الجمعة، 14 يونيو 2013

المدخل للعمارة المصرية القديمة

العمارة المصرية
ما تكاد تبدو صورة هرم أو مسلة أو صرح يتوجه كورنيش منحن إلا ونتذكر مصر ، ولا يكاد اسم مصر يطرق الأسماع إلا وترتسم في المخيلة صور معابدها العظيمة ومسلاتها الشاهقة وأهراماتها الضخمة ومقابرها الفخمة حتى ليكاد كل منها يكون علما عليها ، مما يشهد بما كان لها جميعا من عظيم شأن وبالغ أهمية في الضارة المصري .
وقد كانت المعابد و المقابر المصرية تثير أعجاب كل من شاهدها ، وها نحن لا نزال نجد فيما بقى مما أنشأه المصريون من عمائر وما أقاموه من صروح ومسلات وأساطين من الجلال والروعة ما يملأ النفس إعجابا بها وتقديرا لمن أقاموها . وقد قال عنهم شمبليون : ما من شعب قديم أو حديث تصور فن العمارة على نحو فخم وعظيم وجليل كالمصريين القدماء . لقد كانوا يتخيلون وكأنهم أناس طولهم مائة قدم ، وان الخيال في أوروبا الذي يحلق فوق بواباتنا ليقف خائرا عند أقدام الأساطين المائة والأربعين في بهو الكرنك .
وفي الحق ليس من شعوب العالم من أكثر البناء ، وتحكم في كميات هائلة وضخمة من الأحجار ، ومن بلغ السعة والضخامة في البناء كالمصريين . ولا يقتصر الأمر على الضخامة والكم فحسب ، وإنما تدل العمارة المصرية أيضا على شعور دقيق بالأشكال المعمارية ، وهو ما يتجلى بصفة خاصة في الأساطين على شكل النخيل والبردي . وإذا كنا نعجب الآن بما شيدوا من عمائر ، نجد فيها صورا مختلفة من الجمال ، فما من ريب في أن أثرها على المصريين قد كان اقوي بكثير يوم كانت تؤدي فيها الشعائر والمناسك ، ويملأ أجواءها عبير البخور .
على أن ما حفظ من عمائر المصريين ضئيل جدا بالنسبة لما اندثر منها ، ذلك لان من المنشآت ما كان من مواد ضعيفة لم تستطع مغالبة عوادي الزمن فغدت أطلالا دارسة ، ومن الأساطين والجواسق ما كان من خشب لم يبق الزمن منه على شيء . ومنها ما هدم لإقامة بناء آخر مكانه أو لاستخدام أحجاره في مبنى جديد . وفي العصور المظلمة من تاريخ مصر تعرضت المعابد والمقابر لكثير من الاعتداءات ، ونهبت ذخائرها ، وخرب منها عدد غير قليل .
وكانت المباني المنشأة من حجر الجير أكثر من غيرها تعرضا للدمار ، إذ كانت الأحجار تقتلع منها ليبنى بها من جديد أو ليصنع منها أفضل أنواع الكلس .ولا ننسى اثر النيل في تدمير بعض المباني عند الفيضانات وأيضا هناك اثر كبير للحروب والثورات والظروف الطبيعية كالزلازل في تدمير بعض المباني .
لهذا كله ليس من الغريب أن يزيد ما بقى من مقابر المصريين كثيرا على ما حفظ من قصورهم وبيوتهم ومعابدهم ، ذلك لان المقابر إنما كانت تبنى على حافة الصحراء أو تنحت في الصخر ، أما البيوت والمعابد فكانت غالبا في المدن حيث تعرضت للتغير والهدم خلال العصور الماضية .
ومع ذلك فان ما بقى من عمائر المصريين كثير لا يمكن حصره . وكان المصريون من اشد الأمم تمسكا بعاداتهم وتقاليدهم ، ومن شأن العقائد الدينية و الجنازية التمسك بصيغها وما ورثته من طرز وأشكال . لذلك تحتفظ المعابد والمقابر المصرية في عصورها المختلفة بكثير من أشكالها الأولى ، وفيها يتجلى أثر العوامل المختلفة وما صاحب نشأة البناء من صفات وخصائص بما أضفى على العمارة المصرية في كافة عصورها طابعا عاما يميزها عن عمارة سائر الأمم والشعوب . بيد أن ذلك لم يمنع من أن تتراءى فيها روح كل عصر ، وتتردد فيها أصداء كل تقدم ، ويتجلى فيها تطور نبوغ المصريين في فن البناء ، ثم أنها لتنم عما لابسها من ظروف سياسية واقتصادية ، وهي بذلك سجل حافل معرفة تطور أحوال مصر خلال قرون .
وبينما كان المصريون يبنون بيوتهم وقصورهم من اللبن ، فقد عنوا كثيرا بمعابد الآلهة ومقابر الموتى ، يختارون لها أفضل المواد وأقواها مهما كلفهم ذلك من جهد ومشقة . وكانوا يعلون في بنائها ويزيدون فيها ، أو ينحتونها في الصخر الأصم لتكون بيوتا خالدة على الزمن ، جديرة بالآلهة والموتى الأبرار ، لذلك كان للعمائر الدينية والجنازية اكبر الشأن في العمارة المصرية . وكانت منذ الدولة القديمة على الأقل على أوثق صلة بفنون النحت والنقش والتصوير ، لذلك كان يلاحظ عدم خلو أي معبد أو مقبرة من التماثيل والرسومات المنحوتة ولا يمكن تقبل أي معبد أو معلم بدون التماثيل والفنون الزخرفية .
وقد جبل المصريون منذ عصور ما قبل الأسرات على زخرفة أوانيهم وأدواتهم وأسلحتهم وما صنعوا من أثاث وتوابيت ، وان كان ذلك في اعتدال واتزان ، إلا انه اقتضى عملا وجهدا يزيد على ما كانت تقتضيه الأغراض العملية ، وقد رفع ذلك من قيمة ما انشئوا وأضفى عليه طابعا فنيا جميلا . كذلك لم يشأ المصريون أن يتركوا ما في الجدران والسقوف في المعابد والمقابر من مساحات شاسعة عاطلة فزينوها بالصور والنقوش وبعض العناصر الزخرفية مما يتفق وأغراضهم الدينية والجنازية ، ويرضى مشاعرهم الفنية أيضا ، إذ ليس بخفي ما يتجلى في دقة التصوير وحسن تأليف الصور والزخارف واتساق الألوان من قيمة زخرفيه . وفضلا عن ذلك فان النقوش لتتسق وطراز البناء أتم اتساق وذلك بقلة بروزها أو ضالة غورها مما يدل على ما كان يجمع بينهما من صلة .
وكانت نقوش معبدي هرم ساحورع والطريق الصاعد تشغل نحوا من عشرة آلاف متر مربع ، وليس بعد هذا دليل على ما كان بين النقش والعمارة المصرية من علاقة وطيدة وعلى أهميته لها ، وإلا فكيف كانت تبدو المسطحات الشاسعة بغير نقوشها الملونة التي تحليها ، وكيف تكون مثلا مقبرة مرروكا ذات القاعات ألاثنتي والثلاثين ، أو قبر سيتي الأول بدهاليزه وقاعاته المحفورة في الصخر ، أو بهو الأساطين في معبد الكرنك ، أو قاعة العمد الكبرى في معبد أبو سنبل العظيم إذا خلت جدران كل من نقوشها .
ويزيد في تبيان العلاقة بين النقوش والعمارة أن المصريين وان كانوا قد بدؤوا منذ وقت مبكر يكتبون على البردى بخط هيراطيقي ثم بعد ذلك بخط ديموطيقي ، فإنهم ظلوا يحتفظون على مدى تاريخهم الطويل بالخط الهيروغليقي يسجلون به في الحجر ما شاءوا من نصوص دينية ودعوات وأخبار وما يصاحب الصور والناظر من عبارات . والخط الهيرغليقي زخرف جميل ، علاماته شخوص وأشكال ، كان الفنان يعنى برسمها وتنظيمها وتلوينها بما يتسق وما يحلى الجدران من مناظر حتى ليعتبر أجمل خط خطته يد الإنسان .
يضاف إلى هذا كله أن المصريين كانوا يعتقدون أن في التمثال والصورة ما يفيد صاحبهما في الآخرة ، وانه يضار إذا تعرضا للتلف ، وان روحه تنعم بما يصور لها من شعائر ومناظر على الجدران وما يقدم لتمثاله وصورته من قربان ويتلى أمامهما من دعاء . لذلك أكثروا من إقامة التماثيل في المعابد والمقابر ، وحلوا جدرانها بالنقوش والصور فلا يكاد يخلو منها جدار .
نخلص من هذا إلى انه كان يستحيل من وجهة النظر المصرية أن تستغني العمارة الدينية والجنازية عن النحت والنقش والتصوير ، وان التماثيل والنقوش والصور كانت جزءا من المعابد والمقابر بحيث لا يجوز إغفالها إذا أريد تقدير العمارة المصري على أساس سليم وقصد إلى الاستماع بها على نحو صحيح .
هذه الصلة الوثيقة بين الفنون المختلفة هي أساس ما يجمع بينها جميعا في كافة أزمنة التاريخ المصري القديم من صفات مشتركة ، تؤلف بينها وحدة متكاملة في اتساق فني جميل . وليس أدل على ذلك من انه لو أقيمت بعض تماثيل الأسرة الرابعة في مباني زوسر لبنا كل منهما على الآخر ولما كان بينهما ما يجمع عمارة زوسر وتماثيله من اتساق وتوافق . ولو حليت بعض مباني الأسرة الرابعة بنقوش من طراز نقوش الأسرة الثالثة أو الخامسة لفقدت عمارة الأسرة الرابعة كثيرا من جلالها وعظمتها ، وضاعت فخامتها وروعتها . ولو أقيمت في معبد الوادي للملك خفرع تماثيل من طراز تمثال زوسر أو على غرار تماثيل الأسرة الخامسة لما كان بينهما ما كان بين تماثيل ذلك المعبد وعمارته من تناسق و وحدة فنية .
وعلى هذا النحو لو حليت جدران معبد الدير البحري بنقوش من طراز نقوش الرعامسة ، أو أقيمت في أنحائه تماثيل على شاكلة تماثيل رمسيس الثاني لفقد المعبد الاتساق الذي يجمع بينه وبين نقوشه وما كان يحتويه من تماثيل . ولو نقشت المعابد الضخمة من عهد الرعامسة بنقوش دقيقة أنيقة من طراز النقوش من عهد أمنحوتب الثالث لفقدت هذه المعابد ما يجمعها بنقوشها من توافق .
وما ريب في أن ما يتمثل بين عمارة كل زمن وتماثيله ونقوشه وصوره من اتساق وتناسق إنما يرجع إلى روح كل عصر ، وانه كانت تجمع البنائين والنحاتين والنقاشين والمصورين روابط قوية من نظم وتقاليد ، ومشاعر وأفكار ، ومثل وأهداف ، وصلات وطيدة من جنس وزمان وبيئة ، وأنهم كانوا يستلهمون إيحاءات متشابهة تقرب بين أعمالهم ، وقد عقد هذا كله الصلة بين العمارة والنحت والنقش والتصوير ، بل إنها لتتعاون جميعا في تحقيق ما قصد إليه منها من أهداف وغايات في تكامل وتوافق .
وليست تقام البيوت والمعابد والمقابر إلا لتحقيق ما يراد منها من أغراض وتوفير المكان المناسب لما يحتاج إليه من متاع وأدوات مما يعقد الصلة كذلك بين المبنى والغرض منه وما يودع فيه من أثاث ، وخاصة ما كان يفرد له مكان ثابت كالزوارق والنواويس وموائد القرابين والمسلات والتوابيت وغيرها مما عسى أن يكون له أثره في تخطيطه أو مظهره ، وهو ما ينبغي أن يكون موضع الاعتبار . وقد ضاع ما كانت تحتويه البيوت والمعابد في مصر القديمة من أثاث إلا أمثلة قليلة ، على أن ما حفظ منه في بعض المقابر وما يحلى الجدران من صور إنما ينبئ عما كانت تشتمل عليه القصور والبيوت والمعابد من متاع يتميز بما يتمثل فيه من جمال وحسن نسب يرقيان به إلى مستوى فني رفيع .
والفنون والصناعات إنما هي خير سبيل لتفهم الأمم وما أحرزت من حضارة . والعمارة المصرية شأنها شأن فنون النحت والنقش والتصوير تنطق عن روح المصريين ، بل قد تكون في بعض الأحيان أوضح بيانا لما كان يختلج في نفوسهم من مشاعر وأفكار . وقد كان لها عندهم شأن عظيم ، يدل عليه أن من البنائين من رفعوه إلى مصاف الآلهة ، وكفى بذلك تشريفا للبنائين وفن البناء . وهي مع ذلك تؤلف صفحات مجيدة في تاريخ الحضارة الإنسانية عامة ، يمكن أن نترسم فيها بداياتها الأولى على ضفاف النيل ، وان نتبع تطوراتها وتوفيقاتها مدى ثلاثة آلاف سنة على الأقل ، وما حققته من أمجاد تشرف الإنسانية وتعلى من شأنها .
وفي الحق لقد أسهم المصريون في تطور العمارة في العالم بما يكفل لهم ذكرا مجيدا في تاريخ البناء ، فمنذ ثلاثة آلاف عام من قبل الميلاد عرفوا كيف يبنون العقود والأقباء من اللبن ، وكيف ينشئون القباب . وقد كانوا أول من شيد بالحجر ورفع الأساطين والعمد ، وأقدم من أقام المباني الضخمة وتوجيها بالطنف ، وانشأ فيها الصفات والأفنية المحاطة بالأعمدة أو الأساطين ، وشيد المعابد المحاطة بالأعمدة . وكانوا أول من عرف الملاقف لتهوية داخل البيوت ، وأعلى البناء طوابق ، وانشأ طراز البازلكا ، وأقام المدن المنظمة . وقد علموا غيرهم حسن البناء بالحجر النحيت ، وعنهم اخذ الإغريق وشعوب البحر الأبيض المتوسط فيما يظن بعض عناصر الأساطين كالتاج النباتي ، والركيزة ، والساق المقناة ، والميزاب في شكل أسد ، وبعض العناصر الزخرفية .
والعمارة المصرية بعد ذلك معرض حافل بالجمال ، ولا تزال أرضا بكرا لكل باحث ودارس ، إذ لا يزال كثير من مسائلها في حاجة إلى درس واستقصاء ، فما أجدرها لذلك كله بالاهتمام والتقدير .



العمارة المصرية خصائصها وما اثر فيها من عوامل:

لازمت العمارة المصرية طوال تاريخها القديم صفات وخصائص يعين التعرف عليها ومعرفة أسبابها من اجل فهمها وحسا تقديرها .
وقد كان للظروف الطبيعية ومواد البناء وعقائد المصريين وتصوراتهم وأحوالهم السياسية والاقتصادية وما جبلوا عليه من نشاط وامتازوا به من كفاءة أثرها جميعا فيما أنشأوا من عمائر .

وتتميز مظاهر الطبيعة في مصر بقوتها وروعتها وشدة جلائها ووضوحها واستقامة خطوطها ، واستقرار أحوالهم مدى الأيام والسنين . فنيلها عظيم في طوله واتساعه ، يجري بين شاطئيه في جلال ، ناشرا الخصب والحياة عن يمين وشمال . وشطئانه مستوية في أكثر الأحيان ، وموجه يعلو ويزيد في ميعاد معلوم من كل عام ، فإذا فاض وجاوز حده كسر الحواجز والجسور ، واغرق المزارع والقرى .

والوادي الخصيب يمتد على طول النهر من الجنوب إلى الشمال ، تتخلله القنوات في خطوط مستقيمة . والشمس تمخر سماء مصر كأنها ملك عظيم ، الربي والوديان بضوئها الساطع فتبدو الأشياء على حقيقتها السافرة أوضح ما تكون بما لا يدع مجالا للبس أو وهم أو خيال .

ومناخ مصر جاف معتدل على مدار العام ، والطبيعة فيها سمحة هادئة مستقرة في صمت ووقار ، لا تكاد تختلف من مكان إلى آخر ، فالقرى تتوالى متشابهة ، بعناصر مشتركة من النخيل والشجر وغيره .

هذه الطبيعة الجليلة الوقورة ، السافرة الواضحة ، المستقرة ، المستقيمة ، المتشاكلة ، لا بد أن غمرت قلوب أبنائها وأحاسيسهم ، وقد كانوا على صلة وثيقة بها ، بمعاني الجلال والوقار ، والقوة والعظمة ، والوضوح والجلاء ، والثبات والاستقرار ، والاعتدال والاستقامة ، فتأثرت بها أفكارهم ، وطبعت عليها نفوسهم ، ووجدت سبيلها إلى أعمالهم الفنية وعلى رأسها جميعا مبانيهم و عمائرهم . وها هو ذا ما حفظ من معابدهم وأهراماتهم في عهد الأسرات تمتد فيها الجدران مصمتة ، لا تتخللها غير فتحات ضيقة، وتعلو فيها الصروح قوية شاهقة ، وتتعاقب فيها الأفنية والأبهاء والقاعات على محور مستقيم ، واضحة بسيطة ، لا تعقيد فيها ولا إبهام ، سطوحها في الغالب الأعم مستوية ، لا مقبية و لا مقببة ، وتتفق ومحيطها أحسن ما يكون الاتفاق ، وتتسق خطوطها الأفقية والراسية وخطوط الهضبة أتم اتساق . وها هي ذي الأساطين السامقة بطرزها النباتية المختلفة ترفع السقوف مسافات عالية ، وتضفي على المكان روعة وجلالها ووقارا حتى ليبدو وكأنه جزء من طبيعة الوادي الخصيب . بهذا كله بلغت العمارة المصرية الكمال في محيطها ، وهو سر عظمتها وما يثير الرضاء بها والإعجاب .

ومصر قليلة الأمطار ، ومن اجل ذلك كانت الأفنية عنصرا هاما في العمارة المصرية . وللسبب ذاته غدت سطوح المباني وخاصة في العمارة الحجرية طوال العصر الفرعوني مستوية ، وكان لها دور هام في حياة المصريين في بيوتهم ، وقد تزود في المعابد بمأزيب فخمة لتصرف ما قد يهطل من سيول فجأة من حين إلى حين.
ولاتقاء حرارة الشمس وضوئها القوي كانت الصفات في واجهات المباني أو حول الأفنية الداخلية عنصرا هاما لتوفير الظل. وكانت النوافذ في المعابد فتحات صغيرة في أعلى الجدران أو في السقوف مما يترك مساحات معمارية كبيرة للصور والنقوش ، في حين كانت مداخل الأبواب في المعابد والمقابر كبيرة فخمة ، يدخل منها ضوء كاف يضئ مساحات كبيرة ، ولكنه لا يلبث أن يقل شيئا فشيئا فيزيد في روعة المكان، والنقوش غائرة في السطوح الخارجية والسطوح المعرضة لضوء الشمس بما يقيها العطب ويسمح للأضواء والظلال أن تتلاعب عليها بما يخفف من حدة الضوء الشديد ويضفي على الجدران جمالا، وهي دقيقة بارزة في سطوح الجدران الداخلية بما يكفل لها الوضوح في الضوء الضعيف الخافت ، ويكون لها الأثر الجميل في النفس .

وكان "نسيم الشمال العليل" يلطف من حرارة الجو في أيام الصيف ، لذلك كانت الصفات وواجهات البيوت تستقبل عادة الشمال ، كما كانت تنشا في السقوف ملاقف تتلقى الهواء البارد بما يتفق وأماني المصري القديم من أن يتنشق ريح الشمال العليل المضمخ بعبير الآلهة .
ولمواد البناء اثر واضح في الأشكال المعمارية ، حتى إن استبدال مادة بأخرى يقتضي عادة تعديل طراز البناء أو تغير نسبه ، ولا يكون البناء جميلا متكاملا إلا إذا كان بين طرازه والمادة التي بنى بها اتساق . وقد كانت مواد البناء الأولى في مصر مما كان ينمو في وادي النيل من أعواد النبات من البردى والغاب والسمار ومن فروع الشجر ، وقد وجد فيها المصريون مواد سهلة يقيمون منها أكواخهم البدائية بما كان يوائم حالتهم الثقافية والاقتصادية وما كانوا يملكون من أدوات . وكان من الملامح البارزة للأكواخ آنذاك قلة مساحتها ، واستدارة مخططها وتقوس أعلى مداخلها ، وانحدار سقوفها أو تقبيها بعقد أطراف أعواد النبات من فوقها ، بما يمكن أن يعد أصلا للسقوف الحدباء والأقباء والقباب ، وفي ذلك الزمن البعيد كان من سقوف الأكواخ ما يرفع على فروع الشجر أو فوق حزم من أعواد النبات .
وقد ساعد اللبن الذي كان يصنعه المصريين من مخلفات النيل ويسر في البناء وساعد على سعة واستقامة جوانب البناء ، كما ساعد على أن يكون المدخل في بيت الزعيم أو الملك من شكل خاص فخم ، يبرزه ويعظم من شأنه بين سائر البيوت والمساكن .
ومن الصفات البارزة لعمارة المقابر الكبيرة في بداية الأسرات تكسر سطوح جدرانها الخارجية في مشكاوات متداخلة ، ساعد البناء باللبن على ازدهارها إن لم يكن قد أدى إلى نشأتها . و هكذا كان اللبن ذا اثر لا ينكر في العمارة المصرية .
ومنذ الدولة الوسطى كان يراعى أن يكون طول اللبنة ضعف عرضها لينتفع بها في البناء طولا وعرضا بما يكفل تماسك البنيان ومتانته . ولما كان الطمي متوفرا في كافة أنحاء مصر ولا يحتاج صناعته إلى مهارة كبيرة فان البناء به رخيص ، ويناسب طقس مصر لقلة الأمطار فيها ، فضلا عما يتوفر في البيوت التي تبنى منه من دفء في الشتاء واعتدال حرارة في الصيف ، وقدرة على البقاء زمنا طويلا لا يتلفه إلا ما تذروه الرياح من رمال يسهل علاج أثره بملاط من طين يجدد من وقت إلى آخر .

ومن اللبن كانت تبنى البيوت والقصور وأسوار المدن وبعض المعابد ، ولكن أكثرها اندثر لوقوعه في مناطق الأحياء ولأن البناء باللبن لا يدوم بطبيعة الحال قدر ما يدوم البناء بالحجر . ومع أن المصريين صنعوا اللبن منذ أواخر ما قبل الأسرات فإنهم لم يستخدموه محروقا إلا في العهد المتأخر على عكس غيرهم من الشعوب وخاصة البابليين ، وذلك لوفرة الأحجار المختلفة في مصر وقلة مواد الحريق بها .
وكان الملاط في المباني من اللبن هو الطين ، وهو أصلح المواد لهذا الغرض ، ولا يزال يستخدم في المباني من اللبن حتى الوقت الحاضر . وكانت الجدران من اللبن تطلى أيضا بطلاء من طين ، وكان نوعين ، نوع خشن يتكون من طمي النيل العادي ، ونوع جيد يتكون من خليط طبيعي من طين دقيق الحبيبات وحجر جيري .
وقد شغف المصريون بالخلود فما يعرف من شعوب العالم من تحدث مثلهم عن ملايين السنين وعن الأبدية . وفي كفاحهم ضد الفناء وجدوا في أحجار الصحراء ما يتسق وما صبوا إليه من أهداف ، فاستغلوها اكبر استغلال . وكان الملوك يوفدون البعثات إلى أسوان وأماكن مختلفة في الصحراء الشرقية لجلب الأحجار المختلفة اللازمة للأهرامات والمعابد والأبواب الوهمية والمسلات والنواويس والتماثيل والتوابيت وغيرها ، بما كفل لمنشأته البقاء آلاف السنين ، وميز العمارة المصرية على عمارة البلاد الأخرى وخاصة عمارة بابل وأشور ، حتى ليقال بحق أن مصر وطن البناء بالحجر .

استخدام الحجارة في العمارة المصرية أو الحجارة والعمارة الفرعونية :
وكان الحجر الجيري حجر البناء الرئيسي في الدولة القديمة ، وهو من الأحجار الرخوة ، ويتوفر بكثرة في الهضاب التي تكتنف وادي النيل مباشرة في الشرق والغرب من إسنا إلى القاهرة . ومنه نوع جيد يمتاز بصلابته ودقة حبيباته في طره والمعصرة جنوبي القاهرة بإزاء منف ، وفي الجبلين جنوب ارمنت بقليل . ولجودته كانت تكسى به الأهرامات والمصاطب الكبيرة ، وتبنى به الدهاليز والقاعات وخاصة ما كانت جدرانها تنقش بالصور . بيد أن أطول مسافة يمكن تسقيفها بالحجر الجيري لا تزيد على ثلاثة أمتار ، لذلك كانت أكثر القاعات في الدولة القديمة ضيقة ، على أن من الأبهاء في بعض المعابد والمقابر ما أمكن تسقيفه بأحجار جيرية تعتمد على أعتاب فوق صف أو صفين من الأعمدة أو الأساطين . كذلك ساعد الحجر أيضا على استقامة السطوح ، بيد أن من سقوف بعض غرف الدفن العريضة وما يتصل بها من ردهات ما هو احدب ، يتكون من أحجار مائلة يعتمد طرف احدها على طرف الأخر في شكل مثلث مما ساعد على توزيع ثقل الجزء العلوي من البناء ، ويزيد في قوة هذا الطراز من السقوف أن يكون من طبقتين أو ثلاث كل منها تعلو الأخرى . ومن السقوف ما كان يبني من حجر الجير فيشكل عقد مدرج على طريقة بعض الأقباء من اللبن . ومن هذه السقوف بنوعيها ، الأحدب والقبو المدرج ما كان ينحت سطحه الأسفل في هيئة قبو كاذب . وقد ظل المصريون يستخدمون حجر الجير في بناء المعابد والمقابر حتى أواسط الأسرة الثامنة عشرة ، ثم بعد ذلك في حدود ضيقة . وكان الكتبة يسجلون على الأحجار بعد قطعها في محاجر أسماء فرق الحجارين الذين قطعوها وتاريخ قطعها وأجزاء البناء التي ستبنى فيها وغير ذلك من تفاصيل .
وكان الملاط في المباني من الحجر من الجبس ، ولا يعرف أن المصريين قد استخدموا الجير ملاطا قبل العهد اليوناني وذلك رغم أن الحجر الجيري متوفر في مصر ، أكثر من الجبس ، وأسهل منالا ، ولعل ذلك يرجع إلى قلة الوقود في مصر ، إذ يحتاج حرق الجير إلى درجة حرارة أعلى كثيرا من حرق الجبس . وانه ليصعب علينا الآن أن نتصور إمكان البناء بغير ملاط يربط بين الأحجار ، ذلك لأننا تعودنا البناء بأحجار صغيرة يقتضي تماسكها ملاطا بينها .
ومع ذلك لم يكن الغرض من ملاط الجبس في المباني الحجرية التي شيدها المصريون بكتل كبيرة من الحجر ربط الأحجار بعضها ببعض لان في ثقل الأحجار ما يغني عن ذلك ، وإنما كان لملء الفجوات الدقيقة في السطوح العليا للأحجار إلى تحمل أثقالا كبيرة في جدران عالية ، ولتوزيع ما يقع عليها من ثقل مما جنبها التشقق وكفل لها كمال التصاق الأحجار بعضها ببعض . وربما كان الغرض منه أيضا تيسير تحريك الأحجار الثقيلة و وضعها في مكانها من البناء بدقة ، بما كان يقي في ذات الوقت حوافيها وحوافي الأحجار المجاورة من التلف في وقت لم تكن تستخدم فيه بكرات أو رافعات . ولتحقيق ذلك كله كان ملاط الجبس يستخدم سائلا بدرجة كبيرة حتى انه عند جفافه لم يكن يتجاوز أن يكون أكثر من طبقة رقيقة . وكانت الجدران والسقوف تطلى بطلاء الجبس أيضا ، وكان هذا الطلاء يستخدم كذلك في علاج العيوب في الجدران وفي تسوية سطوحها قبل نقش الصور والمناظر فيها .
وكانت الأحجار الكبيرة تنقل على زلاقات من خشب ، وقد عثر بالقرب من هرم سنوسرت الثاني في اللاهون وهرم سنوسرت الثالث في دهشور على ما يدل على استخدامها . ومن النصوص ما يدل على أن أحمس الأول افتتح في السنة الثانية والعشرين من حكمه محجرا جديدا في طره للحصول على حجر جيري ابيض جميل لمعبدي بتاح في منف وأمون في طيبة ، وتمثل الصورة المجاورة للنص ثلاثة أزواج من الثيران تجر زلاقة محملة بالحجر ، ويسوقها ثلاثة أسيويون .
ومن المعابد ما كانت تكسى جدرانه وتسقف قاعاته بحجر الجرانيت ، وتنحت منه أعمدته أو أساطينه وعتبه واطر أبوابه . وكان يؤتى به من أسوان وخاصة من جزيرة الفنتين ، ومنه الأحمر الوردي والأشهب والأسود . ومن نقوش الملك اوناس ما يمثل نقل أساطين وكرانيش من جرانيت احمر لمعبدي هرمه . بيد أن صعوبة تسوية سطوح الجرانيت لم تشجع كثيرا على استخدامه في نطاق واسع ، وان كانت الدولة القديمة أكثر العهود التي استخدم فيها الجرانيت في المعابد والأهرامات وخاصة للمتاريس وتسقيف القاعات التي يزيد بحرها على ثلاثة أمتار . وكانت تنحت منه أيضا الأبواب الوهمية والتماثيل والمسلات والنواويس والتوابيت وغيرها .
ولما كان من الممكن اتخاذ أحجار طويلة من الحجر الرملي ، فقد يسر ذلك في الدولة الحديثة تسقيف مساحات عريضة ، وإقامة قاعات ، وأبهاء واسعة ، ومباني ضخمة ، مما كان له اثر واضح في العمارة المصرية . ومن أمثلة ذلك في معبد الكرنك صحن بهو الأساطين العظيم ، الذي يبلغ عرضه تسعة أمتار .
ويتوفر الحجر الرملي في التلال الممتدة من وادي حلفا إلى كلابشة في بلاد النوبة ثم من أسوان إلى إسنا ، وكانت أهم محاجره في جبل السلسة ، شمالي أسوان بنحو 70 كيلو متر وذلك بين ادفو وكوم امبو . وقد استخدمه المصريون في البناء على مدى واسع منذ أواسط الأسرة الثانية عشرة حتى العهد الروماني ، وذلك في معابد الأقصر والكرنك و الرمسيوم ومدينة حابو وغيرها ، كما صنعوا منه أيضا التوابيت والتماثيل والنصب .
وكان حجر الكورتزيت احد الأحجار الجميلة التي استخدمها المصريون ، وهو حجر رملي صلد متبلور ذو لون يميل للاحمرار ، ويوجد في الجبل الأحمر شمال شرقي القاهرة بنحو عشرة كيلومترات ، وفي الجبلين ، وقد صنعوا منه عتب بعض الأبواب ، ونحتوا منه بعض غرف الدفن ومن ذلك غرفة دفن الملك أمنمحات الثالث ، كما صنعوا منه بعض التوابيت والتماثيل .
وساعد في البناء كذلك المرمر المصري (الكلسيت) ، وهو من الأحجار الرخوة ذات اللون الأبيض أو الأبيض الضارب للصفرة ، ويشبه المرمر ولكنه يختلف عنه في تركيبه ، ويتميز بدقة حبيباته وصلاحيته للصقل الجيد . ويوجد في مصر في أماكن من الصحراء الشرقية وخاصة بالقرب من حلوان ، وفي جنوب شرقي العمارنة . وقد استخدمه المصريون في رصف ارض بعض المعابد وتكسية بعض الجدران وفي بناء بعض الجواسق والمقصورات ، وصنعوا منه موائد للقربان و نواويس وأواني و تماثيل و توابيت .
ومن الأحجار المساعدة أيضا حجر البازلت ، وهو حجر صلد اسود أو أشهب قاتم ، وكان يستخدم في رصف ارض بعض المعابد وفي بناء سافلات الجدران . و يظن أن مصدره جبل القطراني في الفيوم ، بيد انه يوجد كذلك غي أبو زغبل وفي شمال غربي أهرامات الجيزة .
وكان قطع الأحجار في المحاجر واستخدامها في البناء تقوم به الدولة حتى العصور المتأخرة على الأقل ، ومن شأن الأعمال الحكومية أن تلتزم أشكالا وأساليب ثابتة ، مما كان له أثره بصفة عامة في العمارة المصرية .
ويتميز المصريون بأنهم أقاموا أضخم الأعمال بأبسط الوسائل والأدوات مما يصعب تصوره في عصر الآلة في الوقت الحاضر ، حتى لقد ذهب الظن إلى أنهم استخدموا آلات من الصلب في قطع أحجار الجرانيت . وان التأكسد قد اتلف هذه الآلات بعد قرون قليلة فلم يبق منها شئ . وينقض هذا ما عثر عليه من أمثلة كثيرة من آلات النحاس ، فلو أن المصريين استخدموا أدوات من الصلب لبقي منها بعض أمثلة بفضل جفاف مناخ مصر وتربة الصحراء ، أو لدلت عليها أثارها في المعابد والمقابر .
وقد قيل أيضا أنهم عرفوا كيف يلينون الجرانيت بوسائل كيماوية قبل استخدام الأزميل فيه . على انه لاشك في أنهم أفادوا خبرة كبيرة في نحت الحجر الرخو والصلد على حد سواء وذلك فيما اخرجوا من أعداد لا تحصى من الأواني الجميلة من مختلف الأحجار في عصور ما قبل الأسرات وبداية الأسرات ، ومن حفر المقابر في الصخر في منطقة منف .
وكانت الأحجار الرخوة ، وهي الحجر الجيري والرملي والمرمر المصري ، تفصل في محاجرها بحفر أخاديد من فوقها ومن حولها وذلك بأزاميل من حجر أو نحاس حتى الدولة الوسطى ، ثم من نحاس أو برنز حتى انتشار استخدام الحديد في صناعة الآلات منذ بداية القرن السابع قبل الميلاد . وليس من شك في أن ازدياد استخدام النحاس في صناعة الآلات في بداية الأسرات وصناعتها من البرنز منذ الدولة الوسطى قد يسر قطع الأحجار وقيام العمارة الحجرية وازدهارها . وكان يدق على الأزاميل بمداق من خشب أو حجر . وكانت الأحجار الكبيرة تفصل من أسفل بأسافين من خشب تبل بالماء كي تتمدد فيتشقق الحجر ، أما الأحجار الصغيرة فكانت تفصل بأسافين يدق عليها . وفي العصور المتأخرة كانت الأسافين تتخذ من حديد .
ويغلب على الظن أن كتل الجرانيت كانت تتخذ بادئ الأمر من جلاميد الصخر إلي فصلتها العوامل الطبيعية . ومهما يكن من أمر فقد أصبحت الأحجار الصلدة ومنها حجر الجرانيت والكورتزيت تقتطع بأسافين من خشب يبل ، أو بدقها بكرات من الدولريت ، وهو حجر صلد مائل للاخضرار يوجد في بعض وديان الصحراء الشرقية بين النيل والبحر الأحمر . على إن الأسافين لم تكن تستخدم في قطع المسلات ، وذلك لما تحدثه من ضغوط غير متساوية لا تقوى المسلات على تحملها لقلة سمكها وطولها ، لذلك كانت تفصل من جوانبها ومن أسفلها بطريق الدق .
وهكذا لم تكن أدوات المصريين وآلاتهم لتعدو أدوات من حجر ونحاس وبرنز وخشب ، وذلك على الرغم من رخاوة النحاس الذي قد يفيد الطرق والتسخين في تقسيمه ، ولكن الطرق مع ذلك يجعل حواف الآلات سريعة القصم ، لذلك قيل انه كانت للمصريين طريقة خاصة في تقسيمه النحاس اندثرت باستخدام الحديد في العصور المتأخرة ، على أن من الكيماويين من أنكر ذلك وعده من قبيل الأساطير .
ومهما يكن من أمر فإننا لا نملك إلا أن نحني رءوسنا إجلالا وتقديرا أمام تلك المنشات الماردة التي أقامها المصريون ، خاصة إذا علمنا أنهم لم يستخدموا فيها غير عتل وزلاقات وجسور ، وان من عمائرهم ما بلغت فيه دقة التحام الأحجار بعضها ببعض غاية لا تفوقها غاية في أحجار منها ما يزن خمسة عشر طنا ، وكان ذلك في عهد خوفو في أوائل القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد . ولئن كانت عمائرهم بعد ذلك لم تبلغ هذه الغاية من دقة البنيان ، أو أنها لم تخل من عيوب ، منها ضعف الأساس وضعف الجدران السميكة ، في الوقت الذي أقاموا فيه المسلات ، فلابد أن كان لذلك أسبابه ، التي قد يكون منها كثرة البناء والحرص على انجازه في وقت قصير . وما ينبغي أن ننسى مع ذلك أن مستوى ماء النيل قد كان منخفضا ، فلم يكن للمياه الباطنية أثرها السيئ ، فضلا عن قلة سقوط المطر إذ ذاك . ومهما يكن من شيئ فان النصوص لتدل على أن أعمال البناء . وكان العمل يجري في اتساق ونظام دقيق وربما على نغم الناي في بعض الأحيان على الأقل .
وقد لازمت البناء بأعواد النبات والبناء باللبن منذ عصور ما قبل الأسرات أشكال وخصائص اقتضتها طبيعة كل منهما ، ومن ثم وجدت سبيلها إلى العمارة في الحجر لما اكتسبت من قداسة ، ولما كانت تكنى عنه من معان ورموز ، وقد توارثها المصريون جيلا عن جيل بحكم ما جبلوا عليه من استمساك بتقاليدهم القديمة . ومن ذلك الخيرزانة والكورنيش المصري . أما الخيرزانة فهي بروز اسطواني يحف بجدران المعابد والهياكل والأبواب وبأعلاها ، وكانت تمثل عليها خطوط متعارضة ومائلة تمثل الأربطة ، إذ ترجع في أصلها إلى حزم من أعواد النبات ، كانت تقوى بها أركان الأكواخ وأعاليها . وأما الكورنيش المصري فيتوج جدران المعابد فوق الخيرزانة ، وأسفله مستو حتى ليعتبر امتدادا لأعلى الجدار ، ثم لا يلبث أن ينحني إلى أمام في انحناء رشيق يشبه الانحناء بين رأس الإنسان ورقبته ، وينتهي في أعلاه بشريط مستو . ويحلى الجزء المنحنى ما يبدو انه يمثل سعف النخل بلون اخضر أو ازرق أو احمر أو بالألوان الثلاثة معا . ولذلك يظن أن العنصر الأصلي في الخيرزانة والكورنيش المصري كان جريد النخل ، وخاصة لما يمتاز به من مرونة وصلابة معا . على أن من الأثريين من يرى انه كان غصون بردى أو سمار أو غاب ، على زعم أن جريد النخل إذا ثبت قائما لا يكون لأعاليه الشكل المنتظم والمنحنى الذي للكورنيش المصري ، وإنما ينحني بعضه إلى خارج وبعضه إلى داخل ، بينما يظل معظمه مستقيما بدرجة كبيرة أو صغيرة . وينقض ذلك أن الجريد إذا نظم بحيث يكون باطنه إلى داخل وظاهره إلى خارج وفق طبيعته من فوق أشجار النخيل فانه ينحني إلى الخارج ، هذا فضلا عما يعرف عن المصري القديم من ميل شديد للترتيب والتنظيم ، كما انه لا يخفى أن الجريد لا يستقيم له عود .
والخيرزانة والكورنيش المصري من ابرز ملامح العمارة المصرية ، وقد كانت للأولى فائدتها وللثاني حتميته في المنشآت من أعواد النبات ، أما في العمارة الحجرية فقد أصبحا من عناصر الزخرفة التقليدية ، تحلى بهما الجدران الخارجية الهامة والأبواب لما وجد فيهما المصري القديم من رشاقة وجمال ، ولما كانا يكنيان عنه من معنى ، وإنهما في الحق ليتسقان وخطوط العمارة المصرية وجلالها أجمل اتساق . وكانت تحلى بهما أيضا النصب والنواويس وغيرها . وكان أقدم ما عرف من أمثلتها قبل الكشف عن مباني زوسر في صقارة في تابوت منقرع الذي غرق في خليج بسكاي أثناء نقله إلى انجلترا .على أن من مباني زوسر ما كانت تحليه الخيرزانة والكورنيش المصري ، ويتميز فيها الكورنيش باستقامة خطوطه ويرجع ذلك فيما يرجح إلى بداية تقليده في الحجر .
ومنذ الأسرة الرابعة على الأقل استخدم البناء المصري الأعمدة المربعة ، كل عمود من كتلة واحدة ضخمة من الحجر ، بما يسر إقامة أبهاء واسعة سقوفها بلاطات كبيرة من الحجر يحملها عتب ضخم فوق صف أو أكثر من الأعمدة .والعتب عنصر معماري هام يربط اعالى الأعمدة بما يزيد في متانة البنيان ، ويفيد في نفس الوقت في حمل أحجار السقف الكبيرة ، ويعتبر فاصلا بين الأجزاء العمودية في البناء والأجزاء الأفقية . ويظن أن العمود يرجع في أصله إلى الأعمدة أو الدعائم التي كانت تترك في الصخر قائمة في المحاجر والمقابر الصخرية ليعتمد عليها السقف ، بيد انه لا يتحتم ذلك ، إذ قد يؤدي إليه استخدام الأحجار الضخمة في البناء والرغبة في متانة المبنى واتساعه .
ومن ابرز مميزات العمارة المصرية ومفاخرها الأساطين النباتية ، وهي تتميز على الأعمدة بأناقة أشكالها وطراوتها ، فضلا عن أنها تضفي على البناء حياة وجمالا . ومن الباحثين من ذهب إلى أنها من ابتداع المصريين أنشئوها إنشاء وحاكوا بها النبات مباشرة ، أي أنها كانت وليدة فكرة لم يسبقها تمهيد يؤدي إليها ، وهو مالا يتفق وما يعرف عن المصريين ، ويدل عليه كثير من العناصر المعمارية . وما من ريب في أنها ترجع في أصولها الأولى إلى أزمنة قديمة عندما كان السكان الأولون يدعمون عروش أكواخهم بحزم من أعواد النبات أو بفروع الشجر أو جذوعه . ويغلب على الظن إن منها ما كان يحلى في أعلاه بزهور او أوراق الشجر وبخاصة في الأعياد والحفلات الدينية ، ثم لم يلبث أن غدا ذلك تقليدا مرعيا .
ولا بد انه كان لاختيار البردى واللوطس والنخيل لتحلية اعالى الأساطين أسباب معينة ، لكثرتها إذ ذاك بين نباتات مصر ، أو لان المصريين أعجبوا بها أكثر من غيرها لحمال تكوينها وحسن أشكالها ، أو لان منها ما كانوا بجنون منه فوائد هامة ، أو لأنها كانت تكنى عندهم عن معان تخفى علينا الآن . وقد يؤيد ذلك أن البردى كان رمز الشمال ، وان الإله الشمس تجلى في بدء الخليقة على زهرة لوطس . وفي أوائل عهد الأسرات على الأكثر كان من الأساطين في المعابد والقصور ما ينحت من خشب على هيئة الدعائم الأولى ، ومنها ما كانت أعاليه تنحت في صورة زهرة ، فكانت بذلك الأساطين الأولى ذات التيجان النباتية المنحوتة . وقد ظلت أساطين المظلات الخفيفة في الحدائق والحقول تنحت من الخشب . ومنذ الدولة القديمة كانت معظم أساطين المعابد تنحت من الحجر وأهمها أساطين نخيلية وبردية ولوطسية .
ومن أثار البناء بأعواد النبات كذلك تسقيف بعض المباني في الأسرتين الثالثة والرابعة بأحجار نحيتة ، سطوحها السفلى في شكل أنصاف أساطين ومدهونة بلون احمر تمثيلا لجذوع النخل التي كانت تسقف بها المباني من اللبن . ومنها الشرف في اعالى الجدران من اللبن أو الحجر ، التي يظن أنها ترجع إلى ثنى أطراف أعواد النبات وعقدها في شكل أنصاف دوائر . ويغلب على الظن أن منها أيضا عنصرين من عناصر الزخرفة الهامة في العمارة المصرية في كافة عصورها ، ويرجع احدهما إلى عقد الأطراف العليا لأغصان البردى على شكل خاص . ويرجع الآخر فيما يبدو إلى حزم اعالى البردى بعدد من الأربطة ، ويسمى في بعض الأحيان بعمود أزريس . وقد اتخذت منهما الكتابة الهيروغليفية علامتين من علاماتها ، تعني إحداهما "زخرف" ، وترمز الثانية إلى معنى الدوام .
وساعد النيل ، وقد كان أهم وسائل المواصلات في مصر وخاصة في زمن الفيضان ، على نقل الأحجار من المحاجر إلى مناطق البناء منذ الأسرة الأولى . ومنذ عصور ما قبل التاريخ كان المصريون يبنون المراكب الكبيرة ومع الزمن تقدموا كثيرا في بنائها بما جارى ازدياد الطلب على الأحجار الضخمة . ومن أقدم ما سجله التاريخ أن سنفرو بنى مركبا طولها مائة ذراع أي ما يزيد على 51 مترا ، وقد جلب من لبنان خشب الأرز على أربعين مركبا ، ولا بد أنها كانت مراكب بحرية . وذكر أونى من الأسرة السادسة انه بنى في سبعة عشر يوما سفينة من خشب السنط لنقل الأحجار طولها ستون ذراعا وعرضها ثلاثون أي أكثر من ثلاثين مترا طولا وخمسة عشر مترا عرضا . وسجل انينى ، مهندس تحوتمس الأول ، انه نقل المسلتين اللتين اشرف على إقامتهما في الكرنك في مركب طولها 120 ذراعا (63 مترا) وعرضها 40 ذراعا (21 مترا) . ومن السفن ما كان يزيد طوله على ثمانين مترا ، ومنها ما كان يستطيع نقل ما زنته ألف طن على الأقل من أسوان إلى الأقصر سواء كان ذلك كتلة واحدة أو عدد من الكتل .
ولم يدخر المصريون وسعا في إعداد الطرق من المحاجر إلى النيل ، ومن النيل إلى مناطق العمل ، وحيثما كان يصعب ذلك في الصحراء في كثير من الأحيان ، كانت تبنى جسور كبيرة في الوهاد والمنخفضات حيث كانت الأحجار تنقل على زلاقات من خشب يجرها الرجال أو الثيران .
وكانت للعقائد الدينية والجنائزية أثرها الواضح كذلك في بناء المعابد والمقابر ، فقد كان المصريون من اشد الأمم تدينا وأكثرهم اهتماما بالحياة الثانية ، وأعظمهم رعاية لموتهم ، وأحفظهم على تقاليدهم . وقد أقاموا لآلهتهم المعابد الضخمة في كل مكان ، وابتنوا المقابر الكبيرة ، وأودعوا فيها غالى الرياش . وفي مطلع العصر التاريخي اقترن توحيد القطرين بضم تقاليدهما السياسية معا ، ولا بد أن صاحب ذلك أيضا ضم تقاليدهما الدينية والجنازية ، وان ذلك كان له أثره في عمارة المعابد والمقابر . وكانت معابد الآلهة والمعابد الجنازية مسرحا لمناسك وشعائر أكثر أيام السنة مما كان له أثره بطبيعة الحال في تخطيطها وان خفيت تفاصيل ذلك عنا الآن . وما من ريب في أن عبادة الشمس وعقيدة أزيريس كان لهما صداهما كذلك . وان تكرار المشكاوات في السطوح الخارجية لجدران المقابر في بداية عهد الأسرات ، واتجاه مداخل الأهرامات في الدولة القديمة نحو الشمال ، ووقوع معابد الأهرامات في الشرق منها ، ومواجهة الأبواب الوهمية للشرق ، وتدرج ارتفاع ارض المعبد ، وتدرج انخفاض سقوفه قد كان بغير شك مما قضت به العقائد والتصورات الدينية والجنازية .
ثم ألم يكن الاهتمام البالغ بوقاية الجثة والعمل على صيانة ما كان يودع معها من ذخائر من أن تمتد العبث من بين الأسباب الهامة في تطور المقبرة ، وفي نشأة الشكل الهرمي في الدولة القديمة ، وفيما ابتدعه البناء في من حيل في إخفاء غرفة الدفن في الدولة الوسطى ، وفي فصل المقبرة الملكية عن المعبد الجنازى في الدولة الحديثة ، وليس ينكر أن بين طراز كل بناء والغرض منه صلة واضحة ، وان البناء الموهوب هو الذي يوفق بينهما في مخطط متسق . وقد وفرت المعابد والمقابر المصرية الأماكن المناسبة لأداء المناسك والشعائر المختلفة في مخطط موحد متكامل حقق ما كان يقصد إليه منها .
وقد مرت مصر في تاريخها القديم بظروف سياسية وتاريخية مختلفة ، صاحبها أحوال اقتصادية وعمرانية متباينة ، كان لها في جملتها وتفصيلها أثار عميقة في الفنون المصرية ومنها العمارة.
وقد كانت الفنون المختلفة تزدهر وتبلغ غاية تطورها في عهود الحكم المستتب والإدارة العادلة ، وتضمحل ولا يقوم لها شأن في عهد الاضمحلال والضعف السياسي . من ذلك ما كان لتوحيد القطرين في فجر عهد الأسرات من اثر بالغ في قيام حكم قوى وإدارة منظمة ساعدا على تطور الكتابة الهيروغليفية وازدهار الفنون والصناعات وخلق ملامح العمارة المصرية وطابعها العام . وضخامة البناء وبساطته معا في الأسرة الرابعة ، وتواضع منشآت الدولة الوسطى في أحجامها وموادها ، ورشاقة مباني الأسرة الثامنة عشرة وأناقتها ، وضخامة البناء في عهد الرعامسة لم يكن ليأتي لو لم يتسق وروح كل عصر أهدافه وظروفه الاقتصادية والسياسية . وقد كان للعاصمة في العهود المزدهرة أثرها الواضح في ابتداع الأساليب والطرز الفنية ، ومنها كانت تجد سبيلها في سهولة الى عواصم الاقاليم . على انه كان لذلك أثره السلبي من جهة أخرى ، فلم يتح للأقاليم أن تكون لها خصائص مميزة في الفنون المختلفة ومنها العمارة ، مما كان يعين على تنوع الطرز واختلاف الوسائل والأساليب .
وكان لأشخاص الملوك أثرهم في منشآتهم الخاصة وفي معابد الآلهة في مختلف البلاد ، وكانت تدين لهم بوجودها وما يقفونه عليها من موارد . فقد كانت الآلهة تمنح الملك السلطان والنصر ، وكان عليه لقاء ذلك أن ينشئ لها المعابد ويقيم فيها التماثيل ويزودها بأدوات العبادة ويرتب لها الكهنة ويقف عليها الأملاك ويمنحها الهدايا والعطايا.
وكان يستعين في هذا كله بمنتجات أملاكه ومصنوعات مصانعه وما يحصل من جزى وغنائم . وكان كلما عظم انتصار الملك وجب عليه أن يعبر عن شكره للآلهة بالهدايا العظيمة والأعياد الكبيرة بما يكفل دوام رضائها عنه يضاف إلى ذلك أن الملوك كانوا يعتقدون أنهم من نسل الآلهة وان مصيرهم إليها ، فلم يكونوا يدخرون وسعا في كسب رضائها ، وهو ما تنطق عنه النصوص والوثائق .
ولم يقتصر اثر الملوك على كثرة المنشآت وتوفير أسبابها بتحسين مرافق البلاد ، وتنظيم مواردها ، وتدعيم أسباب الرخاء بين طبقات الشعب وتوفير الفنانين والأيدي العاملة ، وإنما كان يتعداه إلى طراز البناء وفخامته أيضا ، إذ كان الملوك اقدر من الأفراد على تحقيق ما يريدون من بناء ، ومنهم من لم يتوقف عن تحسين مباني الآلهة والموت وتجميلها . ومن الجبانات ما بنى على طراز موحدة متسق، يدل على إرادة إنشائية واحدة . لا يمكن أن تكون غير إرادة ملك قوي ذي سلطان واسع ولم يكن ليتيسر مالطراز البناء في الأسرة الرابعة من قوة وجلال لو لم يكن يعتمد على شخصيات ملكية عظيمة ، ولم تكن مباني رمسيس الثاني لتتسم بالضخامة التي تفوق التصور الإنساني ما لم يكن من ورائها ملك طموح لا حد لطموحه . ومن الملوك من لم يفته أن يتفقد بنفسه العمل فيما انشأ من منشات هامة ، ومنهم من كان يكلف عماله بصنع بعض الأجزاء المعمارية كالأبواب الوهمية ليهديها للمخلصين في خدمته يقيمونها في قبورهم ، ومنهم من كان يشرف أيضا بنفسه على صنعها . وأنا لنقرا في النصوص المصرية القديمة آن ساحورع آمر بقطع حجرين ونقلها إلى القصر الملكي لينقشا ويصورا تحت إشراف رئيس كهنة منف لقبر احد الإفراد . ونقرا أيضا أن من الهدايا الثمينة التي أمر تحوتمس الثالث بصنعها لأهدائها إلى معبد أمون رع في الكرنك أوان رسم تصميمها بنفسه. وكان الملوك يعتبرون أن من واجبهم المحافظة على الأشكال الفنية التقليدية ، ولذلك نرى أن منهم من ينتقل إلى مكتبة المعبد ليبحث في سجلاتها عما يجب أن تكون عليه تماثيل الآلهة ، ويأمر بتنفيذ صنعها على نحو ما وجد في الوثائق القديمة . مثل هؤلاء الملوك لابد أن عنوا كذلك بطراز ما انشاوا من معابد ومقابر ، وقد كانوا في الغالب الأعم يؤدون بأنفسهم شعائر تأسيس المعبد وافتتاحه .
وقد شجع كثير من الملوك المهندسين وأمدوهم بما كانوا يستطيعون توفيره من موارد وأدوات . وقد سجل نخبو في قبره في الجيزة انه أمضى ست سنوات في الإشراف على العمل في هرم ببى الأول ، وان الملك منحه ذهبا وخبزا وجعة بقدر كبير ، وكانت المكافأة بالذهب حلقا وسبائك غاية الجزاء لجمال هذا المعدن النفيس وبريقه الذي ينافس الشمس ، ولأنه خالد لا يصدا ولا يتلف . ومن الوثائق ما يسجل حديثا طويلا خاطب فيه رمسيس الثاني الفنانين والحجارين بما يدل على انه انشأ لهم إدارة كبيرة تقوم على توفير ما يحتاجون إليه من طعام وشراب وكساء وعطر . واخناتون مثل قائم على ما كان للملكة من اثر عظيم ، فقد شيد عاصمة جديدة بمعابدها وقصورها وبيوتها ومقابرها في سنين معدودات . ولا بد أن كانت له مطالبه وتوجيهاته الخاصة في طراز قصوره ومعابد معبوده الجديد .
وكما أن الملوك من أصلح ما تهدم من مباني أسلافه ، فقد كان من الأمراء وعظماء الأفراد من عمل أيضا على ترميم آثار آبائه وأجداده . ويعتبر خعمواس بن رمسيس الثاني من أقدم حماة الآثار القديمة ، فقد أصلح مقبرة شبسسكاف وهرم ساحورع ومعبد الشمس للملك نيوسررع وهرم اوناس.
والناس على غرار ملوكهم ، فقد كان إفراد الأسرة المالكة اقدر من غيرهم على محاكاة المباني الملكية ، ثم لا يلبث كبار رجال الدولة أن يتبعوهم . ولا ريب فيما كان للمهندسين المصرين ، وخاصة النابهين منهم ، من اثر أيضا فيما خططوا من منشآت وما أقاموا من مباني من حيث طرازها ودقة بنائها وإحكامه . وكانوا من أحسن الناس تنظيما للعمل والأيدي العاملة ، وقد وصفت طريقتهم في البناء بأنها ، بالنسبة للأدوات التي كانت لديهم ، كانت أحسن طريقة وأكثرها اقتصادا . وتكفي الإشارة إلى وظيفة "الشرف على جميع الأعمال الملكية" وهي مباني الملك ومنشآته المعمارية في الدولة القديمة ، ووظيفة "المشرف على جميع الأعمال في الكرنك " في الدولة الحديثة كانتا من أسمى وظائف الدولة ، وقد حفظ التاريخ أسماء كثيرين ممن شغلوهما ،ومنهم من كانوا أيضا وزراء ، وفي الإمكان في بعض الحالات وان تكن قليلة جدا التعرف على ما انشاوا من أعمال .
وأقدمهم جميعا امحواتب ، أول مهندس عظيم في العالم ، ومن ألقابه يتضح انه كان كبير كهنة عين شمس ، وما من شك في انه كان له اثر كبيير في مباني زوسر ، وانه مهد الطريق لغيره من البنائين الذين اقاموا مجد الدولة القديمة بفضل جهودهم المتواصلة.
وقد عرف المصريون فضله في كافة عصورهم ، فاعتبروه في الدولة الوسطى من الحكماء ، وفي الدولة الحديثة حاميا للكتاب ، ثم ألهوه في العصر الصاوي وحسبوه ابنا للإله بتاح ، ونسب إليه مانتو ، الكاهن المصري الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد ، اختراع البناء بالحجر النحيت . على أننا نعلم انه لم يكن أول من نحت الحجر للبناء ، إلا انه مع ذلك أول من بنى به بناء ضخما في مطلع الدولة القديمة ، ابتدع فيه من الأساليب الفنية ما يدين له فن البناء في مصر بالشىء الكثير .
ومنهم حميونو ابن آخى الملك خوفو ، الذي يظن انه اشرف على بناء الهرم الأكبر ، وسنوسرت عنخ من عهد الملك سنسوسرت الأول ، وانينى من عهد التحامسة ، وهو الذي حفر قبر تحو تمس الأول ، وسننموت ، حظي الملكة حاتشبسوت، الذي شيد معبدها الجنازي ، والذي وصف نفسه بأنه أعظم العظماء في كافة البلاد ، وانه ما من شيء منذ بدء الزمن لا يعلمه . وكان منموزى احد مهندسي الملك تحوتمس الثالث ، ومن نقوشه على تمثاله نعلم انه قام بالعمل فيما يقل عن عشرين معبدا في الصعيد وفي الوجه البحري مما يدل على مدى نشاط المهندسين المصريين إذ ذاك . وفي عهد الملك امنحوتب الثالث كان المهندس امنحوتب بن حابو ، الذي عاش نحو ثمانين عاما ، ابرز الأشخاص واحظاهم لدى ملكيه. وقد افتخر في نقوشه على احد تماثيله بان الملك عينيه مشرفا على جميع الإعمال وانه لم يقلد عملا تم من قبل ، وانه كان يعمل حسب رغبته. وكافأه الملك بأن سمح له باقامة معبد له على طراز المعابد الملكية غير بعيد من معبده الجنازى في غربي طيبة ، ولا بد انه كانت تؤدى له طقوس تشبه ما كان يؤدى للملوك ، وهو أمر فريد فيما نعلم . وقد عاشت ذكراه قرونا عديدة ، وكان يعد من الحكماء ، وكانت الأقوال المأثورة عنه شائعة في العهد البطلمي ، ثم ما لبث أن رفعه المصريون إلى مصاف الآلهة.
اجل لم يكن للبناء المصري في الأحيان حرية كبيرة في أن يستقل بشعوره ووجدانه وتفكيره في ابتداع طرز معمارية جديدة تختلف كثيرا عما فرضته التقاليد واقتضته العقائد الدينية والجنازية ، وأضفى عليه الزمن قداسة وجلالا ، ذلك لأنه كان على أوثق صلة بالبيئة المصرية وما يسودها من تقاليد وعقائد . فلم يجد ما يدعو إلى أن يغير كثيرا فيما تواترت به الأجيال وحفظته الوثائق وارتضاه المجتمع . ومع ذلك فقد كان للمهندسين المصريين أثرهم في حدود العقائد والتقاليد السائدة فيما اشرفوا على بنائه ، وإلا لما اختلفت التفاصيل المعمارية وبعض طرز البناء . ويؤيد ذلك انه ليس من المعابد ما يشبه معبدا آخر تماما . وقد كانوا يتمتعون بمركز ممتاز في المجتمع المصري ،حتى أن منهم من كان اكبر كاهن في البلد ، ومنهم من كان من الأسرة المالكة ، ومنهم من كان صديق فرعون ومستشاره ، ومنهم من كان أقوى شخصية في الدولة بعد الملك وكان المصريون يجلونهم ويعتبرونهم مهبط الحكمة.
ومع ذلك كله فماذا عسى أن تفيد الظروف السياسية والاقتصادية وهمة الملوك ومهارة المهندسين إذا لم يستجيب الشعب لمطالب الوقت ،ولم ينشط عن رغبة ويقين واستعداد لإقامة أضخم المنشات بقطع أحجارها الضخمة ونقلها من محاجرها مسافات بعيدة في البر والماء أو حفرها في الجبل في ظروف قاسية صعبة ، لقد كان المصريون شعبا نشيطا ، لا تؤودهم الصعاب ولا تهبظهم المهام العسيرة ، وكانوا ذوي جلد وصبر وقوة ملاحظة ، وما من ريب في أنهم أفادوا من التجارب خبرة وحنكة كبيرة . وقد علمتهم ظروف الحياة منذ أن سكنوا وادي النيل التعاون فيما بينهم على استصلاح الأرض وحفر القنوات والذود عن أرضهم وما أثمروا من خير ، حتى إن مصر لتدين لهم بقدر ما تدين للنيل العظيم . وقد كانوا ولا يزالون في كفاح مع الصحراء ، يقتطعون منها جزءا بعد جزء يستصلحونه للزراعة والانتفاع فيه بمياه الفيضان ، وكانوا يعتقدون في قداسة ملوكهم وإلوهيتهم فقاموا بالمعجز من الإعمال ، ولا تزال تبهرنا قدرتهم على نقل الأثقال ، ومنها ما لا يقل وزنه عن ألف طن على بساطة آلاتهم وأدواتهم . وكانوا اشد الناس استمساكا بعاداتهم واعتزازا بتقاليدهم ، طبعتهم على ذلك طبيعة بلادهم المستقرة ، وألقى به في وعيهم ما أفادوه من سبق في مضمار الحضارة والتقدم ، وما شعروا به من تفوق وحسن استعداد . لذلك كانت عمائرهم ذات طابع مصري صميم حتى في العصور إلى اتسعت فيها أملاك مصر في الخارج ، والتي اشتد فيها اتصالهم بغيرهم من الأمم المجاورة .
وكانوا إلى جانب ذلك كله ذوى أحاسيس فنية راقية وعلى صلة وثيقة بطبيعة بلادهم ، يقدسون مظاهرها الطبيعية ، ويتغنون بها في أغانيهم وأناشيدهم . وقد وجد ذلك سبيله إلى منشاتهم ، فكانوا منذ أقدم ازمنتهم يزينون دعائم أكواخهم بالزهور والسعف مما كان أصلا للأساطين النباتية كما أسلفنا ، وكانوا يتوجون الجو اسق والظلات بأكاليل اللوطس والبردى ويعلقونها على الجدران ، وقد وجد ذلك سبيله إلى زخرفة البناء . وعلى جدران البيوت والمقابر وارض القصور صوروا الخمائل تزخر بصنوف الطير ، ومسايل الماء ينمو فيها النبات وتسبح فيها الأسماك ، ووديان الصحراء تضطرب بما فيها من وحش ضار وحيوانات غير ضارية . ومنذ الدولة القديمة على الأقل لم يكن يفوت ذوى اليسار أن ينشئوا الحدائق الغناء في بيوتهم ، وفيها البحيرات وأحواض الزهور وأشجار الفاكهة . وكان للمعابد من ذلك حظ وافر ، بل منها ما بعثت حاتشبسوت من اجله بعثة خاصة لتجلب له أشجار البخور من بلاد بنت . ومنها ما جلب إليه تحوتمس الثالث الأشجار والنباتات والطير والحيوان من غربي آسيا . ومن القبور ما حرص أصحابه على أن تكون في رحابه بركة وحديقة تأنس بها روحه في قبره .
وهكذا كان من العوامل المختلفة ما اثر في العمارة المصرية ، وأدى إلى أن يكون لها طابع عام تتميز به عن غيرها . وفي حدود هذا الطابع أبدعت ظروف وملابسات طرزا معينة ، لم تكن يتسنى إبداعها في غيرها من الظروف . فطراز البناء في عهد زوسر طراز له صفاته وخصائصه ، جاء في أبانه تماما ، إذ يمثل مرحلة الانتقال إلى العمارة الحجرية ، أسهمت في إبداعه مراحل التقدم السابقة ، ووفرة الحجر الجيري في مصر ، واستثمار مناجم النحاس في صناعتة الأدوات والآلات على نطاق واسع ، كما أسهمت فيه الظروف الاقتصادية التي لابسته ، والأفكار والعقائد السائدة ، وشخصية الملك زوسر ومهندسه النابغة ومعاونوه الأكفاء الذين قاموا به . وكذلك كان طراز البناء في الأسرة الرابعة ، فقد جاء في وقته وظروفه ، ولم يكن له أن يسبق طراز عمارة زوسر إذا قدرنا جميع الظروف والعوامل . ومن الطبيعي إذا تغيرت ظروف هذا الطراز الفني أن يظهر مكانه طراز جديد يوائم المناسبات والظروف الجديدة ، وهو طراز الأسرتين الخامسة والسادسة ، الذي يمت بنسب إلى طراز زوسر . وعلى هذا النحو كان لكل من الدولتين الوسطى والحديثة طرازها الذي يتسق وظروفها وأحوالها ، بل لقد كان لكل زمن من أزمنة الدولة الحديثة طرازه الذي هيأته ظروفه وأسبابه . 
منقول

الأماكن الهاتمة للآثار المكصرية القديم



من الأماكن الأثرية الهامة في مصر




المتحف المصري: من أشهر المتاحف في العالم , ويضم حوالي ربع مليون قطعة أثرية ترجع إلى آلاف السنين من بينها مجموعة الآثار الرائعة لمومياوات وتوابيت وكنوز مقبرة "توت عنخ آمون " الأسطورية.

حيث يعتبر توت عنخ آمون من الفراعنة المشهورين في الحضارة المصرية القديمة، قضى معظم ولايته بجمع الكنوز الكنوز الذهبية، التي وجدت سليمة حتى عام 1922 م. كان الأمير الأصغر(توت عنخ آتون) الذي تزوج ابنه الملك أخناتون ، الملك المشهور الذي دعا للإيمان بإله واحد -أول اتخذ إلهاً واحداً هو أتون- ابنة أخناتون كانت تدعى (أنخيسين با أتون) وكتن يظهر دائماً بمرافقة ابنته -لا بمرافقة ولده أبداً- فأعطى فرصة للملك الشاب ليتزوج ابنته وينجح بالوصول إلى العرش.

توت عنخ أتون تعني الصورة الحية لأتون . ولد توت عنخ أتون في حوالي عام 1371 ق.م، ومات -أو قتل- عام 1352 ق.م بعمر 19 عاماً. وحكم البلد من عام 1361 حتى 1352 ق.م. وقد صدق بعبادة أخناتون لإله واحد وذلك في بدايات حكمه. وبعد عدة سنين غير اسمه إلى توت عنخ أمون(الصورة الحية لآمون). وقد ترك العاصمة أتين أو تل العمارنة. لم يستطع تحضير القبر لنفسه في وادي الملوك لأنه مات شاباً. عالم الآثار الإنكليزي كارتر اكتشف المقبرة عام 1922م، وقد وجدت القطع داخلها سليمة وذلك لأن حطام مقبرة رمسيس الرابع غطت مدخل مقبرة توت عنخ آمون. القطع التي وصلت عددها تقريباً حوالي 4500 قطعة مثل : أضرحة وتوابيت وأثاث ملكي ومزهريات وصناديق وأسرة...... وكلها نقلت إلى المتحف المصري.

توت عنخ امون ولعنة الفراعنة

اعتلى عرش مصر الكثير من الملوك الأفذاذ منذ بداية العصور التاريخية وكان منهم من ترك لنا الآثار المقامة مثل الأهرامات والمعابد أو بقايا القصور والمقابر أو الآثار التى عثر عليها فى مقبرته، وهناك من لم نعثر له على أثر سوى اسمه الذى ذكر فى احدى الحوليات أو فى قوائم الملوك، أو من الاشارة اليه فى النصوص القديمة.
وقد وصلتنا من عصور المصريين القدماء عدة قوائم باسماء الملوك أهمها قائمة سقارة، وقائمة أبيدوس، وقائمة الكرنك، كما وصلتنا حوليات حجر بالرمو، وبردية تورين، وكتابات المؤرخين. وأغفلت القوائم المذكورة والحوليات أسماء المغتصبين من الحكام وكذلك المستعمرين مثل الهكسوس والملوك الذين اعتبروا من الكفرة الذين خرجوا على شريعة المصريين ونسلهم مثل اخناتون وأخيه سمنخ كارع وتوت عنخ أمون وآى، كما أغفلت السيدات اللائى حكمن مثل نيتوكريس وسبك نفرو وحتشبسوت وتاوسرت.

ولو تتبعنا ملوك عصر الامبراطورية أو عصر الدولة الحديثة (1550 – 1080 ق.م) التى تكونت من ثلاث أسر حاكمة هى الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرون، لرأينا أن هؤلاء الملوك ورجالات الدولة عملوا على توسيع نفوذ الامبراطورية المصرية فى الشمال والجنوب بدءاً بالملوك العظام أمثال تحتمس الثالث وأمنحتب الثالث ورمسيس الثانى، ونهاية بالملك رمسيس الثالث الذى استطاع أن يصد هجمات شعوب البحر الأبيض المتوسط وغيرهم ممن ارادوا الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجى ورخائها واستقرارها وبغية تقليل نفوذها فى الشرق الأدنى القديم.
فقد رأى ملوك الأسرة الثامنة عشرة أن مصر الضعيفة غير المتحدة كانت مطمعاً للآسيويين الذين سموا فى التاريخ باسم الهكسوس، ولذلك عمل هؤلاء الملوك جاهدين على بناء جيش قوى لحماية البلاد وأمنها ثم انفتحوا على العالم القديم شماله وجنوبه مصدرين ومستوردين للحضارة والفنون والعقائد والفكر. ووعى تحتمس الثالث الدرس جيداً فى أن مصر القوية المستقرة التى يخافها الطامعون والمغامرون هى التى تستطيع أن تنعم بحياتها وتستفيد من رخائها وتفجر طاقاتها فى جميع المجالات، وأن مصر القوية تضمن سلامة قوافلها التجارية عبر دروب الصحراء والوديان وفى البحار لوصول المواد الخام اللازمة لحضارتها مثل الأحجار شبة الكريمة والمعادن والأخشاب والحيوانات الأليفة والمتوحشة والمنتجات الأخرى.
وازدهرت مصر فى عصر الأسرة الثامنة عشرة ازدهاراً كبيراً وظهر ذلك جلياً فى بناء العمائر الدينية والجنائزية الشاهقة وفى القصور الرائعة وفى المقابر الملكية الفخمة ومقابر الخاصة من كبار الموظفين التى حفلت بالمناظر المصورة للحفلات والضياع أو فى الآثار التى عثر عليها والتى تزين متاحف الدنيا فى العصر الحديث.
وبعد الملك تحتمس الثالث اعتلى عرش البلاد ملوك عظام هم أمنحتب الثانى وتحتمس الرابع واخيراً فى عام 1376 ق.م وصل الى العرش الملك الشاب أمنحتب الثالث الذى كان مولعاً بالفنون مثل أجداده وتزوج من تى ابنة الكاهن وريس الفرسان "يويا" وكاهنة حتحور ومين "ثويا" وكانت الملكة "تى" قوية الشخصية، جميلة، استطاعت أن تساند زوجها فى قيادته للبلاد بكل حكمة وشجاعة، وأنجبت له البنين والبنات (امنتحب الرابع وإخناتون وسمنخ كارع ومريت امون وسيت آمون) وزواج الملك أمنحتب الثالث من تى يعتبر فى حد ذاته خروجاً على التقاليد الملكية فى الزواج حيث كانت العادة أن يتزوج الأمير أخته غير الشقيقة أو احدى أميرات القصر الملكى لكى يحتفظ بالدم الملكى فى العائلة. وقد أعلن زواج أمنحتب الثالث على الجعارين التى كانت ترسل الهدايا لكبار رجال الدولة تذكر زواج الملك من تى وتذكر والديها دون حرج. وتولى عرش البلاد أمنحتب الرابع (اخناتون) بعد والده، وتزوج اخناتون من نفرتيتى ابنة الحسب والنسب التى أنجبت له ست بنات ولم تنجب له الولد .
واشتهر اخناتون بأنه أول من نادى بإله واحد فى مصر القديمة حيث كانت ديانات التعدد والوثنية سائده، وأناشيد اخناتون الدينية للإله آتون (الواحد) ما زالت ترن فى أذاننا وهى تمجد الإله الواحد "الذى خلق كل شىء" ولم يكن قبله شىء وأصبحت صورته هى قرص الشمس فقط بعد أن كانت صور الالهة اشخاصاً أو حيوانات أو اشكالاً مزدوجة (حيوان وانسان) وترك أخناتون حاضرة الأجداد طيبة واختار مكانا جديدا لاقامته هى آخت أتون (أى افق آتون) وهى تل العمارنة فى محافظة المنيا حاليا. وأصبح الفن حراً واستطاع أن ينفذ الى جنبات القصر الملكى ويصور الفنانون الملك مع عائلته فى حرية تامة. وبعد أن حكم اخناتون حوالى سبعة عشر عاماً (1365 – 1348 ق.م) كانت معابد آمون فيها مغلقة واوقافها مصادرة، اختفى الملك وتوفى أيضاً أخوه سمنخ كارع وكان يعد لأن يكون ولياً للعرش بعد زواجه من مريت أتون ابنه اخناتون الكبرى. واعتلى توت عنخ امون الصبى الصغير ابن العاشرة عرش البلاد حوالى عام 1348 ق.م وغير اسمه الى توت عنخ أمون بعد اعادته لديانة أمون مرة أخرى، وكان يعتقد بإنه ابن لامنحتب الثالث أنجبه على كبر من زوجه تى التى وصل سنها 48 عاماً أو أكثر. وجاء هذا الاعتقاد نتيجة العثور على تمثال أسد فى جبل برقل بالسودان كتب توت عنخ أمون عليه أن والده هو امنحتب الثالث، كما تأيد ذلك بوجود خصلة شعر الملكة تى ضمن مقتنيات مقبرة توت عنخ أمون فى تابوت صغير جداً. ويبدو الآن أن النظرية الأقرب للتصديق هى أن توت عنخ أمون كان ابناً لاخناتون من زوجة ثانوية تسمى "كيا" وهناك بعض القرائن التى تؤيد هذه النظرية. وتزوج الملك الصغير الأميرة عنخ اس ان با آتون ابنة اخناتون من نفرتيتى وأرملته ايضاً، وغير اسمها الى عنخ اس ان آمون واكتسب من خلالها شرعية الحكم، وكان صبياً معتل الصحة ويظهر ذلك فى صوررة على الآثار وهو يجلس على العرش فى استرخاء أو وهو يقف مستنداً الى عصاته أو وهو يصطاد الطيور جالساً على كرسيه، كما أنه توفى وهو فى حوالى العشرين من عمره (عام 1337 ق.م) وقد فحصت مومياؤه عند اكتشافها ورجح أن سبب الوفاة آنئذ هو مرض رئوى وكذا ورم فى المخ لوجود تجويف كبير فى جمجمته. وعند فحص الجمجمة مرة أخرى عام 1967 ظهر بها شبه كسر بسيط رجح أن يكون سبباً لوفاته نتيجة ضربه باله حادة من عملاء آى وحور محب الأوصياء على العرش ومقدرات البلاد، ولكن يبدو ان هذا الأستنتاج بعيد الصحة، حيث لم يكن لتوت عنخ آمون أعداء، ولم يكن له نفوذ فى تسيير مقاليد الحكم، وكان محبوباً وأعاد ديانة آمون مرة أخرى وفتح معابد الآلهة فى العام الثالث من حكمه بعد أن كان اخناتون قد أغفلها. ولذلك فلم يكن لأحد أن يدبر مؤامرة لقتله بل على العكس من ذلك نراه وقد دفن مع كل كنوزه وأثاثه الجنائزى بالتمام والكمال وبعد عمل المراسم والطقوس. ويظهر أن الغضب على هذا الملك جاء نتيجة أنه ينتسب لعائلة اخناتون التى غيرت من الديانة التقليدية للمصريين القدماء. ويرجح أنه عاد الى طيبة (الأقصر) العاصمة القديمة وهجر تل العمارنة.
وبعد وفاة الملك أرادت زوجته منخ اس ان آمون ان تتزوج أميراً أجنبياً حيثيا لكى يكون ملكاً على عرش البلاد، وكان عمرها آنذاك حوالى 22 عاماً مما حدا بحور محب أن يفشل هذا المخطط ويتولى هو عرش البلاد. والقصة وصلت لنا مكتوبة على خطاب عثر عليه ضمن مخطوطات الحيثين فى أسيا الصغرى وتذكر ان ملكة مصر أرسلت مبعوثا لملك الحيثيين برسالة تقول فيها "لقد توفى زوجى وليس لدى ولد ويتردد بأن لك اولاداً كثرين، فأرسل أحدهم ليصبح زوجى لأنه من المهين لى أن اتخذ أحد من خدمى زوجاً". وهنا جمع ملك الحيثيين رجال بلاطه وأخبرهم بالموضوع الذى كان غريباً جداً، وقال لهم: "لم يحدث مثل هذا ابداً منذ أقدم العصور"، ولذلك فقد أرسل أحد رجال بلاطه وطلب منه أن يحضر "اخباراً مؤكدة حيث يبدو أنهم يريدون خداعى"
وهنا أرسلت ملكة مصر خطاباً آخر للملك تقول فيه:"لماذا تقول انهم يريدون خداعى؟ لو كان لدى ولد، أكان من المعقول أن أكتب لبلد أجنبى بطريقة مهينة لى ولبلدى؟ أنك لا تثق بى ,انت تقول لى هذا. ولقد توفى زوجى وليس لى ابن فهل تعتقد أنه يمكننى أن اتخذ خادما لى وأجعله زوجى!؟ لم اكتب لبلد أخر ولكنى كتبت لك وحدك، لأنه يقال بأن لك ابناء كثيرين، اعطنى أحد أبنائك، وسوف يصبح زوجاً لى وسوف يصير سيداً على أرض مصر". ويبدو انها لم تكن لترضى بزواج أحد رجالات البلاط او الجيش أمثال آى أو حور محب، والواضح ايضاً أن حور محب قد علم بمثل هذه المراسلات التى أرسلتها الملكة لملك أجنبى، وتربص رجاله بالأمير زنانا ابن ملك الحيثين الذى كان فى طريقه الى مصر، وقتلوه. وقد أدى هذا العمل من جانب المصريين الى قيام حالة حرب بين مصر ودولة الحيثيين واراد مليكهم "شبيلو ليوما" غزو مصر، ولكنه لم يستطع حيث نظم القائد حور محب دفاعات قوية لحماية حدود البلاد. وهنا قام آى العجوز الذى كان ينتمى لأسرة اخناتون بحكم مصر لمدة عامين تقريباً. وقد دفن توت عنخ آمون فى مقبرة كانت معدة اصلاً لخليفته آى فى وادى الملوك، أما مقبرته الأصلية فكانت تحفر وتجهز فى وادى الملوك الغربى ليست بعيدة عن مقبرة أمنحتب الثالث (جده لأبيه) لكن عندما توفى توت عنخ أمون قبل اكتمال مقبرته نقلت حاجياته الى مقبرة آى التى كانت قد حفرت فى الصخر، ثم زخرفت الجدران برسوم ملونة نفذت ببساطة ودون تجهيز السطح جيداً مثل باقى مقابر وادى الملوك القديم منها.

كشف المقبرة
كانت العادة فى القرن التاسع عشر أن يصدر الولى أو الخديوى فرماناً يحق بموجبه لبعض الباحثين الأجانب أن يقوموا باجراء الحفائر لاكتشاف الآثار الموجودة فى باطن الأرض وكانت تقسم بين الحكومة المصرية والمكتشف بنسبة 50% لكل منهما، وكان امتياز الحفر فى وادى الملوك الضيق الذى يبعد عن العمران بحوالى ثلاثة كيلو مترات بين جبال الضفة الغربية للنيل بالأقصر، قد أعطى لكثير من المكتشفين من قبل أهمهم الفرنسى فيكتور لوريه 1898 الذى كان يعمل لمصلحة الآثار المصرية، والأمريكى تيودور ديفيز 1903 – 1912 واللورد كارنر فون 1907 – 1927 وغيرهم.
ونظراً لأن الحرب العالمية الأولى قد أوقفت الكثير من النشاطات الأثرية فى مصر ما بين أعوام 1914 و 1917، فقد عادت الحفائر بواسطة بعثة اللورد كارنر فون بقيادة هوارد كارتر عام 1917، وكادت أن تتوقف بعد خمسة اعوام لم ينجح كارتر فى اكتشاف آثار هامة فيها، ثم اعاد كارتر حفائره مره أخرى فى الأول من نوفمبر سنة 1922، وفى اليوم الرابع لبدء الحفر فى موقع بالقرب من مدخل مقبرة رمسيس السادس التى كانت مكتشفة من قبل فى وسط الوادى، عثر على أول درجة من درجات السلم التى قادت بعد ذلك لاكتشاف مقبرة توت عنخ أمون فى الرابع من نوفمبر، وكانت درجات السلم مدفونة فى رديم من كسر الحجارة توصل الى بابا محفور فى الصخر كان مغلقاً بكتل من الحجر الجيرى عليها "لياسة" من الجبس والطين وجدت عليها أختام الجبانة الملكية (ابن آوى والأقواس التسعة) وبعد ذلك كان هناك ممر منحدر ملىء بالرديم يوصل الى باب الدخول للحجرات السفلية التى قادت الى أعظم كشف أثرى فى تاريخ البشرية، الا وهو كنوز الملك توت عنخ امون.
وهنا أرسل كارتر برقية للورد كارنر فون يقول فيها "اخيراً عثرنا على كشف أثرى مهم فى الوادى مقبرة رائعة اختامها سليمة، وقد ردمناها لحين حضوركم. أقدم لك التهانى" وقد حضر كارنر فون الى الأقصر بعد ذلك وتم فتح المقبرة بعد إزالة أختام الملك توت عنخ أمون من على السدة الثانية لمدخل المقبرة حيث وضح ان المقبرة كانت قد فتحت للسرقة منها فى عصر رمسيس السادس (1123ق.م) أى بعد أكثر من 215 سنة من اغلاقها عام 1337، ثم أغلقت المقبرة وختمت مرة أخرى….
ويبدو أن ما حمى هذه المقبرة الخاصة بتوت عنخ آمون من السرقة هو حفر مقبرة رمسيس السادس فوقها وكانت قطع الأحجار الصغيرة المستخرجة منها تلقى فوق مدخل مقبرة توت عنخ آمون التى "نقرت" قبلها، ولذلك فقد كان من الصعب على لصوص المقابر فى ما تلا ذلك من عصور ان يتذكروا أن هناك مقبرة أخرى فى هذا المكان الذى توجد به مقبرة رمسيس السادس.
وقد كان يوم 26 نوفمبر 1922 يوماً مشهوداً وعلامة بارزة فى تاريخ الآثار المصرية حيث أزيلت السدة التى تفصل بين المنحدر والحجرات الداخلية للمقبرة، وعثر فى هذا المكان المسمى بالصالة المستعرضة على الكثير من قطع الأثاث والأوانى الحجرية والعجلات الحربية وحاويات الطعام التى اعتقد كارتر عند رؤيتها أنه عثر على مخزن أو خبيئة كنوز وادى الملوك التى جمعت وأنقذت من لصوص العصور القديمة، الا أنه اتضح بعد ذلك أن هذا الأثاث الجنائزى الرابع لشخص واحد هو توت عنخ آمون المسجل اسمه على أغلب هذه القطع الأثرية وهذا ما جعل كارتر يكتب فى مذكراته أن هذا اليوم هو "يوم الأيام، وأعظم ما عشت، ومن المؤكد أننى لا أمل أن أعيشه مرة أخرى" وقد تم فتح حجرة الدفن فى 17 فبراير 1923 فى حضور كارنر فون.
واكتشاف مقبرة توت عنخ آمون سليمة تقريباً فى وادى الملوك عام 1922 أوضح لنا الكثير من العقائد الدينية والجنائزية الملكية فى مصر القديمة. فالملك يدفن معه كل متعلقاته الشخصية التى كان يستعملها فى حياته منذ كان طفلاً، فهناك لعب الأطفال التى تتحرك أجزاؤها، وهناك لعبه "الضاما" وعصى الصيد المقوسة (البوميرانج) وأدوات الكتابة من أقلام والواح والوان، وهناك الملابس والاكسسوارات والحلى التى تستعمل فى الحياة اليومية وفى رحلته للعالم الآخر، وضمن اثاث المقبرة كرسى العرش الوحيد الذى وصل لنا من حضارة المصريين القدماء والأسرة، كما وجدت هناك الصولجانات ورموز القداسة والحكم .. ولا ننسى العجلات التى كانت تجرها الخيول وأدوات القتال من سيوف وخناجر وأقواس وحراب، وهناك التابوت الذهبى للملك الذى يزن أكثر من 110 كيلوجرامات، والقناع الذهبى المرصع بالأحجار شبه الكريمة ووزنه أحد عشر كيلو جراماً، والذى كان يغطى وجه المومياء.
كما يوجد تابوتان آخران من الخشب المغطى بالذهب وهناك 314 تمثالاً من التماثيل المسماة المجيبة (الشوابتى) والتى كانت توضع فى المقبرة لكى تقوم بالعمل بدلاً من الملك فى العالم الآخر . كما يوجد 32 تمثالاً للملك وألهة العالم الآخر من الخشب المذهب، وعثر فى المقبرة ايضا على كثير من الصناديق المزخرفة بالمناظر الحربية ومناظر الصيد والترفيه والمقاصير الكبيرة من الخشب المذهب التى ملأت حجرة الدفن ونقشت عليها مناظر من كتب العالم السفلى تصور علاقة الملك مع الشمس والمعبودات المختلفة. وهناك فى المقصورة الكبرى قصة هلاك البشر التى تبشر بغفران الرب لعباده، حتى العاصين منهم.
ومن الآثار الهامة التى عثر عليها فى مقبرة الملك الشاب توت عنخ أمون مجموعة من 143 قطعة من الحلى الذهبية المرصعة بأحجار شبه كريمة أغلبها يمثل معبود الشمس بأشكاله المختلفة والقمر ايضاً، فهناك الأساور والأقراط والخواتم والصدريات والدلايات، بل هناك درع صنع للملك من الذهب ورصع بالأحجار والزجاج الملون وزخرف بأشكال المعبودات التى تحمى الملك وترعاه فى حياته وبعد وفاته، كما عثر هناك على مجموعة هائلة من الأوانى التى صنعت من الألبستر أهمها بالطبع ذلك الإناء الذى يمثل علامة الوحدة بين شطرى البلاد يربطهما معبود النيل، كما يوجد هناك مصباح ليلى (أباجورة) من الألباستر صنع بطريقة فنية رائعة تظهر صورة الملك مع زوجته عند اضاءته. ولمساعدة الملك فى رحلته للعالم الآخر ايضاً، صنعت له ثلاثة أسرة جنائزية لتحمله فوق ظهرها وتصعد به الى السموات البعيدة.
ويبدو أن ما سرق من المقبرة فى العصور القديمة كان بعض الحلى والعطور والزيوت وربما تمثال من الذهب لمعبودة كان موجوداً فى مقصورة صغيرة من الخشب المغشى بالذهب.

توت عنخ أمون ولعنة الفراعنة
بعد أن كشف هوارد كارتر مقبرة توت عنخ أمون توفى اللورد كارنر فون العجوز نتيجة الارهاق وربما من الحمى التى اصابته، وهنا ساد اعتقاد فى العالم الغربى أن "لعنة الفراعنة" هى التى أصابت اللورد، وانتشرت الفكرة على نطاق واسع، وأصبحت كل حادثة مؤسفة لأثريين مرتبطة بلعنة الفراعنة.
ونصوص اللعنات لمن يعتدى على المقابر ويسرقها معروفة منذ أقدم العصور، وفيها يستعين من يلعن بقوى عظمى لتساعده حيث يطلب من إحدى المعبودات أن تضر عدوه ضرراً بالغاً، وأن تحكم بينه وبين عدوه.
ونحن لا نعتقد بوجود "لعنة" ما أضرت باللورد كارنر فون الممول الرئيسى لعمليات كشف مقبرة توت عنخ أمون، ونرى أن وفاته ليس لها صلة بمثل هذه اللعنة. ولو كانت هناك لعنة لكانت قد أصابت هوارد كارتر مكتشف المقبرة الذى توفى بعد هذا الكشف بسبعة عشر عاماً، وعلى العكس تماماً فقد اشتهر اللورد كارنر فون وهوارد كارتر نفسه واقترن اسماهما باسم توت عنخ آمون منذ اكتشاف المقبرة والى الأبد. وسوف يجد زائر مقبرة توت عنخ أمون فى وادى الملوك بالأقصر، تابوتاً من حجر الكوارتزيت البنى اللون يحوى ثلاثة توابيت على هيئة الانسان، ويوجد الآن بالتابوت الحجرى التابوت الأكبر المصنوع من الخشب والمغشى بالذهب وبه مومياء توت عنخ أمون التى قاست من عبث المكتشفين الذين أرادوا نزع الحلى الذهبية سليمة ولم يراعوا حالة مومياء الملك الشاب الموجودة الآن داخل صندوق من الخشب ملىء بالرمال وحالتها سيئة. وآثار توت عنخ أمون موجود أغلبها فى المتحف المصرى بالقاهرة، والقليل منها فى متحف الأقصر، والأمل كبير فى أن تحظى هذه المجموعة الرائعة والفريدة بجناح كبير فى المتحف المصرى الجديد المزمع بناؤه فى الجيزة بالقرب من الأهرامات فى الأرض التى خصصت له عند مدخل طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوى على مساحة 117 فداناً حيث تتوفر المساحات الكافية للعرض، والبيئة الخالية من التلوث، والاضاءة المناسبة، ولكى تكون مجالاً للجذب السياحى الكبير والمتوقع فى المستقبل القريب بإذن الله.
Reply With Quote

من الفنون العلمية في مصر القديمة




  فن التحنيط:
الحضارة المصرية آمنت بالحياة بعد الموت. كان ذلك نتيجة مراقبتهم لمناخ مصر نهر النيل يفيض كل عام ويعيد الحياة للأرض الجافة مجدداً، كما شاهدوا شروق الشمس في الصباح ومغيبها في المساء كأنها تموت وتعود للحياة. المصريون القدماء كانوا مولعين بحياة أسموها حياة الجنة الأبدية وأسمى ما يتوقون إليه هو العودة للعالم السفلي عالم أوسيريس إله الموت.
كما اقتنعوا بأن الإنسان مشكل من عدة عناصر كما كان هناك اتصال مباشر بين حماية هذه العناصر وهيكل الموت. هذه العناصر هي:
1- هيكل الجسد هيت (خيت)
2- الروح ب(با) تمثل بطائر له رأس الموت.
3- ك(كا) مضاعفة إنها تشبه الموت.
4- القلب إيب(أي-ب) وهو مصدر الخير والشر.
5- الاسم (رن) اسم الموت.
6- الظل (شوت) وهو يرافق الجسد والروح.
7- النفس أو الروح الحسنة (أخ).
وفقاً للمعتقدات المصرية القديمة أهم عنصر هو الجسد والطريقة المثلى لحفظه هو بتحنيطه. قبل تحنيط الجسم كانوا يتبعون مهارة ومعرفة للناس عبر الأزمنة التاريخية لوضع قواعد علومهم التطبيقية لحفظ الجسد وذلك عبر ملايين السنين. كان يقوم بعملية التحنيط الكهنة والأطباء أو الفيزيائيين في أماكن خاصة وفقاً للطقوس الدينية الجوهرية الخاصة بالدفن.
كان يوجد عدة طرق للدفن وذلك بحسب منزلة الشخص وغناه، في البداية كان الأمر محصوراً بالفراعنة وموظفي الدولة الكبار ولكن بعد ذلك نشر الأمر على الرعية. كان المجتمع المصري القديم مؤلفاً من أربع طبقات:
1- الملك والملكة.
2- طبقة النبلاء و من في المنزلة الملكية.
3- طبقة الجنود(نفر) من الناس.
4- طبقة الناس الفقراء.
الطريقة التي كان يحنط بها الملك والملكة:
1- كانوا يبدؤون بتفريغ الصدر وذلك من جرح في الخاصرة اليسرى يجرح بحجر صوان.
الأحشاء كانت تغسل بخمر النخيل. وبعد ذلك تحشى بشجر المر والبصل ومواد أخرى.
كانوا يستعملون النترون للتجفيف وكانت الأحشاء توضع في أوعية خاصة.
كانوا أربعة أوعية لحفظ الكبد والرئتين والمعدة والأمعاء، بعد أن حفظت الأعضاء كانوا يلفون الجسم بلفافات كتانية التي كانت تحوي النترون الجاف لتسرع تجفيف الجسم وكانت الأربطة الكتانية تجدد عدة مرات. بعد أن يزال النترون عن الجسم، كان يغطى بزيوت عطرية، وخمر النخيل.
وبعد ذلك يعبأ بمادة صمغية وشجر المر والقرفة والزيوت العطرية والبصل ومواد أخرى. المومياء كانت تغطى بمادة صمغية ذائبة والمفتوح كان يخيط إلا القلب فكان يترك في وضعه الطبيعي.
2- الدماغ كان يفرغ من الأنف بواسطة خطاف من النحاس أو البرونز-الذي كان يثقب قاعدة الجمجمة- وكان يسهل نزول الدماغ بجرشه. الجمجمة كانت تفتح بشق من الرقبة ....
الجسم كان يمدد على طاولة التحنيط التي صنعت من الحجارة بشكل منحني وكان الجسم كله يغطى بالنترون. المراحل نفسها كانت تتم بالنسبة للرأس كانت تملأ أماكن العيون والآذان وثقوب الأنف باستعمال شمع النحل. أحياناً كان يغطى سطح الجسم بطبقة من الذهب و الأميوليت (أدجات) العين المقدسة.
3- الجسم كان يضمد بعناية كل عضو على حدة كما الأصابع و الأكف والأقدام والأرجل والأذرع توضع متقاطعة على الصدر، الجسم يغطى بضمادات طويلة جداً جداً من الكتان المغطسة بمادة صمغية التي تحمي الجسم من الصدمات ولا تسمح للبكتريا بالدخول للجسم. الأحشاء بعد ذلك تغطى بضمادات وتوضع في أربعة أوعية، كل وعاء يحمى من قبل إله.
أغطية الأوعية الأربعة تتخذ شكل أبناء حورس الأربعة.
الوعاء ذو رأس الإنسان يحمي الكبد، الوعاء ذو رأس البابون (نوع من السعادين) رأس (هابي) يحمي الرئتين، الوعاء ذو رأس ابن آوى رأس (دواموتيف) يحمي المعدة،الوعاء ذو رأس الصقر رأس (كيبهسنويف) يحمي الأمعاء. للحفاظ على هيئة الميت، كانوا يستعملون قناعاً يلصق يشبه وجه الشخص الميت.
بعد أن تجف كانوا يصنعون قناعاً فضياً أو ذهبياً يوضع مكان الرأس ليساعد الروح كي تتعرف على صاحبها.
المصريون القدماء كانوا يحرصون على الحفاظ على أجسادهم بعد الموت لذلك بدؤوا يضعون المومياءات في توابيت. في بعض الفترات كانت الأوعية ثلاثاً.
كانت الأوعية تسمى الأوعية الكانوبية نسبة إلى منطقة كانوب (التي هي أبو قير في الإسكندرية اليوم).
تحوتمس الثاني
هو ابن تحوتمس الأول تزوج الملكة حتشبسوت ، مات عندما كان عمره 36 عاماً. الرجل اليمنى مجروحة كما يوجد جرح مشقوق في الرقبة، طول المومياء 168.5سم .






رمسيس الخامس
هو ابن رمسيس الثالث ، ملك من السلاسة عشرين، حكم قرابة أربع سنوات (1145ق.م كان لا يزال شاباً عندما مات .


سينكير تا
واحد من الحكام الأسرة أو الأسرة الحاكمة السابع عشرة، قتل في معركة ضد الهكسوس في عمر الأربعين. طول المومياء 170سم وفيها جرح في الجمجمة .


أمنحوتب الأول
حاكم من السلالة الثامنة عشرة، هو ابن أحمس الأول يوجد قناع خشبي على الرأس، طول المومياء 165سم .


تحتمس السادس
هو ابن أمنحوتب الثاني، هو صاحب لوحة الأحلام أمام أبو الهول في الجيزة. توفي في عمر 46 وحكم 11 عاماً، طول المومياء 164سم .

سيتي الأول
هو الملك الثاني من السلالة التاسعة عشرة هو ابن رمسيس الأول ، حكم ما يقارب 13عاماً. طول المومياء 166سم، ولقد بنى قاعة رائعة في الكرنك .

ميرين بتاه
هو ابن رمسيس الثاني ، حكم أحد عشر عاماً، صاحب النصر على إسرائيل. طول المومياء 171سم. لونها ضارب إلى الصفرة، وهناك الكثير من الجروح(في الصدر و في و الذقن و في اليد).)


ميريت آمون
زوجة أمنحوتب الأول (1529 ق.م) المومياء مغطاة بالزهور ووجدت داخل ثلاثة توابيت

رمسيس الثاني
الملك الثالث من السلالة التاسعة عشرة، حكم قرابة 67 عاماً. خاض حرب قادش في الخمسينات من ولايته ، بنى مدينة جديدة لمصر عند الدلتا وقد سميت (بيرامسيس). طول المومياء 173سم، كما أقام المعبد الصغير الرائع (أبو سيمبل)، مات وهو في عمر93.

حينوتاوي
كانت زوجة بانيدجيمي، واحد من ملوك الأسرة الواحدة والعشرين .

نادجيمينت
كانت زوجة، حيري حور واحد من حكام الأسرة الواحدة والعشرين، المومياء عليها شعر مستعار بلون رمادي
 
منقزل.
Reply With Quote

من تاريخ الحضارة الفرعونية

التاريخ و الحضارة

تاريخ مصر هو تاريخ الحضارة الإنسانية حيث أبدع الإنسان المصري وقدم حضارة عريقة سبقت حضارات شعوب العالم .. حضارة رائدة في ابتكاراتها وعمائرها وفنونها حيث أذهلت العالم والعلماء بفكرها وعلمها فهي حضارة متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان المصري وتركت في عقله ووجدانه بصماتها .

لقد كانت مصر أول دولة في العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة وابتدعت الحروف والعلامات الهيروغليفية ، وكان المصريون القدماء حريصين على تدوين وتسجيل تاريخهم والأحداث التى صنعوها وعاشوها ، وبهذه الخطوة الحضارية العظيمة انتقلت مصر من عصور ما قبل التاريخ وأصبحت أول دولة في العالم لها تاريخ مكتوب ، ولها نظم ثابتة ولذلك اعتبرت بكافة المعايير أما للحضارات الإنسانية

إن لمصر دورها الحضاري والتاريخي والديني حيث كانت المكان الذي احتضن الأنبياء . والأرض التي سارت خطوات الأنبياء والرسل عليها .. فجاء إليها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وتزوج منها السيدة هاجر .. وجاء إليها يوسف عليه السلام وأصبح فيها وزيرا وتبعه إليها أبوه يعقوب .. ودار أعظم حوار بين الله عز وجل وبين موسى عليه السلام على أرضها .

وإلى مصر لجأت العائلة المقدسة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح طفلاً ويوسف النجار وقاموا برحلة تاريخية مباركة في أرضها .. وقد اختار الله سبحانه وتعالى مصر بالذات لتكون الملجأ الحصين الذي شاءت السماء أن يكون واحة السلام والأمان على الدوام وملتقى الأديان السماوية .

لقد تتابعت على أرض مصر حضارات متعددة فكانت مصر مهداً للحضارة الفرعونية ، وحاضنة للحضارة الإغريقية والرومانية ومنارة للحضارة القبطية ، وحامية للحضارة الإسلامية. لقد اتسم شعب مصر على طول التاريخ بالحب والتسامح والود والكرم الذي تميز به هذا الشعب حيث امتزج أبناء مصر في نسيج واحد متين.. وهكذا دائماً يكون شعب مصر مصريين قبل الأديان ومصريين إلى آخر الزمان .

أولاً : العصر الفرعوني

عصر الدولة القديمة ( 2980 - 2475 ق.م)

تطورت الحضارة المصرية وتبلورت مبادئ الحكومة المركزية ، وشهد عصر هذه الدولة نهضة شاملة في شتى نواحي الحياة، حيث توصل المصريون إلى الكتابة الهيروغليفية أي ) النقش المقدس ( ، واهتم الملوك بتأمين حدود البلاد ونشطت حركة التجارة بين مصر والسودان . واستقبلت مصر عصراً مجيداً في تاريخها عرف باسم عصر بناة الأهرامات ، وشهد هذا العصر بناء أول هرم )هرم سقارة( ، ومع تطور الزراعة والصناعة استخدم المصريون أول أسطول نهرى لنقل منتجاتهم . وبلغت الملاحة البحرية شأنا عظيما وأصبحت حرفة منظمة كغيرها من الحرف الراسخة التي اشتهرت بها مصر القديمة .

عصر الدولة الوسطي
( 2160 - 1580 ق.م )

اهتم ملوك الدولة الوسطى بالمشروعات الأكثر نفعا للشعب فازدهرت الزراعة وتطورت المصنوعات اليدوية ، أنتج الفنانون المصريون والمهندسون تراثاً رائعاً انتشر في الأقصر والفيوم وعين شمس . كذلك ازدهر الفن والأدب في هذا العصر ولكن نهاية حكم هذه الدولة شهد غزو الهكسوس واحتلالهم لمصر .

عصر الدولة الحديثة ( 1580 - 1150 ق.م)

بعد أن تم للملك أحمس الأول القضاء على الهكسوس وطردهم خارج حدود مصر الشرقية عاد الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد . وبدأت مصر عهداً جديداً هو عهد الدولة الحديثة ، وأدركت مصر أهمية القوة العسكرية لحماية البلاد ، فتم إنشاء جيش قوى لتكوين إمبراطورية عظيمة امتدت من نهر الفرات شرقاً إلى الشلال الرابع على نهر النيل جنوباً. وأصبحت مصر قوة عظمى ، وصارت بذلك إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف وأقدم إمبراطورية في التاريخ.

لقد حاز ملوك وملكات الأسرة الثانية عشرة شهرة عالمية في ميادين السياسة والحرب والثقافة والحضارة والدين .. "أحمس" بطل التحرير .. "امنحوتب الأول" العادل الذي أصدر قانونا بمنع السخرة وبوضع المعايير العادلة للأجور والحوافز .. "تحتمس الأول" المحارب الذي وسع الحدود المصرية شمالا وجنوبا ونشر التعليم وتوسع في فتح المناجم وصناعة التعدين .. "وتحتمس الثاني" المتأنق و"تحتمس الثالث" الإمبراطور صاحب العبقرية العسكرية الفذة وأول فاتح عظيم في تاريخ العالم .. و"تحتمس الرابع" الدبلوماسي الذي كان أول من اهتم بتدوين وتسجيل المعاهدات الدولية.. و"امنحوتب الثالث" أغنى ملك في العالم القديم والذي فتح المدارس "بيوت الحياة" لنشر التعليم والفنون التشكيلية والتطبيقية .. و"اخناتون" أول الموحدين وأول ملك في تاريخ الإنسانية نادي بوحدانية الله خالق كل شئ .. و"توت عنخ آمون" الذي حاز شهرة في العالم المعاصر .

