجار السقف الكبيرة ، ويعتبر فاصلا بين الأجزاء العمودية في البناء والأجزاء الأفقية . ويظن أن العمود يرجع في أصله إلى الأعمدة أو الدعائم التي كانت تترك في الصخر قائمة في المحاجر والمقابر الصخرية ليعتمد عليها السقف ، بيد انه لا يتحتم ذلك ، إذ قد يؤدي إليه استخدام الأحجار الضخمة في البناء والرغبة في متانة المبنى واتساعه .
ومن ابرز مميزات العمارة المصرية ومفاخرها الأساطين النباتية ، وهي تتميز على الأعمدة بأناقة أشكالها وطراوتها ، فضلا عن أنها تضفي على البناء حياة وجمالا . ومن الباحثين من ذهب إلى أنها من ابتداع المصريين أنشئوها إنشاء وحاكوا بها النبات مباشرة ، أي أنها كانت وليدة فكرة لم يسبقها تمهيد يؤدي إليها ، وهو مالا يتفق وما يعرف عن المصريين ، ويدل عليه كثير من العناصر المعمارية . وما من ريب في أنها ترجع في أصولها الأولى إلى أزمنة قديمة عندما كان السكان الأولون يدعمون عروش أكواخهم بحزم من أعواد النبات أو بفروع الشجر أو جذوعه . ويغلب على الظن إن منها ما كان يحلى في أعلاه بزهور او أوراق الشجر وبخاصة في الأعياد والحفلات الدينية ، ثم لم يلبث أن غدا ذلك تقليدا مرعيا .
ولا بد انه كان لاختيار البردى واللوطس والنخيل لتحلية اعالى الأساطين أسباب معينة ، لكثرتها إذ ذاك بين نباتات مصر ، أو لان المصريين أعجبوا بها أكثر من غيرها لحمال تكوينها وحسن أشكالها ، أو لان منها ما كانوا بجنون منه فوائد هامة ، أو لأنها كانت تكنى عندهم عن معان تخفى علينا الآن . وقد يؤيد ذلك أن البردى كان رمز الشمال ، وان الإله الشمس تجلى في بدء الخليقة على زهرة لوطس . وفي أوائل عهد الأسرات على الأكثر كان من الأساطين في المعابد والقصور ما ينحت من خشب على هيئة الدعائم الأولى ، ومنها ما كانت أعاليه تنحت في صورة زهرة ، فكانت بذلك الأساطين الأولى ذات التيجان النباتية المنحوتة . وقد ظلت أساطين المظلات الخفيفة في الحدائق والحقول تنحت من الخشب . ومنذ الدولة القديمة كانت معظم أساطين المعابد تنحت من الحجر وأهمها أساطين نخيلية وبردية ولوطسية .
ومن أثار البناء بأعواد النبات كذلك تسقيف بعض المباني في الأسرتين الثالثة والرابعة بأحجار نحيتة ، سطوحها السفلى في شكل أنصاف أساطين ومدهونة بلون احمر تمثيلا لجذوع النخل التي كانت تسقف بها المباني من اللبن . ومنها الشرف في اعالى الجدران من اللبن أو الحجر ، التي يظن أنها ترجع إلى ثنى أطراف أعواد النبات وعقدها في شكل أنصاف دوائر . ويغلب على الظن أن منها أيضا عنصرين من عناصر الزخرفة الهامة في العمارة المصرية في كافة عصورها ، ويرجع احدهما إلى عقد الأطراف العليا لأغصان البردى على شكل خاص . ويرجع الآخر فيما يبدو إلى حزم اعالى البردى بعدد من الأربطة ، ويسمى في بعض الأحيان بعمود أزريس . وقد اتخذت منهما الكتابة الهيروغليفية علامتين من علاماتها ، تعني إحداهما "زخرف" ، وترمز الثانية إلى معنى الدوام .
وساعد النيل ، وقد كان أهم وسائل المواصلات في مصر وخاصة في زمن الفيضان ، على نقل الأحجار من المحاجر إلى مناطق البناء منذ الأسرة الأولى . ومنذ عصور ما قبل التاريخ كان المصريون يبنون المراكب الكبيرة ومع الزمن تقدموا كثيرا في بنائها بما جارى ازدياد الطلب على الأحجار الضخمة . ومن أقدم ما سجله التاريخ أن سنفرو بنى مركبا طولها مائة ذراع أي ما يزيد على 51 مترا ، وقد جلب من لبنان خشب الأرز على أربعين مركبا ، ولا بد أنها كانت مراكب بحرية . وذكر أونى من الأسرة السادسة انه بنى في سبعة عشر يوما سفينة من خشب السنط لنقل الأحجار طولها ستون ذراعا وعرضها ثلاثون أي أكثر من ثلاثين مترا طولا وخمسة عشر مترا عرضا . وسجل انينى ، مهندس تحوتمس الأول ، انه نقل المسلتين اللتين اشرف على إقامتهما في الكرنك في مركب طولها 120 ذراعا (63 مترا) وعرضها 40 ذراعا (21 مترا) . ومن السفن ما كان يزيد طوله على ثمانين مترا ، ومنها ما كان يستطيع نقل ما زنته ألف طن على الأقل من أسوان إلى الأقصر سواء كان ذلك كتلة واحدة أو عدد من الكتل .
ولم يدخر المصريون وسعا في إعداد الطرق من المحاجر إلى النيل ، ومن النيل إلى مناطق العمل ، وحيثما كان يصعب ذلك في الصحراء في كثير من الأحيان ، كانت تبنى جسور كبيرة في الوهاد والمنخفضات حيث كانت الأحجار تنقل على زلاقات من خشب يجرها الرجال أو الثيران .
وكانت للعقائد الدينية والجنائزية أثرها الواضح كذلك في بناء المعابد والمقابر ، فقد كان المصريون من اشد الأمم تدينا وأكثرهم اهتماما بالحياة الثانية ، وأعظمهم رعاية لموتهم ، وأحفظهم على تقاليدهم . وقد أقاموا لآلهتهم المعابد الضخمة في كل مكان ، وابتنوا المقابر الكبيرة ، وأودعوا فيها غالى الرياش . وفي مطلع العصر التاريخي اقترن توحيد القطرين بضم تقاليدهما السياسية معا ، ولا بد أن صاحب ذلك أيضا ضم تقاليدهما الدينية والجنازية ، وان ذلك كان له أثره في عمارة المعابد والمقابر . وكانت معابد الآلهة والمعابد الجنازية مسرحا لمناسك وشعائر أكثر أيام السنة مما كان له أثره بطبيعة الحال في تخطيطها وان خفيت تفاصيل ذلك عنا الآن . وما من ريب في أن عبادة الشمس وعقيدة أزيريس كان لهما صداهما كذلك . وان تكرار المشكاوات في السطوح الخارجية لجدران المقابر في بداية عهد الأسرات ، واتجاه مداخل الأهرامات في الدولة القديمة نحو الشمال ، ووقوع معابد الأهرامات في الشرق منها ، ومواجهة الأبواب الوهمية للشرق ، وتدرج ارتفاع ارض المعبد ، وتدرج انخفاض سقوفه قد كان بغير شك مما قضت به العقائد والتصورات الدينية والجنازية .
ثم ألم يكن الاهتمام البالغ بوقاية الجثة والعمل على صيانة ما كان يودع معها من ذخائر من أن تمتد العبث من بين الأسباب الهامة في تطور المقبرة ، وفي نشأة الشكل الهرمي في الدولة القديمة ، وفيما ابتدعه البناء في من حيل في إخفاء غرفة الدفن في الدولة الوسطى ، وفي فصل المقبرة الملكية عن المعبد الجنازى في الدولة الحديثة ، وليس ينكر أن بين طراز كل بناء والغرض منه صلة واضحة ، وان البناء الموهوب هو الذي يوفق بينهما في مخطط متسق . وقد وفرت المعابد والمقابر المصرية الأماكن المناسبة لأداء المناسك والشعائر المختلفة في مخطط موحد متكامل حقق ما كان يقصد إليه منها .
وقد مرت مصر في تاريخها القديم بظروف سياسية وتاريخية مختلفة ، صاحبها أحوال اقتصادية وعمرانية متباينة ، كان لها في جملتها وتفصيلها أثار عميقة في الفنون المصرية ومنها العمارة.
وقد كانت الفنون المختلفة تزدهر وتبلغ غاية تطورها في عهود الحكم المستتب والإدارة العادلة ، وتضمحل ولا يقوم لها شأن في عهد الاضمحلال والضعف السياسي . من ذلك ما كان لتوحيد القطرين في فجر عهد الأسرات من اثر بالغ في قيام حكم قوى وإدارة منظمة ساعدا على تطور الكتابة الهيروغليفية وازدهار الفنون والصناعات وخلق ملامح العمارة المصرية وطابعها العام . وضخامة البناء وبساطته معا في الأسرة الرابعة ، وتواضع منشآت الدولة الوسطى في أحجامها وموادها ، ورشاقة مباني الأسرة الثامنة عشرة وأناقتها ، وضخامة البناء في عهد الرعامسة لم يكن ليأتي لو لم يتسق وروح كل عصر أهدافه وظروفه الاقتصادية والسياسية . وقد كان للعاصمة في العهود المزدهرة أثرها الواضح في ابتداع الأساليب والطرز الفنية ، ومنها كانت تجد سبيلها في سهولة الى عواصم الاقاليم . على انه كان لذلك أثره السلبي من جهة أخرى ، فلم يتح للأقاليم أن تكون لها خصائص مميزة في الفنون المختلفة ومنها العمارة ، مما كان يعين على تنوع الطرز واختلاف الوسائل والأساليب .
وكان لأشخاص الملوك أثرهم في منشآتهم الخاصة وفي معابد الآلهة في مختلف البلاد ، وكانت تدين لهم بوجودها وما يقفونه عليها من موارد . فقد كانت الآلهة تمنح الملك السلطان والنصر ، وكان عليه لقاء ذلك أن ينشئ لها المعابد ويقيم فيها التماثيل ويزودها بأدوات العبادة ويرتب لها الكهنة ويقف عليها الأملاك ويمنحها الهدايا والعطايا.
وكان يستعين في هذا كله بمنتجات أملاكه ومصنوعات مصانعه وما يحصل من جزى وغنائم . وكان كلما عظم انتصار الملك وجب عليه أن يعبر عن شكره للآلهة بالهدايا العظيمة والأعياد الكبيرة بما يكفل دوام رضائها عنه يضاف إلى ذلك أن الملوك كانوا يعتقدون أنهم من نسل الآلهة وان مصيرهم إليها ، فلم يكونوا يدخرون وسعا في كسب رضائها ، وهو ما تنطق عنه النصوص والوثائق .
ولم يقتصر اثر الملوك على كثرة المنشآت وتوفير أسبابها بتحسين مرافق البلاد ، وتنظيم مواردها ، وتدعيم أسباب الرخاء بين طبقات الشعب وتوفير الفنانين والأيدي العاملة ، وإنما كان يتعداه إلى طراز البناء وفخامته أيضا ، إذ كان الملوك اقدر من الأفراد على تحقيق ما يريدون من بناء ، ومنهم من لم يتوقف عن تحسين مباني الآلهة والموت وتجميلها . ومن الجبانات ما بنى على طراز موحدة متسق، يدل على إرادة إنشائية واحدة . لا يمكن أن تكون غير إرادة ملك قوي ذي سلطان واسع ولم يكن ليتيسر مالطراز البناء في الأسرة الرابعة من قوة وجلال لو لم يكن يعتمد على شخصيات ملكية عظيمة ، ولم تكن مباني رمسيس الثاني لتتسم بالضخامة التي تفوق التصور الإنساني ما لم يكن من ورائها ملك طموح لا حد لطموحه . ومن الملوك من لم يفته أن يتفقد بنفسه العمل فيما انشأ من منشات هامة ، ومنهم من كان يكلف عماله بصنع بعض الأجزاء المعمارية كالأبواب الوهمية ليهديها للمخلصين في خدمته يقيمونها في قبورهم ، ومنهم من كان يشرف أيضا بنفسه على صنعها . وأنا لنقرا في النصوص المصرية القديمة آن ساحورع آمر بقطع حجرين ونقلها إلى القصر الملكي لينقشا ويصورا تحت إشراف رئيس كهنة منف لقبر احد الإفراد . ونقرا أيضا أن من الهدايا الثمينة التي أمر تحوتمس الثالث بصنعها لأهدائها إلى معبد أمون رع في الكرنك أوان رسم تصميمها بنفسه. وكان الملوك يعتبرون أن من واجبهم المحافظة على الأشكال الفنية التقليدية ، ولذلك نرى أن منهم من ينتقل إلى مكتبة المعبد ليبحث في سجلاتها عما يجب أن تكون عليه تماثيل الآلهة ، ويأمر بتنفيذ صنعها على نحو ما وجد في الوثائق القديمة . مثل هؤلاء الملوك لابد أن عنوا كذلك بطراز ما انشاوا من معابد ومقابر ، وقد كانوا في الغالب الأعم يؤدون بأنفسهم شعائر تأسيس المعبد وافتتاحه .
وقد شجع كثير من الملوك المهندسين وأمدوهم بما كانوا يستطيعون توفيره من موارد وأدوات . وقد سجل نخبو في قبره في الجيزة انه أمضى ست سنوات في الإشراف على العمل في هرم ببى الأول ، وان الملك منحه ذهبا وخبزا وجعة بقدر كبير ، وكانت المكافأة بالذهب حلقا وسبائك غاية الجزاء لجمال هذا المعدن النفيس وبريقه الذي ينافس الشمس ، ولأنه خالد لا يصدا ولا يتلف . ومن الوثائق ما يسجل حديثا طويلا خاطب فيه رمسيس الثاني الفنانين والحجارين بما يدل على انه انشأ لهم إدارة كبيرة تقوم على توفير ما يحتاجون إليه من طعام وشراب وكساء وعطر . واخناتون مثل قائم على ما كان للملكة من اثر عظيم ، فقد شيد عاصمة جديدة بمعابدها وقصورها وبيوتها ومقابرها في سنين معدودات . ولا بد أن كانت له مطالبه وتوجيهاته الخاصة في طراز قصوره ومعابد معبوده الجديد .
وكما أن الملوك من أصلح ما تهدم من مباني أسلافه ، فقد كان من الأمراء وعظماء الأفراد من عمل أيضا على ترميم آثار آبائه وأجداده . ويعتبر خعمواس بن رمسيس الثاني من أقدم حماة الآثار القديمة ، فقد أصلح مقبرة شبسسكاف وهرم ساحورع ومعبد الشمس للملك نيوسررع وهرم اوناس.
والناس على غرار ملوكهم ، فقد كان إفراد الأسرة المالكة اقدر من غيرهم على محاكاة المباني الملكية ، ثم لا يلبث كبار رجال الدولة أن يتبعوهم . ولا ريب فيما كان للمهندسين المصرين ، وخاصة النابهين منهم ، من اثر أيضا فيما خططوا من منشآت وما أقاموا من مباني من حيث طرازها ودقة بنائها وإحكامه . وكانوا من أحسن الناس تنظيما للعمل والأيدي العاملة ، وقد وصفت طريقتهم في البناء بأنها ، بالنسبة للأدوات التي كانت لديهم ، كانت أحسن طريقة وأكثرها اقتصادا . وتكفي الإشارة إلى وظيفة "الشرف على جميع الأعمال الملكية" وهي مباني الملك ومنشآته المعمارية في الدولة القديمة ، ووظيفة "المشرف على جميع الأعمال في الكرنك " في الدولة الحديثة كانتا من أسمى وظائف الدولة ، وقد حفظ التاريخ أسماء كثيرين ممن شغلوهما ،ومنهم من كانوا أيضا وزراء ، وفي الإمكان في بعض الحالات وان تكن قليلة جدا التعرف على ما انشاوا من أعمال .
وأقدمهم جميعا امحواتب ، أول مهندس عظيم في العالم ، ومن ألقابه يتضح انه كان كبير كهنة عين شمس ، وما من شك في انه كان له اثر كبيير في مباني زوسر ، وانه مهد الطريق لغيره من البنائين الذين اقاموا مجد الدولة القديمة بفضل جهودهم المتواصلة.
وقد عرف المصريون فضله في كافة عصورهم ، فاعتبروه في الدولة الوسطى من الحكماء ، وفي الدولة الحديثة حاميا للكتاب ، ثم ألهوه في العصر الصاوي وحسبوه ابنا للإله بتاح ، ونسب إليه مانتو ، الكاهن المصري الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد ، اختراع البناء بالحجر النحيت . على أننا نعلم انه لم يكن أول من نحت الحجر للبناء ، إلا انه مع ذلك أول من بنى به بناء ضخما في مطلع الدولة القديمة ، ابتدع فيه من الأساليب الفنية ما يدين له فن البناء في مصر بالشىء الكثير .
ومنهم حميونو ابن آخى الملك خوفو ، الذي يظن انه اشرف على بناء الهرم الأكبر ، وسنوسرت عنخ من عهد الملك سنسوسرت الأول ، وانينى من عهد التحامسة ، وهو الذي حفر قبر تحو تمس الأول ، وسننموت ، حظي الملكة حاتشبسوت، الذي شيد معبدها الجنازي ، والذي وصف نفسه بأنه أعظم العظماء في كافة البلاد ، وانه ما من شيء منذ بدء الزمن لا يعلمه . وكان منموزى احد مهندسي الملك تحوتمس الثالث ، ومن نقوشه على تمثاله نعلم انه قام بالعمل فيما يقل عن عشرين معبدا في الصعيد وفي الوجه البحري مما يدل على مدى نشاط المهندسين المصريين إذ ذاك . وفي عهد الملك امنحوتب الثالث كان المهندس امنحوتب بن حابو ، الذي عاش نحو ثمانين عاما ، ابرز الأشخاص واحظاهم لدى ملكيه. وقد افتخر في نقوشه على احد تماثيله بان الملك عينيه مشرفا على جميع الإعمال وانه لم يقلد عملا تم من قبل ، وانه كان يعمل حسب رغبته. وكافأه الملك بأن سمح له باقامة معبد له على طراز المعابد الملكية غير بعيد من معبده الجنازى في غربي طيبة ، ولا بد انه كانت تؤدى له طقوس تشبه ما كان يؤدى للملوك ، وهو أمر فريد فيما نعلم . وقد عاشت ذكراه قرونا عديدة ، وكان يعد من الحكماء ، وكانت الأقوال المأثورة عنه شائعة في العهد البطلمي ، ثم ما لبث أن رفعه المصريون إلى مصاف الآلهة.
اجل لم يكن للبناء المصري في الأحيان حرية كبيرة في أن يستقل بشعوره ووجدانه وتفكيره في ابتداع طرز معمارية جديدة تختلف كثيرا عما فرضته التقاليد واقتضته العقائد الدينية والجنازية ، وأضفى عليه الزمن قداسة وجلالا ، ذلك لأنه كان على أوثق صلة بالبيئة المصرية وما يسودها من تقاليد وعقائد . فلم يجد ما يدعو إلى أن يغير كثيرا فيما تواترت به الأجيال وحفظته الوثائق وارتضاه المجتمع . ومع ذلك فقد كان للمهندسين المصريين أثرهم في حدود العقائد والتقاليد السائدة فيما اشرفوا على بنائه ، وإلا لما اختلفت التفاصيل المعمارية وبعض طرز البناء . ويؤيد ذلك انه ليس من المعابد ما يشبه معبدا آخر تماما . وقد كانوا يتمتعون بمركز ممتاز في المجتمع المصري ،حتى أن منهم من كان اكبر كاهن في البلد ، ومنهم من كان من الأسرة المالكة ، ومنهم من كان صديق فرعون ومستشاره ، ومنهم من كان أقوى شخصية في الدولة بعد الملك وكان المصريون يجلونهم ويعتبرونهم مهبط الحكمة.
ومع ذلك كله فماذا عسى أن تفيد الظروف السياسية والاقتصادية وهمة الملوك ومهارة المهندسين إذا لم يستجيب الشعب لمطالب الوقت ،ولم ينشط عن رغبة ويقين واستعداد لإقامة أضخم المنشات بقطع أحجارها الضخمة ونقلها من محاجرها مسافات بعيدة في البر والماء أو حفرها في الجبل في ظروف قاسية صعبة ، لقد كان المصريون شعبا نشيطا ، لا تؤودهم الصعاب ولا تهبظهم المهام العسيرة ، وكانوا ذوي جلد وصبر وقوة ملاحظة ، وما من ريب في أنهم أفادوا من التجارب خبرة وحنكة كبيرة . وقد علمتهم ظروف الحياة منذ أن سكنوا وادي النيل التعاون فيما بينهم على استصلاح الأرض وحفر القنوات والذود عن أرضهم وما أثمروا من خير ، حتى إن مصر لتدين لهم بقدر ما تدين للنيل العظيم . وقد كانوا ولا يزالون في كفاح مع الصحراء ، يقتطعون منها جزءا بعد جزء يستصلحونه للزراعة والانتفاع فيه بمياه الفيضان ، وكانوا يعتقدون في قداسة ملوكهم وإلوهيتهم فقاموا بالمعجز من الإعمال ، ولا تزال تبهرنا قدرتهم على نقل الأثقال ، ومنها ما لا يقل وزنه عن ألف طن على بساطة آلاتهم وأدواتهم . وكانوا اشد الناس استمساكا بعاداتهم واعتزازا بتقاليدهم ، طبعتهم على ذلك طبيعة بلادهم المستقرة ، وألقى به في وعيهم ما أفادوه من سبق في مضمار الحضارة والتقدم ، وما شعروا به من تفوق وحسن استعداد . لذلك كانت عمائرهم ذات طابع مصري صميم حتى في العصور إلى اتسعت فيها أملاك مصر في الخارج ، والتي اشتد فيها اتصالهم بغيرهم من الأمم المجاورة .
وكانوا إلى جانب ذلك كله ذوى أحاسيس فنية راقية وعلى صلة وثيقة بطبيعة بلادهم ، يقدسون مظاهرها الطبيعية ، ويتغنون بها في أغانيهم وأناشيدهم . وقد وجد ذلك سبيله إلى منشاتهم ، فكانوا منذ أقدم ازمنتهم يزينون دعائم أكواخهم بالزهور والسعف مما كان أصلا للأساطين النباتية كما أسلفنا ، وكانوا يتوجون الجو اسق والظلات بأكاليل اللوطس والبردى ويعلقونها على الجدران ، وقد وجد ذلك سبيله إلى زخرفة البناء . وعلى جدران البيوت والمقابر وارض القصور صوروا الخمائل تزخر بصنوف الطير ، ومسايل الماء ينمو فيها النبات وتسبح فيها الأسماك ، ووديان الصحراء تضطرب بما فيها من وحش ضار وحيوانات غير ضارية . ومنذ الدولة القديمة على الأقل لم يكن يفوت ذوى اليسار أن ينشئوا الحدائق الغناء في بيوتهم ، وفيها البحيرات وأحواض الزهور وأشجار الفاكهة . وكان للمعابد من ذلك حظ وافر ، بل منها ما بعثت حاتشبسوت من اجله بعثة خاصة لتجلب له أشجار البخور من بلاد بنت . ومنها ما جلب إليه تحوتمس الثالث الأشجار والنباتات والطير والحيوان من غربي آسيا . ومن القبور ما حرص أصحابه على أن تكون في رحابه بركة وحديقة تأنس بها روحه في قبره .
وهكذا كان من العوامل المختلفة ما اثر في العمارة المصرية ، وأدى إلى أن يكون لها طابع عام تتميز به عن غيرها . وفي حدود هذا الطابع أبدعت ظروف وملابسات طرزا معينة ، لم تكن يتسنى إبداعها في غيرها من الظروف . فطراز البناء في عهد زوسر طراز له صفاته وخصائصه ، جاء في أبانه تماما ، إذ يمثل مرحلة الانتقال إلى العمارة الحجرية ، أسهمت في إبداعه مراحل التقدم السابقة ، ووفرة الحجر الجيري في مصر ، واستثمار مناجم النحاس في صناعتة الأدوات والآلات على نطاق واسع ، كما أسهمت فيه الظروف الاقتصادية التي لابسته ، والأفكار والعقائد السائدة ، وشخصية الملك زوسر ومهندسه النابغة ومعاونوه الأكفاء الذين قاموا به . وكذلك كان طراز البناء في الأسرة الرابعة ، فقد جاء في وقته وظروفه ، ولم يكن له أن يسبق طراز عمارة زوسر إذا قدرنا جميع الظروف والعوامل . ومن الطبيعي إذا تغيرت ظروف هذا الطراز الفني أن يظهر مكانه طراز جديد يوائم المناسبات والظروف الجديدة ، وهو طراز الأسرتين الخامسة والسادسة ، الذي يمت بنسب إلى طراز زوسر . وعلى هذا النحو كان لكل من الدولتين الوسطى والحديثة طرازها الذي يتسق وظروفها وأحوالها ، بل لقد كان لكل زمن من أزمنة الدولة الحديثة طرازه الذي هيأته ظروفه وأسبابه . 
منقول

الأماكن الهاتمة للآثار المكصرية القديم



من الأماكن الأثرية الهامة في مصر




المتحف المصري: من أشهر المتاحف في العالم , ويضم حوالي ربع مليون قطعة أثرية ترجع إلى آلاف السنين من بينها مجموعة الآثار الرائعة لمومياوات وتوابيت وكنوز مقبرة "توت عنخ آمون " الأسطورية.

حيث يعتبر توت عنخ آمون من الفراعنة المشهورين في الحضارة المصرية القديمة، قضى معظم ولايته بجمع الكنوز الكنوز الذهبية، التي وجدت سليمة حتى عام 1922 م. كان الأمير الأصغر(توت عنخ آتون) الذي تزوج ابنه الملك أخناتون ، الملك المشهور الذي دعا للإيمان بإله واحد -أول اتخذ إلهاً واحداً هو أتون- ابنة أخناتون كانت تدعى (أنخيسين با أتون) وكتن يظهر دائماً بمرافقة ابنته -لا بمرافقة ولده أبداً- فأعطى فرصة للملك الشاب ليتزوج ابنته وينجح بالوصول إلى العرش.

توت عنخ أتون تعني الصورة الحية لأتون . ولد توت عنخ أتون في حوالي عام 1371 ق.م، ومات -أو قتل- عام 1352 ق.م بعمر 19 عاماً. وحكم البلد من عام 1361 حتى 1352 ق.م. وقد صدق بعبادة أخناتون لإله واحد وذلك في بدايات حكمه. وبعد عدة سنين غير اسمه إلى توت عنخ أمون(الصورة الحية لآمون). وقد ترك العاصمة أتين أو تل العمارنة. لم يستطع تحضير القبر لنفسه في وادي الملوك لأنه مات شاباً. عالم الآثار الإنكليزي كارتر اكتشف المقبرة عام 1922م، وقد وجدت القطع داخلها سليمة وذلك لأن حطام مقبرة رمسيس الرابع غطت مدخل مقبرة توت عنخ آمون. القطع التي وصلت عددها تقريباً حوالي 4500 قطعة مثل : أضرحة وتوابيت وأثاث ملكي ومزهريات وصناديق وأسرة...... وكلها نقلت إلى المتحف المصري.

توت عنخ امون ولعنة الفراعنة

اعتلى عرش مصر الكثير من الملوك الأفذاذ منذ بداية العصور التاريخية وكان منهم من ترك لنا الآثار المقامة مثل الأهرامات والمعابد أو بقايا القصور والمقابر أو الآثار التى عثر عليها فى مقبرته، وهناك من لم نعثر له على أثر سوى اسمه الذى ذكر فى احدى الحوليات أو فى قوائم الملوك، أو من الاشارة اليه فى النصوص القديمة.
وقد وصلتنا من عصور المصريين القدماء عدة قوائم باسماء الملوك أهمها قائمة سقارة، وقائمة أبيدوس، وقائمة الكرنك، كما وصلتنا حوليات حجر بالرمو، وبردية تورين، وكتابات المؤرخين. وأغفلت القوائم المذكورة والحوليات أسماء المغتصبين من الحكام وكذلك المستعمرين مثل الهكسوس والملوك الذين اعتبروا من الكفرة الذين خرجوا على شريعة المصريين ونسلهم مثل اخناتون وأخيه سمنخ كارع وتوت عنخ أمون وآى، كما أغفلت السيدات اللائى حكمن مثل نيتوكريس وسبك نفرو وحتشبسوت وتاوسرت.

ولو تتبعنا ملوك عصر الامبراطورية أو عصر الدولة الحديثة (1550 – 1080 ق.م) التى تكونت من ثلاث أسر حاكمة هى الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرون، لرأينا أن هؤلاء الملوك ورجالات الدولة عملوا على توسيع نفوذ الامبراطورية المصرية فى الشمال والجنوب بدءاً بالملوك العظام أمثال تحتمس الثالث وأمنحتب الثالث ورمسيس الثانى، ونهاية بالملك رمسيس الثالث الذى استطاع أن يصد هجمات شعوب البحر الأبيض المتوسط وغيرهم ممن ارادوا الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجى ورخائها واستقرارها وبغية تقليل نفوذها فى الشرق الأدنى القديم.
فقد رأى ملوك الأسرة الثامنة عشرة أن مصر الضعيفة غير المتحدة كانت مطمعاً للآسيويين الذين سموا فى التاريخ باسم الهكسوس، ولذلك عمل هؤلاء الملوك جاهدين على بناء جيش قوى لحماية البلاد وأمنها ثم انفتحوا على العالم القديم شماله وجنوبه مصدرين ومستوردين للحضارة والفنون والعقائد والفكر. ووعى تحتمس الثالث الدرس جيداً فى أن مصر القوية المستقرة التى يخافها الطامعون والمغامرون هى التى تستطيع أن تنعم بحياتها وتستفيد من رخائها وتفجر طاقاتها فى جميع المجالات، وأن مصر القوية تضمن سلامة قوافلها التجارية عبر دروب الصحراء والوديان وفى البحار لوصول المواد الخام اللازمة لحضارتها مثل الأحجار شبة الكريمة والمعادن والأخشاب والحيوانات الأليفة والمتوحشة والمنتجات الأخرى.
وازدهرت مصر فى عصر الأسرة الثامنة عشرة ازدهاراً كبيراً وظهر ذلك جلياً فى بناء العمائر الدينية والجنائزية الشاهقة وفى القصور الرائعة وفى المقابر الملكية الفخمة ومقابر الخاصة من كبار الموظفين التى حفلت بالمناظر المصورة للحفلات والضياع أو فى الآثار التى عثر عليها والتى تزين متاحف الدنيا فى العصر الحديث.
وبعد الملك تحتمس الثالث اعتلى عرش البلاد ملوك عظام هم أمنحتب الثانى وتحتمس الرابع واخيراً فى عام 1376 ق.م وصل الى العرش الملك الشاب أمنحتب الثالث الذى كان مولعاً بالفنون مثل أجداده وتزوج من تى ابنة الكاهن وريس الفرسان "يويا" وكاهنة حتحور ومين "ثويا" وكانت الملكة "تى" قوية الشخصية، جميلة، استطاعت أن تساند زوجها فى قيادته للبلاد بكل حكمة وشجاعة، وأنجبت له البنين والبنات (امنتحب الرابع وإخناتون وسمنخ كارع ومريت امون وسيت آمون) وزواج الملك أمنحتب الثالث من تى يعتبر فى حد ذاته خروجاً على التقاليد الملكية فى الزواج حيث كانت العادة أن يتزوج الأمير أخته غير الشقيقة أو احدى أميرات القصر الملكى لكى يحتفظ بالدم الملكى فى العائلة. وقد أعلن زواج أمنحتب الثالث على الجعارين التى كانت ترسل الهدايا لكبار رجال الدولة تذكر زواج الملك من تى وتذكر والديها دون حرج. وتولى عرش البلاد أمنحتب الرابع (اخناتون) بعد والده، وتزوج اخناتون من نفرتيتى ابنة الحسب والنسب التى أنجبت له ست بنات ولم تنجب له الولد .
واشتهر اخناتون بأنه أول من نادى بإله واحد فى مصر القديمة حيث كانت ديانات التعدد والوثنية سائده، وأناشيد اخناتون الدينية للإله آتون (الواحد) ما زالت ترن فى أذاننا وهى تمجد الإله الواحد "الذى خلق كل شىء" ولم يكن قبله شىء وأصبحت صورته هى قرص الشمس فقط بعد أن كانت صور الالهة اشخاصاً أو حيوانات أو اشكالاً مزدوجة (حيوان وانسان) وترك أخناتون حاضرة الأجداد طيبة واختار مكانا جديدا لاقامته هى آخت أتون (أى افق آتون) وهى تل العمارنة فى محافظة المنيا حاليا. وأصبح الفن حراً واستطاع أن ينفذ الى جنبات القصر الملكى ويصور الفنانون الملك مع عائلته فى حرية تامة. وبعد أن حكم اخناتون حوالى سبعة عشر عاماً (1365 – 1348 ق.م) كانت معابد آمون فيها مغلقة واوقافها مصادرة، اختفى الملك وتوفى أيضاً أخوه سمنخ كارع وكان يعد لأن يكون ولياً للعرش بعد زواجه من مريت أتون ابنه اخناتون الكبرى. واعتلى توت عنخ امون الصبى الصغير ابن العاشرة عرش البلاد حوالى عام 1348 ق.م وغير اسمه الى توت عنخ أمون بعد اعادته لديانة أمون مرة أخرى، وكان يعتقد بإنه ابن لامنحتب الثالث أنجبه على كبر من زوجه تى التى وصل سنها 48 عاماً أو أكثر. وجاء هذا الاعتقاد نتيجة العثور على تمثال أسد فى جبل برقل بالسودان كتب توت عنخ أمون عليه أن والده هو امنحتب الثالث، كما تأيد ذلك بوجود خصلة شعر الملكة تى ضمن مقتنيات مقبرة توت عنخ أمون فى تابوت صغير جداً. ويبدو الآن أن النظرية الأقرب للتصديق هى أن توت عنخ أمون كان ابناً لاخناتون من زوجة ثانوية تسمى "كيا" وهناك بعض القرائن التى تؤيد هذه النظرية. وتزوج الملك الصغير الأميرة عنخ اس ان با آتون ابنة اخناتون من نفرتيتى وأرملته ايضاً، وغير اسمها الى عنخ اس ان آمون واكتسب من خلالها شرعية الحكم، وكان صبياً معتل الصحة ويظهر ذلك فى صوررة على الآثار وهو يجلس على العرش فى استرخاء أو وهو يقف مستنداً الى عصاته أو وهو يصطاد الطيور جالساً على كرسيه، كما أنه توفى وهو فى حوالى العشرين من عمره (عام 1337 ق.م) وقد فحصت مومياؤه عند اكتشافها ورجح أن سبب الوفاة آنئذ هو مرض رئوى وكذا ورم فى المخ لوجود تجويف كبير فى جمجمته. وعند فحص الجمجمة مرة أخرى عام 1967 ظهر بها شبه كسر بسيط رجح أن يكون سبباً لوفاته نتيجة ضربه باله حادة من عملاء آى وحور محب الأوصياء على العرش ومقدرات البلاد، ولكن يبدو ان هذا الأستنتاج بعيد الصحة، حيث لم يكن لتوت عنخ آمون أعداء، ولم يكن له نفوذ فى تسيير مقاليد الحكم، وكان محبوباً وأعاد ديانة آمون مرة أخرى وفتح معابد الآلهة فى العام الثالث من حكمه بعد أن كان اخناتون قد أغفلها. ولذلك فلم يكن لأحد أن يدبر مؤامرة لقتله بل على العكس من ذلك نراه وقد دفن مع كل كنوزه وأثاثه الجنائزى بالتمام والكمال وبعد عمل المراسم والطقوس. ويظهر أن الغضب على هذا الملك جاء نتيجة أنه ينتسب لعائلة اخناتون التى غيرت من الديانة التقليدية للمصريين القدماء. ويرجح أنه عاد الى طيبة (الأقصر) العاصمة القديمة وهجر تل العمارنة.
وبعد وفاة الملك أرادت زوجته منخ اس ان آمون ان تتزوج أميراً أجنبياً حيثيا لكى يكون ملكاً على عرش البلاد، وكان عمرها آنذاك حوالى 22 عاماً مما حدا بحور محب أن يفشل هذا المخطط ويتولى هو عرش البلاد. والقصة وصلت لنا مكتوبة على خطاب عثر عليه ضمن مخطوطات الحيثين فى أسيا الصغرى وتذكر ان ملكة مصر أرسلت مبعوثا لملك الحيثيين برسالة تقول فيها "لقد توفى زوجى وليس لدى ولد ويتردد بأن لك اولاداً كثرين، فأرسل أحدهم ليصبح زوجى لأنه من المهين لى أن اتخذ أحد من خدمى زوجاً". وهنا جمع ملك الحيثيين رجال بلاطه وأخبرهم بالموضوع الذى كان غريباً جداً، وقال لهم: "لم يحدث مثل هذا ابداً منذ أقدم العصور"، ولذلك فقد أرسل أحد رجال بلاطه وطلب منه أن يحضر "اخباراً مؤكدة حيث يبدو أنهم يريدون خداعى"
وهنا أرسلت ملكة مصر خطاباً آخر للملك تقول فيه:"لماذا تقول انهم يريدون خداعى؟ لو كان لدى ولد، أكان من المعقول أن أكتب لبلد أجنبى بطريقة مهينة لى ولبلدى؟ أنك لا تثق بى ,انت تقول لى هذا. ولقد توفى زوجى وليس لى ابن فهل تعتقد أنه يمكننى أن اتخذ خادما لى وأجعله زوجى!؟ لم اكتب لبلد أخر ولكنى كتبت لك وحدك، لأنه يقال بأن لك ابناء كثيرين، اعطنى أحد أبنائك، وسوف يصبح زوجاً لى وسوف يصير سيداً على أرض مصر". ويبدو انها لم تكن لترضى بزواج أحد رجالات البلاط او الجيش أمثال آى أو حور محب، والواضح ايضاً أن حور محب قد علم بمثل هذه المراسلات التى أرسلتها الملكة لملك أجنبى، وتربص رجاله بالأمير زنانا ابن ملك الحيثين الذى كان فى طريقه الى مصر، وقتلوه. وقد أدى هذا العمل من جانب المصريين الى قيام حالة حرب بين مصر ودولة الحيثيين واراد مليكهم "شبيلو ليوما" غزو مصر، ولكنه لم يستطع حيث نظم القائد حور محب دفاعات قوية لحماية حدود البلاد. وهنا قام آى العجوز الذى كان ينتمى لأسرة اخناتون بحكم مصر لمدة عامين تقريباً. وقد دفن توت عنخ آمون فى مقبرة كانت معدة اصلاً لخليفته آى فى وادى الملوك، أما مقبرته الأصلية فكانت تحفر وتجهز فى وادى الملوك الغربى ليست بعيدة عن مقبرة أمنحتب الثالث (جده لأبيه) لكن عندما توفى توت عنخ أمون قبل اكتمال مقبرته نقلت حاجياته الى مقبرة آى التى كانت قد حفرت فى الصخر، ثم زخرفت الجدران برسوم ملونة نفذت ببساطة ودون تجهيز السطح جيداً مثل باقى مقابر وادى الملوك القديم منها.

كشف المقبرة
كانت العادة فى القرن التاسع عشر أن يصدر الولى أو الخديوى فرماناً يحق بموجبه لبعض الباحثين الأجانب أن يقوموا باجراء الحفائر لاكتشاف الآثار الموجودة فى باطن الأرض وكانت تقسم بين الحكومة المصرية والمكتشف بنسبة 50% لكل منهما، وكان امتياز الحفر فى وادى الملوك الضيق الذى يبعد عن العمران بحوالى ثلاثة كيلو مترات بين جبال الضفة الغربية للنيل بالأقصر، قد أعطى لكثير من المكتشفين من قبل أهمهم الفرنسى فيكتور لوريه 1898 الذى كان يعمل لمصلحة الآثار المصرية، والأمريكى تيودور ديفيز 1903 – 1912 واللورد كارنر فون 1907 – 1927 وغيرهم.
ونظراً لأن الحرب العالمية الأولى قد أوقفت الكثير من النشاطات الأثرية فى مصر ما بين أعوام 1914 و 1917، فقد عادت الحفائر بواسطة بعثة اللورد كارنر فون بقيادة هوارد كارتر عام 1917، وكادت أن تتوقف بعد خمسة اعوام لم ينجح كارتر فى اكتشاف آثار هامة فيها، ثم اعاد كارتر حفائره مره أخرى فى الأول من نوفمبر سنة 1922، وفى اليوم الرابع لبدء الحفر فى موقع بالقرب من مدخل مقبرة رمسيس السادس التى كانت مكتشفة من قبل فى وسط الوادى، عثر على أول درجة من درجات السلم التى قادت بعد ذلك لاكتشاف مقبرة توت عنخ أمون فى الرابع من نوفمبر، وكانت درجات السلم مدفونة فى رديم من كسر الحجارة توصل الى بابا محفور فى الصخر كان مغلقاً بكتل من الحجر الجيرى عليها "لياسة" من الجبس والطين وجدت عليها أختام الجبانة الملكية (ابن آوى والأقواس التسعة) وبعد ذلك كان هناك ممر منحدر ملىء بالرديم يوصل الى باب الدخول للحجرات السفلية التى قادت الى أعظم كشف أثرى فى تاريخ البشرية، الا وهو كنوز الملك توت عنخ امون.
وهنا أرسل كارتر برقية للورد كارنر فون يقول فيها "اخيراً عثرنا على كشف أثرى مهم فى الوادى مقبرة رائعة اختامها سليمة، وقد ردمناها لحين حضوركم. أقدم لك التهانى" وقد حضر كارنر فون الى الأقصر بعد ذلك وتم فتح المقبرة بعد إزالة أختام الملك توت عنخ أمون من على السدة الثانية لمدخل المقبرة حيث وضح ان المقبرة كانت قد فتحت للسرقة منها فى عصر رمسيس السادس (1123ق.م) أى بعد أكثر من 215 سنة من اغلاقها عام 1337، ثم أغلقت المقبرة وختمت مرة أخرى….
ويبدو أن ما حمى هذه المقبرة الخاصة بتوت عنخ آمون من السرقة هو حفر مقبرة رمسيس السادس فوقها وكانت قطع الأحجار الصغيرة المستخرجة منها تلقى فوق مدخل مقبرة توت عنخ آمون التى "نقرت" قبلها، ولذلك فقد كان من الصعب على لصوص المقابر فى ما تلا ذلك من عصور ان يتذكروا أن هناك مقبرة أخرى فى هذا المكان الذى توجد به مقبرة رمسيس السادس.
وقد كان يوم 26 نوفمبر 1922 يوماً مشهوداً وعلامة بارزة فى تاريخ الآثار المصرية حيث أزيلت السدة التى تفصل بين المنحدر والحجرات الداخلية للمقبرة، وعثر فى هذا المكان المسمى بالصالة المستعرضة على الكثير من قطع الأثاث والأوانى الحجرية والعجلات الحربية وحاويات الطعام التى اعتقد كارتر عند رؤيتها أنه عثر على مخزن أو خبيئة كنوز وادى الملوك التى جمعت وأنقذت من لصوص العصور القديمة، الا أنه اتضح بعد ذلك أن هذا الأثاث الجنائزى الرابع لشخص واحد هو توت عنخ آمون المسجل اسمه على أغلب هذه القطع الأثرية وهذا ما جعل كارتر يكتب فى مذكراته أن هذا اليوم هو "يوم الأيام، وأعظم ما عشت، ومن المؤكد أننى لا أمل أن أعيشه مرة أخرى" وقد تم فتح حجرة الدفن فى 17 فبراير 1923 فى حضور كارنر فون.
واكتشاف مقبرة توت عنخ آمون سليمة تقريباً فى وادى الملوك عام 1922 أوضح لنا الكثير من العقائد الدينية والجنائزية الملكية فى مصر القديمة. فالملك يدفن معه كل متعلقاته الشخصية التى كان يستعملها فى حياته منذ كان طفلاً، فهناك لعب الأطفال التى تتحرك أجزاؤها، وهناك لعبه "الضاما" وعصى الصيد المقوسة (البوميرانج) وأدوات الكتابة من أقلام والواح والوان، وهناك الملابس والاكسسوارات والحلى التى تستعمل فى الحياة اليومية وفى رحلته للعالم الآخر، وضمن اثاث المقبرة كرسى العرش الوحيد الذى وصل لنا من حضارة المصريين القدماء والأسرة، كما وجدت هناك الصولجانات ورموز القداسة والحكم .. ولا ننسى العجلات التى كانت تجرها الخيول وأدوات القتال من سيوف وخناجر وأقواس وحراب، وهناك التابوت الذهبى للملك الذى يزن أكثر من 110 كيلوجرامات، والقناع الذهبى المرصع بالأحجار شبه الكريمة ووزنه أحد عشر كيلو جراماً، والذى كان يغطى وجه المومياء.
كما يوجد تابوتان آخران من الخشب المغطى بالذهب وهناك 314 تمثالاً من التماثيل المسماة المجيبة (الشوابتى) والتى كانت توضع فى المقبرة لكى تقوم بالعمل بدلاً من الملك فى العالم الآخر . كما يوجد 32 تمثالاً للملك وألهة العالم الآخر من الخشب المذهب، وعثر فى المقبرة ايضا على كثير من الصناديق المزخرفة بالمناظر الحربية ومناظر الصيد والترفيه والمقاصير الكبيرة من الخشب المذهب التى ملأت حجرة الدفن ونقشت عليها مناظر من كتب العالم السفلى تصور علاقة الملك مع الشمس والمعبودات المختلفة. وهناك فى المقصورة الكبرى قصة هلاك البشر التى تبشر بغفران الرب لعباده، حتى العاصين منهم.
ومن الآثار الهامة التى عثر عليها فى مقبرة الملك الشاب توت عنخ أمون مجموعة من 143 قطعة من الحلى الذهبية المرصعة بأحجار شبه كريمة أغلبها يمثل معبود الشمس بأشكاله المختلفة والقمر ايضاً، فهناك الأساور والأقراط والخواتم والصدريات والدلايات، بل هناك درع صنع للملك من الذهب ورصع بالأحجار والزجاج الملون وزخرف بأشكال المعبودات التى تحمى الملك وترعاه فى حياته وبعد وفاته، كما عثر هناك على مجموعة هائلة من الأوانى التى صنعت من الألبستر أهمها بالطبع ذلك الإناء الذى يمثل علامة الوحدة بين شطرى البلاد يربطهما معبود النيل، كما يوجد هناك مصباح ليلى (أباجورة) من الألباستر صنع بطريقة فنية رائعة تظهر صورة الملك مع زوجته عند اضاءته. ولمساعدة الملك فى رحلته للعالم الآخر ايضاً، صنعت له ثلاثة أسرة جنائزية لتحمله فوق ظهرها وتصعد به الى السموات البعيدة.
ويبدو أن ما سرق من المقبرة فى العصور القديمة كان بعض الحلى والعطور والزيوت وربما تمثال من الذهب لمعبودة كان موجوداً فى مقصورة صغيرة من الخشب المغشى بالذهب.

توت عنخ أمون ولعنة الفراعنة
بعد أن كشف هوارد كارتر مقبرة توت عنخ أمون توفى اللورد كارنر فون العجوز نتيجة الارهاق وربما من الحمى التى اصابته، وهنا ساد اعتقاد فى العالم الغربى أن "لعنة الفراعنة" هى التى أصابت اللورد، وانتشرت الفكرة على نطاق واسع، وأصبحت كل حادثة مؤسفة لأثريين مرتبطة بلعنة الفراعنة.
ونصوص اللعنات لمن يعتدى على المقابر ويسرقها معروفة منذ أقدم العصور، وفيها يستعين من يلعن بقوى عظمى لتساعده حيث يطلب من إحدى المعبودات أن تضر عدوه ضرراً بالغاً، وأن تحكم بينه وبين عدوه.
ونحن لا نعتقد بوجود "لعنة" ما أضرت باللورد كارنر فون الممول الرئيسى لعمليات كشف مقبرة توت عنخ أمون، ونرى أن وفاته ليس لها صلة بمثل هذه اللعنة. ولو كانت هناك لعنة لكانت قد أصابت هوارد كارتر مكتشف المقبرة الذى توفى بعد هذا الكشف بسبعة عشر عاماً، وعلى العكس تماماً فقد اشتهر اللورد كارنر فون وهوارد كارتر نفسه واقترن اسماهما باسم توت عنخ آمون منذ اكتشاف المقبرة والى الأبد. وسوف يجد زائر مقبرة توت عنخ أمون فى وادى الملوك بالأقصر، تابوتاً من حجر الكوارتزيت البنى اللون يحوى ثلاثة توابيت على هيئة الانسان، ويوجد الآن بالتابوت الحجرى التابوت الأكبر المصنوع من الخشب والمغشى بالذهب وبه مومياء توت عنخ أمون التى قاست من عبث المكتشفين الذين أرادوا نزع الحلى الذهبية سليمة ولم يراعوا حالة مومياء الملك الشاب الموجودة الآن داخل صندوق من الخشب ملىء بالرمال وحالتها سيئة. وآثار توت عنخ أمون موجود أغلبها فى المتحف المصرى بالقاهرة، والقليل منها فى متحف الأقصر، والأمل كبير فى أن تحظى هذه المجموعة الرائعة والفريدة بجناح كبير فى المتحف المصرى الجديد المزمع بناؤه فى الجيزة بالقرب من الأهرامات فى الأرض التى خصصت له عند مدخل طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوى على مساحة 117 فداناً حيث تتوفر المساحات الكافية للعرض، والبيئة الخالية من التلوث، والاضاءة المناسبة، ولكى تكون مجالاً للجذب السياحى الكبير والمتوقع فى المستقبل القريب بإذن الله.
Reply With Quote