الجمعة، 19 يوليو 2013

اليم - كلمة هيروغليفية - في قصة سيدنا موسي ( زمن المصريين القدماء ) الفراعنة.........................

الإعجاز الأثرى والتاريخى للقرآن الكريم فى استخدام الكلمة الهيروغليفية "اليم" فى قصة موسي عليه السلام

‏5 سبتمبر، 2012‏، الساعة ‏10:34 مساءً‏
الإعجاز الأثرى والتاريخى للقرآن الكريم فى استخدام الكلمة الهيروغليفية "اليم" فى قصة موسي عليه السلام:

لا يقتصر الإعجاز العلمى للقرآن الكريم حول حقائق العلوم البحتة، بل يمتد ليشمل إشارات تاريخية وأثرية كثيرة تقدم – بما لا يدع مجالاً للشك – أدلة قوية بأن هذا القرآن هو كلام الله عز وجل ووحى منه لمحمد صلى الله عليه وسلم.

من تلك النماذج سالفة الذكر هى ما تعرضت له الآية الكريمة فى سياق قصة موسي عليه السلام:
قال تعالى:

" وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ *  وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " (سورة القصص 7-9)

يقول ابن كثير فى تفسير هذه الآية: " وذلك أنه كانت دارها على حافة النيل ، فاتخذت تابوتا ، ومهدت فيه مهدا ، وجعلت ترضع ولدها ، فإذا دخل عليها أحد ممن تخاف جعلته في ذلك التابوت ، وسيرته في البحر ، وربطته بحبل عندها . فلما كان ذات يوم دخل عليها من تخافه ، فذهبت فوضعته في ذلك التابوت ، وأرسلته في البحر وذهلت عن أن تربطه ، فذهب مع الماء واحتمله ، حتى مر به على دار فرعون ، فالتقطه الجواري فاحتملنه ، فذهبن به إلى امرأة فرعون ، ولا يدرين ما فيه ، وخشين أن يفتتن عليها في فتحه دونها . فلما كشفت عنه إذا هو غلام من أحسن الخلق وأجمله وأحلاه وأبهاه ، فأوقع الله محبته في قلبها حين نظرت إليه ".

ولعل ما يثير الدهشة والحيرة فى الآية الكريمة السابقة هو استخدامها لكلمة "اليم"، وهى كلمة ليست من الكلمات العربية، ولم يرد ذكرها فى التراث اللغوى للعرب فى العصور الجاهلية قبل الإسلام. فى حقيقة الأمر كلمة "اليم" هى كلمة هيروغليفية استخدمها المصريون القدماء للتعبير عن معنى البحر (أنظر الكلمة فى الشكل المبين أدناه).

وكأحد الباحثين فى مجال علم الآثار والمصريات على معرفة بالأشكال التصويرية والمخصصات اللغوية والحروف الأبجدية للكتابة الهيروغليفية فى مصر القديمة، فلطالما استوقفتني هذه الآية الكريمة نظراً لاستخدامها لكلمة "اليم" الهيروغليفية فى هذا الموضع تحديداً من قصة موسي عليه السلام فى سورة القصص. وقد ظلت هذه الحيرة تشغل بالى حتى توصلت مؤخراً إلى أن استخدام هذه كلمة "اليم" التى تعنى "بحر" إنما هى  إعجازاً أثرياً آخر يؤكد ما ورد بالقرآن الكريم، لأنها تشير إلى فرع النيل القديم الذى كان يمر بهذه المدينة التى جرت فيها تلك الأحداث المذكورة بالقصة. فقد أثبتت الكشوف الأثرية أن فرعاً قديماً للنيل لم يعد موجوداً الآن كان يمر من مدينة "أواريس" (Avaris) – موقع تل الضبعة ثمانية كيلومترات إلى الشمال من مركز فاقوس بالشرقية (الإحداثيات: 30° 47’ N, 31° 50’ E) التى كانت عاصمة لملوك الهكسوس فى عصر الإنتقال الأول، كما كانت عاصمة لملوك الرعامسة فى عصر الدولة الحديثة إبان الوقت الذى ظهر فيه موسي عليه السلام بمصر من سلالة الأسباط الإثنى عشر (يوسف وإخوته) الذين استقروا فى شرق الدلتا فى عصر الهكسوس. وقد عثر بالمدينة على أربعة قصور ملكية تقع على حافظة فرع النيل القديم ترجع لعصور مختلفة، كما عثر أيضاً على ميناء بحرى كان يضم الأسطول البحرى لملوك الرعامسة.