ومن أشهر ملكات هذه الأسرة على سبيل المثال الملكة " اياح حتب" زوجة الملك "سقنن رع" ، والملكة " أحمس نفرتارى " زوجة أحمس الأول ، والملكة "تى" بنت الشعب وزوجة امنحوتب الثالث وأم اخناتون ، والملكة "نفرتيتى" زوجة "اخناتون" والملكة العظيمة "حتشبسوت" التي حكمت مصر قرابة عشرين عاما . وبلغت مصر في عهدها أعلى قمة في الحضارة والعمارة والتجارة الدولية حيث أرسلت البعثة البحرية التجارية والعلمية إلى بلاد بونت كذلك شيدت واحدا من أعظم الآثار المعمارية وأكثرها روعة وفخامة وهو معبد "الدير البحري" على الشاطئ الغربي للنيل في مواجهة الأقصر وهو معبد فريد في تصميمه وليس له مثيل بين معابد العالم القديم كلها .
وشهد هذا العصر أيضا ثورة اخناتون الدينية حيث دعا إلى عبادة إله واحد ورمز له بقرص الشمس وأنشأ عاصمة جديدة للبلاد وأسماها "اخيتاتون".

وتعرضت مصر منذ حكم الأسرة 21 حتى 28 لاحتلال كل من الآشوريين عام 670 ق.م ثم الفرس حتى انتهى حكم الفراعنة مع الأسرة 30 ودخول الإسكندر الأكبر مصر.


فنون الحضارة الفرعونية
:

العمارة :":"

برع المصريون في فن العمارة وآثارهم الخالدة خير شاهد على ذلك ففي الدولة القديمة شيدت المصاطب والأهرامات وهى تمثل العمائر الجنائزية ، وأول هرم بني هو هرم زوسر ، ثم هرم ميدوم ، إلا أن أشهرها جميعاً أهرامات الجيزة الثلاث وتمثال أبو الهول وشيدت في عهد الأسرة الرابعة وبلغ عدد الأهرامات التي بنيت لتكون مثوى للفراعنة 97 هرماً .

ثم بدأ انتشار المعابد الجنائزية في عصر الدولة الوسطى واهتم ملوك الأسرة أل 12 بمنطقة الفيوم بأعمال الري فيها ، وأشهر معابد أنشأها ملوك هذه الأسرة معبد اللابرانت أو "قصر التيه" كما سماه الإغريق والذي شيده الملك " أمنمحات الثالث" في هوارة كما شيد القلاع والحصون والأسوار على حدود مصر الشرقية .

ويعتبر عصر الدولة الحديثة أعظم فترة عرفتها أساليب العمارة والصور الجدارية والحرف والفنون الدقيقة التي تظهر على حوائط بعض المعابد الضخمة المتنوعة التصميمات كالكرنك والأقصر وأبو سمبل . ويعتبر عهد تحتمس الأول نقطة تحول في بقاء الهرم ليكون مقبرة ، ونحت مقابر مختفية في باطن الجبل في البر الغربي بالأقصر تتسم بالغنى والجمال في أثاثها الجنائزي ويظهر ذلك بوضوح في مقبرة الملك "توت عنخ آمون" .

وقد عمد فنانو هذه الدولة - للحفاظ على نقوش الحوائط - إلى استخدام الحفر الغائر والبارز بروزاً بسيطاً حتى لا تتعرض للضياع أو التشويه ، وآخر ما اكتشف من مقابر وادي الملوك مقبرة أبناء رمسيس الثاني التي تعد من أكبرها مساحة وتحتوى على 15 مومياء .

أما المسلات الفرعونية فقد كانت تقام في ازدواج أمام مداخل المعابد وهى منحوتة من الجرانيت ، ومن أجمل أمثلة عمائر عصر الإمبراطورية المصرية القديمة معابد آمون و خوفو و الكرنك و الأقصر و الرمسيوم و حتشبسوت بالبر الشرقي والمعابد المنحوتة في الصخر مثل أبو سمبل الكبير و أبو سمبل الصغير .

وظهرت اتجاهات جديدة فى فنون العمارة والفنون التشكيلية والتطبيقية وضحت بصورة واضحة فى فن نحت التماثيل الضخمة والصغيرة وزخرفة أعمدة المعابد والنقوش الجدارية .



الأدب :=:

تؤكد آثار المصريين براعتهم في الكتابة والأدب ويظهر ذلك واضحاً فيما تركه المصريون من آثار ، ولن ينسى التاريخ فضل المصريين على الإنسانية في اختراع الكتابة التي سماها الإغريق "بالخط الهيروغليفي" وتتكون الأبجدية الهيروغليفية من 24 حرفاً .. واستخدم المصريون القدماء المداد الأسود أو الأحمر في الكتابة على أوراق البردي .

وبرع المصريون في الأدب الديني الذي تناول العقائد الدينية ونظرياتهم عن الحياة الأخرى وأسرار الكون والأساطير المختلفة للآلهة والصلوات والأناشيد ومن أقدم أمثلة الأدب الديني "نصوص الأهرامات" و "كتاب الموتى".

كما برع الأديب المصري القديم في كتابة القصص وحرص على أن تكون الكلمة أداة توصيل للحكمة وآداب السلوك وظل المصريون حريصين على رواية تراثهم من الحكم والأمثال وعلى ترديدها بأعيادهم واحتفالاتهم وتقاليدهم .

وبذلك كان المصريون من أحرص شعوب العالم على تسجيل وتدوين تاريخهم والأحداث التي تعرضوا لها في حياتهم وبهذه الخطوة الحضارية ظهر العديد من الأدباء والحكماء والمثقفين المصريين الذين تركوا لنا أعمالا تدل على مدى رقي الفكر والثقافة في مصر .

الموسيقي :=:

أحب المصري الموسيقى والغناء ، وأقبل المصريون على الموسيقى واستخدموها فى تربية النشء وفى الاحتفالات العامة والخاصة وخاصة في الجيش ، وكذلك استخدموها فى الصلوات ودفن الموتى .

وقد عرف المصريون في عصر الدولة القديمة آلات النفخ والوتريات مثل "الهارب" )اسمها الفرعوني تيبوتى( وابتدعوا أنماطا وأشكالا من الآلات التي تؤدى الإيقاعات والنغمات المختلفة وقاموا بتطويرها عبر مراحل تاريخهم القديم .

التزيين :=:

عرف قدماء المصريين التجمل بالحلي التي تميزت بالدقة الفنية العالية وجمال التشكيل واستخدمت العناصر الزخرفية من الطبيعة مثل نبات البردي والنخيل وزهر اللوتس كما استخدموا الأحجار الكريمة ، وحرصت المرأة بصفة خاصة على الاهتمام بزينتها واستخدمت الكحل والأساور والعقود والخواتم والقلائد والحنة .

واختلفت الملابس في مصر الفرعونية من طبقة إلى أخرى ، وكانت تصنع من الكتان الناعم أو من الأقمشة الحريرية المستوردة من بلاد سوريا القديمة ، وكانت الملابس تتنوع باختلاف المناسبات .

النحت في العمارة الفرعونية:---

نستطيع من النحت البارز و القوي معرفة النحت و اهم صفاته من واقعية و البروز نابضة بالحياة و رائعة الجمال. و من اهم هذه التماثيل:-
1- تمثال رع حتب و زوجته:==--
يظهر رع حتب و زوجته نفرت جالسين في وضع طبيعي يملأه الوقار فهو عار الصدر وهي ملتفة في ملبس من الكتان الأبيض و هي تريد أن تظهر نفسها و عيناها بارزتان بالمادة و كلا من التثالين موضاعان في المتحف المصري
2- تمثال شيخ البلد:==--
هو تمثال من الخشب اسمه الحقيقي كايبار و لقب بشيخ البلد لشدة الشبه بينه و بين عمدة البلد المجاورة التي عثر فيه هذا التمثال.
3- تمثال الكاتب الجالس:
من اجمل التماثيل المصرية حيث يكون جالساً القرفصاء ليكتب في وضع قديم و يوجه نظرة الحياة نحو عيني سبت ليدرك معنى الألفاظ التي يدونها على ورق البردى. و هو الان في متحف اللوفر في فرنسا.
4- تمثال أبوالهول (سفنكس):=-
ظل مغموراً تحت الرمال في الصحراء لآلاف السنين و اكتشف عام 1816م و من المعروف أنه اقيم في عهد الملك خوفو 3700 ق.م و أصلح أيام خفرع أو اعيد ترميمه و هو جسد أسد ورأس رجل و يحتمل أنه يرمز الى حورس اله الشمس المشرقة. و يبلغ ارتفاعه 65 قدماً وطوله 150 قدم و عرض وجهه فقط 13 قدم و 6 بوصات.

آلهة الفراعنة:=="
أمون
ملك المعبودات كان يحتّل مركزاً منقطع النظير في تاريخ الحضارة المصرية، ظهر اسمه في عصر الأسرة الخامسة ضمن (متون الأهرام)، ومعنى اسم (الخفي) رمزوا له برجل يجلس على العرش و على رأسه ريشتان طويلتان لونهما أحمر وأخضر فوق تاج عليه أحياناً قرص الشمس ظهر (آمون) في مدينة (طيبة) في الدولة الوسطى، زادت قوّته عندما اتخذه الملوك الذين طاردوا (الهكسوس) رمزاً لهم، فأصبح أهمّ معبود في الدولة، بل ومعبوداً عالميّاً للإمبراطوريّة المصريّة في عصر الدولة الحديثة ولقد زاد نفوذ كهنته وزادت ثرواتهم مما جعل بعض الملوك يستاؤون من ذلك كما حدث في عصر (إخناتون) ولقد احتفظ المعبود (آمون) بمكانته القوميّة بين المعبودات

المعبود بتاح :_:_
معبود مدينة (منف) صوّر في صورة إنسان ملتف بثوب محكم الالتفاف على جسمه كما هو الحال في الحال في المومياءات، جعلته أسطورة مدينته خالق العالم بواسطة قلبه= (الفكر) ولسانه= (الخلق بالنطق) اعتُبر أحد حماة الملكيّة، والمعبود المشرف على الأعياد التذكاريّة، نسب إليه اختراع الصناعات وصار الصنّاع تحت حمايته، وكان كاهنه الأعظم يحمل لقب (سيّد أساتذة الصنّاع) انتحل المعبود (بتاح) شخصية المعبود الجنائزي (سوكر)، وكوّن أسرة آلهيّة تتآلف من زوجته المعبودة (سخمت) وابنهما (نفر توم) اللوتس المعطّر

المعبودة ماعت
::
معبود مدينة (منف) صوّر في صورة إنسان ملتف بثوب محكم الالتفاف على جسمه كما هو الحال في اصوّرت في هيئة امرأة صغيرة جالسة وتضع ريشة نعامة فوق رأسها، كانت سنجة الميزان التي تمثّل الحق وتوضع في الميزان أمام القلب عند المحاكمة، وتصفها النصوص على انّها ابنة (رع) اعتبرت تجسيداً للحقيقة والعدالة، اعتبر (أوزير) كاهن الماعت في محاكمة المتوفّي، فكان يتكلّم بناءً على وحيها فلا يكذب، كما اعتبرت كلمة (ماعت) رمزاً على توازن العالم كلّه وتعايش جميع عناصره في سلام

المعبود حورس
://:
ابن المعبود (أوزوريس) يمثّل له على شكل صقر، كان في أوّل الأمر إله السماء كطائر جميل وظلّ بعض الوقت كإله الفضاء، واتخذ الشمس والقمر عينين له، وكان ذا صلة قويّة بالملوك الّذين وحّدوا مصر العليا ومصر السفلى ، فقد أصبح إله ملكيّاً وحارساً للملك، وبعد ذلك أصبح هو نفسه ممثّلاً للملك، وقد حرص كلّ ملك غلى انتسابه إلى المعبود (حورس) فكان لكل ملك (اسم حوري) يكتب داخل صورة واجهة القصر يعلوه المعبود (حورس) وأراد حورس أن ينتقم من عمّه المعبود (ست) فنشأ صراع بينهما أدّى إلى تغلّب (حورس) وأتباعه على (ست) وأتباعه، وأصبح الوريث الشرعي للملك


المعبودة إيزيس
:::
زوجة المعبود (أوزوريس) صوّرت في شكل امرأة يعلو رأسها قلنسوة عليها قرص الشمس محاطاً بقرنين، أنجبت ابنها (حورس) بعد وفاة أبيه (أوزوريس)، وذهبت به إلى أحراش الدلتا خوفاً من بطش عمه المعبود (ست). عرفت بأنها ربة السحر، ولا يعرف مكان نشأتها بالضبط، ورمزوا لها أيضاً بشكل (المقعد) مما يرجع بأنها ربة العرش الملكي، عبدت في أماكن عدة، وقد امتدت عبادتها في عصر البطالمة والرومان إلى ما بعد الحدود المصرية فكان لها معابدها وأعيادها وكهنتها في كافة جهات الدولة الرومانية حيث صارت المعبودة العامة للكون كله.

المعبود أنوبيس
:_:
ابن آوى أو الذئب، وكان يقود المتوفى في العالم الآخر، وأحياناً ما كان يتجسد في شكل حيوان (ابن آوى)، وقد اعتبر إلهاً جنائزياً عظيماً، وكان له معابد كرست لعبادته في مصر الوسطى، في مدينة أطلق عليها الإغريق اسم (كينو بواس) بمعنى : مدينة الكلاب

المعبود أوزير :+:
أشهر المعبودات المصريّة، ورمزوا له بملك محنّط وعلى رأسه تاج الوجه القبلي، تكتنفه ريشتان رمزاً للعدل اعتقد المصريون أن لديه قدرة على إمدادهم بالحياة، واستمرّت عبادته حوالي ألفيّ سنة و انتشرت معابده بطول البحر الأبيض المتوسّط وطبقاً لأسطورته الشهيرة عانى من الخيانة والموت على يد أخيه المعبود (ست) الذي كان يريد التخلص منه ليتزوّج زوجته المعبودة (إيزيس) ، وبفضلها استطاع أن يعود للحياة، وبذلك وفّر للبشريّة حياة أبديّة، كان في أوّل الأمر المعبود الممثّل للخصوبة، ثم صار بعد ذلك إله العالم الآخر وضامن البعث للبشر، ولقد مثُل كل ملك بعد وفاته بالمعبود (أوزوريس) ليضمن له حياة أخرى

المعبودة نفتيس :=:
زوجة المعبود (ست) ، اشتركت مع أختها المعبودة (إيزيس) في طقوس وقاية وبعث المعبود المتوفي (أوزوريس) قلّما عبدت وحدها، ولا تظهر إلا في أساطير (هيليوبولس)، وتقترن أحياناً بالربّات الأُخريات مثل (عنقت) وعُبدت (نفتيس) في الحقبة المتأخّرة في مدينة (ميد) بمصر العليا

المعبود تحوتي :=:
يرمز له بطائر المنجل (أبو قردان) وقد عُبد في عدّة أماكن في مصر ولكنّ مركز عبادته الرئيسي في مدينة (هرموبولس) وقد سيطر هذا المعبود على كل ما يتعلّق بالثقافة الذهنيّة مثل اختراع الكتابة وتسجيل الأحداث ووضع القوانين، و يعتبر(تحوتي) مخترع علم الحساب والفلك، وبذلك إله العلم والحكمة والفلك، وقد اعتبرته الأساطير كاتم سر المعبودات العظيم، واعتبره علماء اللاهوت بمدينة (منف) (لسان بتاح) واعتبرته نصوص أخرى (قلب رع) والقلب هنا بمعنى الفكر كما شبّهه الإغريق (بهرميس)

المعبودة حتحور :=:
اعتبرها المصريّون المعبودة الأم، سمُّيت (حتحور) في (منف) (حتحور الجمّيزة) أي التي تنتسب لشجرة الجميز المقدّسة، وقد صوِّرت بشكل بقرة أو سيّدة لها وجه بقرة، نسبها الإغريق إلى (أفروديت) كانت حاكمة السماء وجسمها الحقيقي، واعتبرت مربّية ملك مصر، وأصبحت في بعض العصور هي و المعبودة (إيزيس) معبوداً واحداً، وقد قدّست في مدينة (دندرة) حيث معبدها الشهير، كما جعلها المصريّون ربّة الأماكن البعيدة مثل (سيناء) و(بلاد بونت)، واعتبرت في (منف)و (طيبة) حارسة الجبانة

المعبود مونتو :::
يعتبر مونتو الصقر الحامي لمنطقة(طيبة) وحامي عدد كبير من ملوك الأسرة الحادية عشر، اعتبره المصريون (إله الحرب)، ولكن سرعان ما خبا نجمه في (طيبة) نفسها أمام المعبود(آمون) ، وعاد إلى الظهور مرة أخرى مع اضمحلال قوة كهنة طيبة، شيدت له عدة معابد في (ميد إموت) و (أرمنت) وحيوانه المقدس (بوخس) المدفون (بأمنت).

المعبود مين ://:
اعتبره المصريون حامي (إخميم) و (قفط)، وشبهه الإغريق بالمعبود(بان)، ومثل في شكل رجل متصلب يضع ريشتين على رأسه، كانت تماثيله تدهن بصبغة ترمز للخصوبة تتكون من النفط ومواد والمحرقة، وكان ذراعه اليمنى مثنية عند المرفق وترفع السوط الملكي الذي يوحي بالهيبة، والذراع الآخر وضعها تحت ثوبه. أطلق عليه لقب(الثور الذي يخدم الأبقار) الذي يهب الحياة والذي تفتح مواكبه موسم الحصاد، والذي تقدم له رؤوس الخس في الاحتفال، حيث اعتبر المعبود(مين) رباً للخصوبة

المعبود رع
:=؛
عبد المصريون المعبود (رع) منذ فجر التاريخ ورمزوا له بقرص الشمس أو الصقر ومقرّه الأساسي في مدينة (هليبوليس) حيث عرف باسم (أتوم) وذلك في الأسرة الأولى والثانية و في عصر بناة الأهرام حيث اعتبرت رمزاً لعبادة الشمس، ودلّت على زيادة أهميّة عبادة الشمس ظهر اللقب الملكي (ابن رع) في عصر الملك (خفرع) ، وهذا اللقب ينتسب به الملك للإله (رع)، وفي الأسرة الخامسة زادت عبادة المعبود (رع)، بشكل كبير حيث أصبح اسم كل ملك يحتوي على اسم(رع) وفي الدولة الحديثة اقترن مع بعض المعبودات الأخرى مثل (آمون) وأصبح اسمه( آمون رع)، وكان لإله الشمس مركبان لرحلة النهار والليل حيث يشاركه المتوفى هاتين الرحلتين؛ لضمان سلامته من الأخطار، وكان المعبود (رع) يسمّى في الصباح (خبر)(الطفولة) وفي الظهيرة (رع)(الشباب)، وفي الغروب(أتوم)(الشيخوخة)

المعبودة موت
==:
المعبودة(موت) زوجة المعبود(آمون) وعبدت بمدينة(طيبة)وكان يرمز لها بسيدة تحمل على رأسها تاجي مصر وتمسك بيدها نبات البردي,ولقبت بملكة الملكات-بنى لها الملك(أمنحوتب) الثالث معبداً لا تزال آثاره باقية إلى الآن بالكرنك

المعبود خنسو
:،:

يعتبر المعبود (خنسو) ابناً للمعبود (آمون) ، وكان يمثّل في شكل رجل له رأس صقر يعلوه قرص قمري، كما ظهر أيضاً في صورة مومياء أو طفل يعتبر أحد آلهة القمر، وله ألقاب كثيرة(خنسو السامي العقل) (لقبه الطيبي)(صاحب السمو)(خونسو المدبّر في طيبة) (المعبود الذي يطرد الأرواح الشريرة)

المعبود خنوم
::
صوّر المعبود (خنوم) في صورة رجل له رأس كبش وقرون مزدوجة، عرف على أنّه المعبود الخالق للكائنات الحيّة، حيث أنّه خلق الإنسان من (طين النيل) واتخذ لنفسه وظائف ثانويّة كحارس لمنابع النيل وكان مركز عبادته في الّشلال (عند فيلة) حيث كان يحكم هناك، عرف أيضاً (بالخزاف) الذي يشكّل البيضة التي تخرج منها الحياة كلها، ذاع صيته بنوع خاص في النصوص التي بمعمد (إسنا) والتي يرجع تاريخها إلى القرن الأول المسيحي

المعبودة سخمت
زوجة المعبود (بتاح) ، ويرمز لها بسيّدة لها رأس لبؤة، وعلى رأسها قرص الشمس محاطاً بثعبان والمعنى الحرفي لاسمها (القويّة)، اعتقدوا أنّها متوحشّة في الحروب تمنع الشرور عن المعابد، كان مقرّ عبادتها في مدينة (منف)، اعتبرت مظهراً لعين (رع) في حالة غضبه ومهلكة لأعداء الشمس غير أن الناس عرفوا كيف يقيمون طقوس (ترضية سخمت) لجعل هذه (المعبودة المتعطّشة للدماء) و (سيّدة رسل الموت) سيّدة خيّرة، ولقد كوّن كهنة (سخمت) أقدم جمعيّة للأطبّاء الجراحيّين و البيطريّين....


المعبود ست
:
المعبود (ست) له شكل حيوان غريب؛ فله جسم كلب صيد وذنب طويل متصلّب مشقوق الطرف وعيناه لوزيّتان وأُذناه طويلتان مستقيمتان، ولا يعرف حتى الآن إن كان كلباً أو ذئباً ولكنّه في الغالب مخلوق يضم أكثر من كائن عُبد في مدينة (أفاريس) واعتبره المصريّون  ، ربّ العواصف،  عرف باسم(ست شديد الغضب) اعتبر الملك (ستي) نفسه ابنه الإلهي، واعتبر رمسيس نفسه (عابده الوفي)و  كما اعتبره المصريّون أيضا إله الشر ويتّضح ذلك في عدائه لأخيه (أوزوريس) وابنه (حورس)
المعبود بس ....
إله منزلي مشوّه الخلقة، غزير الشعر، يلبس باروكة من الريش وجلد أسد، ويخرج لسانه من فمه، وظيفته حماية الناس من الشر و الزواحف والكائنات المؤذية ومظهره المضحك يدخل السرور على قلب كل إنسان - و هذه تعتبرصورة تعبيرية عن الوجدان الانساني المصري القديم ايضا، كانوا يصوّرونه على لوحات حجريّة وعلى الأواني والتمائم السحريّة وعلى تيجان أعمدة (بيت الولادة)، اعتبره المصريّون أحد الجنّة الخيّرة الذي يقي النساء ساعة الولادة من كل ما يسبّب لهن الأذى
المعبود نخبت //
ربة مدينة(الكاب) و عي مدينة بمصر العليا,وسرعان ما أصبحت (نخبت) حارسة,وحامية للجنوب مثلما كانت الكوبرا(واجت)في مدينة(بوتو)في الشمال- ,تظهر في النقوش بصفتها حامية للملك,كانت تعتبر سيدة أودية الصحراء التي تشرف مدينة(الكاب)على مخارجها,كما أنها منحت مكاناً في الدورة الشمسية, كما اعتبرها المصريون ربة الولادة,شبهها الإغريق بالمعبودة(إيلثيا) - و هي من عدة آلهة كما هو معهود في العصور القديمة .
و للموضوع بقية و بقية
هذه بداية  في الموضوع عن الحضارة المصرية التي يجب توضيحها 

السبت، 8 يونيو 2013

العمارة المصرية القديمة Ancient Egyptian architecture


Pharaonic architecture (Egyptian) old
العمارة المصرية القديمة

كانت مصر تمتلك منذ أقدم العصور الجيولوجية المقومات البيئية الطبيعية والعناصر الضرورية لتأسيس حضارة محلية عريقة وهذه العناصر البيئية قد أثرت بدورها في أقدم السلالات البشرية التي استقرت على أرض مصر كما أثرت في نشأة الحضارة المصرية القديمة وساهمت في نموها بفضل مجهودات الإنسان المصري القديم .
ومن هنا فلا غني للفنان المصري التعرف علي العوامل المختلفة التي كان له فيها تأثير واضح مثل طبيعة مصر وما لها من اثر علي سكانها وعلي الفنانين وهي تمتاز بقوة شخصيتها ووضوح معالمها وجلاء مظاهرها وانتظام أحوالها ومن هنا نلاحظ أن فن كل أمه يخضع المؤثرات لمدة تختص بطبيعة الإقليم الذي نشأت فيه ومن الخطأ مقارنة فن دولة بفن دولة أخري وكل ذلك لأن الفن عامة والعمارة خاصة تتأثر بالعديد من العوامل المختلفة المتعلقة بالدولة مثل التأثيرات الجغرافية والمناخية والدينية وغيرها .
وسوف نتحدث عن العوامل التى اثرت على العمارة الفرعونية القديمة:-
 
1 ـ العوامل الجغرافية :   Geographical factors

لقد كانت علاقة الإنسان ببيئته الجغرافية لها تأثير متبادل كما أن الإنسان وجد مصادر أخري استغلها لنفعه واستقراره وبناء حضارته مثل المنخفضات التي تحولت لبحيرات ولقد تمتعت مصر بموقع جغرافي متميز حيث تقع بين ملتقى قارات العالم الثلاث مما يسهل لها عمليات الاتصال الخارجي . وعند تعبير المصريون القدماء عن مصر أطلقوا عليها العديد من الأسماء مثل : ـ

كيمية الأرض السوداء وهو رمز للون التربة وكثافة الزرع وجعلوا من الاسم العديد من الأسماء الأخرى مثل ( تا نكيمة ) ولعل ذلك لأنها تقع علي شريط ضيق من الأرض الخصبة علي شواطئ نهر النيل وقد عرفت أيضا باسم ( دشرت ) وتعني الأرض الحمراء إشارة للصحراء المصرية كما عرفت باسم ( تامحو ) ، ( تاشمعو ) ، (تامري ) ، ( ادبوي) بمعني عين الأرباب ( ذات المحرابين ) وسميت ( مجرو ) وفي الكتب السماوية باسم مصر كما عرفت في نصوص الدولة الحديثة باسم ( تامري ) أي ارض الفيضان وعرفت في العصر البطلمي ( بيا ) أي ارض المعجزات ( وتانثرو ) ارض المقدسات وفي النصوص الآشورية تحت اسم ( موحري) .

ولقد كانت مصر تقع في أقصي الشمال الشرقي للقارة الأفريقية وتبلغ مساحتها 3 % من مساحة أفريقيا ولهذا تعتبر مصر جزء هاما في منطقة نشوء حضارات الشرق القديم وبغض النظر عن الترتيب الزمني وتحكم الموقع في مواصلات الشرق والغرب مما ساعد علي قيام علاقات تجارية مع البلاد المجاورة وبذلك نجد التشابه الكبير في العمارة في مصر والبلاد المجاورة لها وخاصة التخطيط المعماري للمساكن والتصميمات الزخرفية المتنوعة والطوب اللبن والبناء علي تلال صناعية مرتفعة وعملوا علي إقامة السدود والقناطر علي امتداد مجري النيل للاستفادة من مياه فيضانه مما زاد من رقعة الأرض الزراعية وكان من أسباب التوحيد .

2- العامل الجيولوجي : ـ Geological factor

ان المصادر والموارد الطبيعية لكل إقليم تحدد سمات الطابع المعماري له فلقد كانت مصر غنية بأحجارها الجيرية والرملية وأيضا الالبستر والجرانيت والمستخدمة بجانب العمائر في التحف الزخرفية حيث أن مصر فقيرة في المعادن الأولية ولكن أتاحت وفرة الأحجار المختلفة في مصر تشييد المعابد الضخمة والمقابر ذات الغرف العديدة وإقامة التماثيل الكبيرة ولقد استخدم الجرانيت الأحمر الخشن في صناعة التماثيل الضخمة والأسود الصغرى لجودة مادته واحتفاظه بلونه أما التلال والهضاب المحيطة بالوادي فلقد كانت مغطاة بالغابات ذات الأشجار الكثيفة والبوص وذلك بسبب الفترة المطيرة في العصر الحجري الحديث . كما كثرت المجاري والمستنقعات الغنية بنباتاتها وخاصة البردي واللوتس واستخدم المصري القديم الأخشاب في الأعمال المعمارية المختلفة كما اشترك مع الطوب اللبن في العمارة لسهولة التشكيل والرخص والدفء ثم اتجه لاستخدام الأحجار بشكل واضح في الأسرة الثالثة .

3- العامل المناخي : ـ   Climatic factor:

لقد استطاع المصري أن يكيف مبانيه بحيث تتواءم مع طبيعة العوامل المناخية السائدة في البلاد فحينما كانت مصر تتميز بوفرة أمطارها خلال عصر ما قبل الأسرات استخدم المصري القديمة الأسقف المائلة التي نري صداها بحجرات الدفن الملكية بالأهرامات خاصة خلال الدولة القديمة ولقد شهدت الأرض في زمن البلايستوسين أربع أزمنة مختلفة من الزحف الجليدي علي المناطق الشمالية من الكره الأرضية من ناحية وأربع فترات من الأمطار الغزيرة علي النواحي الجنوبية من ناحية أخري ومن هنا فلقد وقعت منطقة نشوء الحضارة في مكان وسط بين الزحف الجليدي من الشمال والأمطار من الجنوب مما جعلها تتميز بمناخ معتدل نسبياً ومن ثم لا تعوق حرية التحرك والانتقال وكل هذا أدي إلى أن تكون واجهات المعابد غير مخرمة أو مثقوبة بفتحات مما أضفي من الظلمة الذي يعطي الإحساس بالرهبة المطلوبة في المعبد من الناحية الدينية ولعدم توافر أمطار غزيرة أصبحت الأسقف أفقية دون ميول بل كان يكتفي باستخدام أسقف سميكة من الحجر تكون عازلة لحرارة الشمس ومياه الأمطار من الشرب وهنا نلاحظ تكامل في عناصر البيئة المصرية من حيث : ـ

1- توافر المناخ الصالح للإنبات والنمو والحصاد .
2- توافر التربة الخصبة والطمي الغني الذي تجلبه مياه الفيضان .
3- وفرة المياه في كل الأوقات من العام سواء من النيل أو توافر الأمطار الشتوية .
4- وفرة المواد المختلفة اللازمة للإبداع الفني والعناصر المعمارية المختلفة . .

4- العامل الديني :-   The religious factor

لا يوجد في تاريخ العالم أمة تأصلت فيها الديانة وامتزجت بمياه أهلها مثل مصر ومن هنا عند الحديث عن العامل الديني فإننا نصف أهم جزء من تاريخ مدينتهم القديمة ويذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت بطريقة يبدو منها بوضوح أنه كان يسجل اقتناعا راسخا في ذهنه بان اهتمام المصريون الزائد بالدين وصل لدرجة الوسوسة وقد جاوز كل المقاييس ولقد بني حكمة علي ذلك من خلال الطقوس الدينية المختلفة والمنشآت المعمارية المتنوعة فلقد بلغت حد المغالاة في مظاهر التعبد لإقامة العديد من العمائر الضخمة فليس هناك في العالم مقابر تماثل الأهرامات العظيمة أو المقابر المحفورة في الصخر في طيبة.

ومن هنا فلقد لعبت التأثيرات الدينية دورها في نشاط العمارة حيث دفعت المصريين إلي الاهتمام بتشييد دور العبادة و العناية بعمارة المقابر باعتبارها بيوت خالدة في حين بنيت القصور والمساكن من الطوب الني والمحروق باعتبارها بيوت للدنيا الزائلة وان كانوا قد اعتنوا بزخرفة أسقفها وأعلي جدرانها وأحيانا أرضيتها بما يبعث روح البهجة عليها وعندما انقسمت الالهة المصرية لنوعان آلهة محلية وأخري كونية فلقد اختلفت المنشآت المعمارية لكلاهما عن الأخرى فنلاحظ أن الآلهة الكونية فقد نشأت نظرا لتأثيرات مظاهرة الطبيعة علي أخيلة المصري فرأى في الشمس والقمر والأرض والسماء والماء والهواء آلهة يرحب جانبها ويقدسها حيثما تكون ، ومن هنا فلقد عمل علي إقامة منشأتها المعمارية في الهواء ليتناسب مع هذه العبادة كما ظهر في معابد الشمس في هليوبوليس و أبو صير ومدينة تل العمارنة بينما الأخرى كانت تتم في الظلام الدامس كما أن العقيدة الجنائزية أو الطقوس المكرسة للأموات أثرت في شكل وتخطيط المقبرة علي اعتبار كونها هي البيت الأبدي للمتوفى حيث يمكن أن تسمر الحياة ويجتمع هناك البا مع جسمه والمومياء أو تمثاله بحيث يمكنه أن يدخل ويخرج بحرية مثلما تذكر فقرات عديدة من كتاب الأموات .

5- العوامل الاجتماعية :-  Social factors

لا يوجد مصادر أساسية يرجع إليها الفضل في معرفتنا بالعمارة مثلما نراه محفوظا من الكتابات والرسوم المدونة علي جدران العمائر الفرعونية وكذلك ما جاء في أوراق البردي التي عثر عليها وما ذكره كتابات الإغريق ولعل من أجمل الرسوم التي عثر عليها في بعض المقابر القديمة في طيبة وسقارة ما يمثل المصريون في أعمالهم اليومية في الرياضة وفي الصيد وعملهم في الحقل وفي صناعاتهم وكانت صناعات الحرف اليدوية مزدهرة كالنسيج وصناعة الزجاج والخرف والمعادن وصياغة المجوهرات والأثاث .

ولقد كان لازدهار تلك الصناعات اكبر الأثر في رخاء حياه المصريين بين الأمم وشعوب الأرض ولعل ما هو موجود في المتحف المصري وفي متاحف العالم المشهور اكبر دليل علي ذلك ولقد كان هذا التطور دليل علي مدي التطور في العمارة فعندما كانت حياته تعتمد علي الترحال فقد شيد أكواخ لكنه من مواد خفيفة يمكن حملها من مكان لأخر ولكه بمجرد تعرفه علي الزراعة بدأ في الاتجاه للاستقرار واستأنس الحيوانات وبدأ في تشييد الأكواخ والمنازل الثابتة التي تكونت من هياكل من ألواح خشبية ثم من الطين والطوب اللبن .

6- العامل التاريخي :-  Historical factor

أن الأحداث التاريخية والأوضاع السياسية كان لها شديد الأثر علي النشاط المعماري وأيضا الأوضاع الخارجية أثرت علي العمارة في مصر فنلاحظ خلال عصر الدولة القديمة شهدت البلاد تطور معمارياً هائلا حتي أنه أطلق علي هذه الفترة عصر بناه الأهرام وذلك نظرا لتشييد أهرام الجيزة الثلاثة ، ونلاحظ أن البلاد خلال هذه الفترة كانت تتمتع بالاستقرار السياسي داخلياً ،  وخارجياً مما أثر علي خزانه الدولة بالقوة والثراء وفي عصر الهكسوس شهدت البلاد ركودا تماما في جميع المجالات المختلفة ومن بينها العمارة. أما في عصر الدولة الحديثة فلقد شهدت البلاد أعظم فترة عرفتها العمارة المصرية القديمة فبعد أن ارتاحت مصر من الهكسوس وتم طردهم وأصبحت طيبة عاصمة لمصر وزاد الرخاء والازدهار. وبالرغم من النشاط الخارجي إلا أن الملوك عملوا علي تشجيع إقامة المباني والمنشآت المعمارية .....منقول