ولكن يبقى التسائل الملح حول سبب استخدام القرآن الكريم للكلمة الهيروغليفية التى تعنى "بحر" بدلاً من استخدام كلمة "النهر" وهى كلمة هيروغليفية تختلف فى طريقة كتابتها ونطقها عن كلمة "اليم". والواقع أن فى هذا إعجاز آخر، فإنه من المألوف والدارج لغوياً لدى المزارعين فى أرياف مصر أن يطلقوا كلمة بحر على أفرع وقنوات النيل التى تمر بمدنهم، وهى ثقافة إجتماعية ولغوية لا تزال شائعة بين المصريين منذ عصر الفراعنة إلى يومنا هذا، فنرى – على سبيل المثال وليس الحصر – أهل الزقازيق يطلقون كلمة "بحر مويس" على فرع النيل الذى يمر بالمدينة، إلى جانب غيرها من الأمثلة التى لا تعد ولا تحصى فى صعيد مصر ودلتاه.

أوجه وحقيقة الإعجاز فى الآية الكريمة:
---------------------
من المعروف أن أقدم الكتابات والرموز الهيروغليفية التى عثر عليها يرجع تاريخها إلى الألف الرابع قبل الميلاد فيما يصطلح عليه بعصر ما قبل الأسرات، حيث عثر على حروف وكلمات هيروغليفية على بعض آنية الفخار التى نتجت عنها الحفريات بجبانة "جرزة" التى ترجع إلى حضارة نقادة الأولى والثانية التى تقع على حافة النهر إلى الشرق من الفيوم الحالية. واستمر استخدام اللغة الهيروغليفية بشكل متطور منذ  عصر الأسرات الأولى والثانية مروراً بكافة عصور الأسرات وحتى نهاية العصور الفرعونية باحتلال الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد. وكان من شأن تلك التغيرات السياسية أن انعكست على الكتابة الهيروغليفية سلباً حتى اضمحلت وصارت لغة ميتة، فبحلول القرن الرابع الميلادى لم يعد هناك من يتمكن من قراءة أو كتابة الهيروغليفية، خاصة بعد ان أصدر الإمبراطور الرومانى تيودور الأول قراراً عام 391 ميلادية بغلق كافة المعابد المصرية – بعد تبنى الإمبراطورية الرومانية المسيحية كدين رسمي للدولة، ومن ثم كان آخر أثراً تاريخياً يحمل نقوشاً بالكتابة الهيروغليفية هو نقش أثرى من مدينة فيلة التى تقع إلى الجنوب من أسوان، والذى يؤرخه الأثريون إلى عام 394 ميلادية.

ومن المعروف أن أول محاولات لفك طلاسم الكتابة الهيروغليفية ترجع إلى القرن التاسع والعاشر الميلادى حين نجح بعض العلماء العرب من أمثال ذو النون المصرى ، وابن وحشية العراقى فى فك طلاسم تلك اللغة الصعبة بل ونجحوا فى تحديد القيمة الصوتية لهذه للأبجدية الهيروغليفية، كما توصلوا إلي تعريف الأشكال ذات المقاطع الصوتية الثنائية والثلاثية التي توضع بعد نهاية الكلمات وأطلق عليها اسم "المخصصات" وهو المصطلح الذى يستخدمه الأثريون للتعبير عن الكتابة الفرعونية حتي وقتنا الحالي.

ولعل السؤال الذى يطرح نفسه هاهنا هو: كيف تمكن رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام الذى عاش فى الفترة من 570 إلى 632 ميلادية من التعرف على كلمة "اليم" الهيروغليفية التى لم تكن تنتمى إلى اللغة العربية فى هذا الوقت، بعد مرور أكثر من مئتى عاماً على اندثار الهيروغليفية، إلا إن كان ما ورد على لسانه فى تلك الآيات الكريمة هو وحى من الله عالم الغيب والشهادة؟

بحث مقدم من / أكرم عزمي عبد العزيز توفيق
خريج شعبة الآثار المصرية – كلية الآداب – جامعة الإسكندرية


المصادر:
- Aston D. A.,Tell el-Dabca XII. A Corpus of Late Middle Kingdom and Second Intermediate Period Pottery, in collaboration with M. Bietak and with the assistance of B. Bader, I. Forstner-Müller and R. Schiestl, UZK 23, Österreichische Akademie der Wissenschaften, Denkschriften der Gesamtakademie 28, Wien, 2004

- Tronchère H. et al, Geoarchaeology of Avaris: First Results, Ägypten und Levante 18, 327-339, 2008

- W. Bulmer & Company, Ancient Alphabets & Hieroglyphic Characters Explained: With an Account of the Egyptian Priests, Their Classes, Initiation, & Sacrifices, in the Arabic Language, 1806.

- Antonio Loprieno (1995). Ancient Egyptian: a linguistic introduction. Cambridge University Press. pp. 12–. ISBN 978-0-521-44849-9. Retrieved 31 October 2011.

- Richard Mattessich (2002). "The oldest writings, and inventory tags of Egypt". Accounting Historians Journal 29 (1): 195–208. JSTOR 40698264

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق